Thursday, May 17, 2012

مكالمة مع الوطن

طارق العامر
آلو بحرين.. وطن الكرام.. صباح الخير يا وطني، هل تذكرني؟ انا من ابناء «الفاتح» أرجوك تذكرني.. تيت.. تيت.. تيت.. الو الو!! مر اكثر من عام على ازمة 14 فبراير، يتذكر فيه اهل «الفاتح» بعض من أجدع وأشجع وأروع المواقف خلال الازمة، احدها لقاء سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة المستمر مع الكتاب والإعلاميين للشد من أزرهم وتحفيزهم على بذل العطاء في سبيل الدفاع عن بلدهم بالكلمة، وأتصور ان أجدع تلك المواقف هي زيارة سموه لـ «فتاة البسيتين» والتي تم الاعتداء عليها في 8 مارس 2011 اثناء مرورها بجانب «الدوار»، اما اشجعها فهي زيارة سموه في 14 أبريل 2011 لمجمع السلمانية، وحسب وجهة نظري فإن أروعها زيارات سموه العديدة لرجال الشرطة سواء في القلعة او في المستشفى للتضامن مع المصابين.. يووووا، هي مواقف كثيرة سيذكرها التاريخ، وانا جاهز لتدوينها، حتى يتحاكى به جيل وراء جيل!! الو يا بحرين.. وطن الكرام.. الوووو، أسمعني ولا تغلق الخط: كنا نتصور يا وطن بأن 14 فبراير امتحان للجميع، واولهم القيادة، وكنت اتصور ان بعد هذه المرحلة سيحدث العكس، وسيتم التعامل مع «الفاتح» على انها بطل تاريخي، ولكنك لو تفحصت يا وطن سجلات طلبات الاسكان، وقائمة طابور معونة الغلاء، وكشوفات الحاجة والعوز، فستفاجئ بأنها ممتلئة من اهل «الفاتح»!! ولو مريت على اقرب مركز شرطة فستجد أن كل المعسرين والمطلوبين في قضايا مالية وشيكات هم من اهل «الفاتح».. دقق في كشوفات العاطلين.. اصحاب الأنذار بقطع الكهرباء.. القوائم على اصولها، كلهم كلهم من اهل «الفاتح»..!! لحظة يا وطن، أرجوك لا تقفل الخط، وأمهلني حتي أكمل كلامي: تفحص ياوطن سجلات المنعمين والمكرمين والهبات والعطايا.. هل تفاجأت؟ نعم يا وطن، هم أنفسهم من تآمر عليك ووقف في «الدوار».. هل لا حظت الفرق في التعامل!! فرق كبير بين هذا وذاك، ولعل العرب رأوا بوضوح حكمة حكيمهم الجاهلي زهير بن أبي سلمى، والتى لم نراها نحن، حين قال: «ومن يصنع المعروف في غير أهله يكن حمده ذماً عليه ويندم». الو يا وطن.. سامعني، هل صوتي واضح؟ طيب سأعلي صوتي: تخير يا وطن اي واحد من اهل «الفاتح» وأسأله: ماذا أستفدت من وقفتك التاريخيه؟ سيجيبك وهو مبتسم: لا شئ؟ وسيواصل الحديث: يا وطن مثلي حين وقف في: الفاتح» لم يكن ينتظر او يطمع في شيء، نحن وقفنا فداء لتراب هذه الأرض، ولو شاء القدر ان نقف مرة ثانية وثالثة وحتى عاشرة فسنقف دون تردد!! على فكرة يا وطن.. اه، انت معاي على الخط، طيب.. اسمع وتأمل كلامي: الوطني الشريف والحقيقي هو أول من يعطى وآخر من يأخذ!! هل مازلت معي على الخط، طيب خذ هذه يا وطن: احد اصدقائي يطلب مني تغير المواقف وينصحني أن اترك كلام الأنشاء والمثليات، ويقول: فى قلب كل إنسان، سواء رجل دين كان، أو أمرأة، عاملا بسيطاً يغمس رزقه بالتعب، أو تاجراً يملك المليارات، ومهما كان منصبه، ومهما بلغت ثروته، هو ينتظر الشكر والعرفان وأخير التقدير من هذا الوطن.. تظن يا وطن كلامه صحيح؟ سامحني يا وطن، انا عارف اني اثقلت عليك، اصل الكلام كثير والهم أكثر، وانا بصراحة ما صدقت أني، اخيرا، تجرأت وتحدثت معك بقليل من الصراحة، مع أني كنت اطمع ان أتكلم بصراحة اكثر، لكني خايف من زعلك.. علي العموم لن أطول عليك فأنا مقدر مشاغلك، وقبل ان انهي مكالمتي، أملي أن تجيبني علي سؤالي: ما هي المعاير المزدوجة في «التفضيل» بين «اهل الفاتح» و«اهل الدوار» ، وكيف يا وطن تمنح وتعطي وتكافئ كل متآمر عليك، وكيف تحرم وتتجاهل كل من يحبك وولائها اليك، وكيف يا وطن تستقبل «الخائن»، فيما «الشريف» يقف بالأيام على بابك. .. الو يا وطن.. الو.. الو.. وين رحت يا وطن.. الله يسامحك يا وطن!! على فكرة، من الرائع أن هناك مَن يؤمن معي حتى الآن أن الوطن يشمّ رائحة الشرفاء ويتقلب في أعطافهم، وانه يستشعر ويحس ولا ينسى من خانه، ولا كل من تخلى عنه في وقت الشدة والأزمة، ولا يغفر الخطأ إلا إذا كان الاعتذار شافيا، وانه لا ينسى ابناءه مهما حصل.. صح الكلام!!