Thursday, May 17, 2012

الشعب الفلسطيني.. أربعة وستون عامًا مع التحية

أحمد سند البنعلي
أربعة وستون عاما مرت حتى الآن على الشعب الفلسطيني وهو ما بين الشتات دون وطن أو نظام أو أمن وبين العيش في ظل احتلال يعمل جاهدا على سلخ هذا الشعب عن هويته ويكيل له العذاب كل يوم بل كل ساعة من الأربع وستين عاما الماضية دون إشارة من قريب أو بعيد إلى قرب زوال هذه المحنة.

أربعة وستون عاما مرت على ضياع أرض عربية ليست ككل أرض بل هي أرض مقدسة عند جميع الأديان وضاعت معها أراض عربية أخرى بسبب خنوع وخضوع النظام العربي الزائل الذي لم يعط هذه القضية ما تستحق وآثر عليها الكرسي الزائل.
بعد هذه السنوات الطويلة ليس لنا إلا أن نستصغر أنفسنا أمام هذا الشعب العربي الفلسطيني العظيم الذي لم يخضع يوما ولم ينحن للاحتلال يوما ولم يعترف بضياع أرضه يوما بل استمر صامدا مقاوما بالرغم من الصعاب والظروف غير الطبيعية التي تقف أمامه والتي لم تواجه شعبا آخر قبله.
في هذه الذكرى المؤلمة التي يرتفع معها ضغط الدم عند كل العرب الحقيقيين وليس المزيفين يحق لنا أن نهنئ النظام العربي والأنظمة العربية التي باعت القضية وسقطت في فخ التطبيع مع العدو الصهيوني على سقوطها وخيانتها للقضية وخيانتها كذلك للشعب العربي والدين الإسلامي، نهنئها على فسادها وخيانتها وتعاظم الذات لدى قادتها وانسلاخها عن أهداف أمتها العربية والإسلامية.
وفي هذه الذكرى المؤلمة ليس لنا إلا أن نبارك للنظام العالمي خذلانه للشعب العربي الفلسطيني وانحيازه الظالم للصهيونية العالمية وخضوعه للولايات المتحدة الأمريكية التي لم تترك مناسبة ولا موقف إلا وأثبتت فيه عداءها للشعب العربي بكل أطيافه وتكريسها لاغتصاب فلسطين تحت ذرائع هي ذاتها تعرف أنها خاطئة وغير صحيحة، وليس لنا إلا أن نرفع القبعة كما يقال تحية لهذا النظام العالمي الذي تشكل بيد من انتصر في الحرب العالمية الثانية لخدمة المنتصرين وليس الشعوب المضطهدة أو حقوقها المغتصبة، هذا النظام الذي ينظر بنصف عين وليس بعين واحدة، نصف عين يفتحها على ما تراه الإدارة الأمريكية فقط وهي التي لا ترى إلا بالعين الصهيونية ومع ذلك تتبجح بالدفاع عن حقوق الإنسان وكأن الشعب العربي الفلسطيني ليس فيه إنسان واحد أو أن الإنسانية ترتبط فقط بالصهيونية العالمية التي تهيمن على القرار الأمريكي مع أن هذه الصفة ( الصهيونية ) تتناقض والإنسانية وكذلك اقل قدر من حقوق الإنسان المتعارف عليها دينيا ودوليا.
إذا كان النظام العربي الزائل قد باع القضية وارتمى في الحضن الأمريكي الصهيوني فإننا أمام تشكل نظام عربي جديد خلال الأعوام القليلة القادمة من المفترض أن يكون فيما مضى عبرة له يعتبر بها من سيكون على دفة القيادة العربية في السنوات القادمة ليس من الناحية الديمقراطية أو دمقرطة المجتمع فقط وهي مهمة بل أساسية في النظام العربي الجديد ولكن كذلك من جهة الكرامة العربية والحقوق العربية المغتصبة هنا وهناك، هذا النظام الجديد مطلوب منه أن يعمل على محو العيوب والنواقص التي صاحبت النظام العربي الزائل فالجماهير العربية كسرت القيد النفسي الذي كان يقف حائلا بينها وبين تطوير مجتمعها وستكون على استعداد للخروج إلى الشارع لتحديد المسار الذي تريد، فكما هب الشعب العربي السوري يريد استرداد كرامته التي أهدرها نظامه الحالي ولا زال بالرغم من آلاف الشهداء الذين سقطوا ولا زالوا يسقطون، فإن الشعب العربي بكامله سيقوم مطالبا بكرامته لو جنح النظام العربي الجديد منحى النظام الزائل في نسيان هذا الجانب وغيره من جوانب كرامة الإنسان العربي.
وسائل الإعلام العربي نجدها تتعمد كما نرى تجاهل هذه الذكرى خصوصا الإعلام التابع للنظام العربي المصر على تجاهل القضية وإجبار الآخرين على نسيانها ليس لمصلحة الأمة ولكن لمصالح من يقبع على القمة، فقط بعض وسائل الإعلام الخاصة المرتبطة بالجماهير أكثر لا زالت تتفاعل مع هذه الذكرى وتحاول جاهدة إحياء الحس العربي الذي حاول إماتته النظام العربي الزائل.