Thursday, May 17, 2012

الدول العربية القوية... لعبة دارت للغرب

أسامة الماجد
بعد ختام الاجتماع التشاوري لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي يوم أمس الأول في الرياض، قال لي صديق من أرض الكنانة مصر الخير وأم الدنيا... سيكون الاتحاد الخليجي قويا وسيعد مفخرة لنا كعرب... نحن العرب الذين أضعنا تاريخنا وتراثنا في صراعات جانبية خدمت الغرب والمتربصين بدولنا. فدول الخليج تتربص بها إيران، وحتما سيكون هذا الاتحاد صفعة قوية في وجه ملاليهم المجانين الذين يحلمون بتأسيس إمبراطورية فارسية مجوسية، وكم كنا نتمنى أن نشهد اتحادا عربيا بحق!!.

ماذا أقول لك يا صديقي العزيز... نحن العرب... آه من العرب... إليك الحقيقية التي يجب أن نقر بها...
الحياة الجيدة لا تبنى بالتأملات النظرية، ولا تقوم بالآراء المجردة، بل هي عملية تجديد عضوي وبناء متصل، انها تبعث نتيجة تفاعل عاملين أساسيين، أولهما عامل الوعي الذاتي الذي لا يخبو مطلقا، لكنه يقوي في بعض الفترات ويضعف في فترات أخرى. وفي هذا الوعي الذاتي تتمثل أسس حيوية الأمة ومنابع قوتها. وهو كلما اتسع وازداد عمقا ازداد ارتواء من تلك المنابع، وازداد أصالة ونفض عنه الرواسب وارتفع عن التقليد، والفرق كبير بين التقليد وبين الأخذ الذي يزيده قوة وغنى... وثاني هذين العاملين، التحديات التي يتعرض لها الوعي، وهي تحديات خارجية وداخلية.
لقد تعرض الوعي العربي يا صديقي عند بزوغه في العصر الحديث لتحديات داخلية، تتمثل في التخلف والركود وفي الاستغلال الأجنبي والمصالح المركزة. ثم تعرض المجتمع العربي في أواخر القرن التاسع عشر لتحديات مجموعة من الناس “للأسف ما زالت موجودة عندنا حتى في البحرين” في محاولة يائسة لطمس ثقافته وذاته، ثم تعرض لتحديات الغزو الغربي، التي بدأت فكرية واقتصادية، ثم طغت في الغزو العسكري السياسي، وهي تحديات ندر ان شهد المجتمع العربي لها مثيلا في الاتساع والشدة والاستغلال.
تعرض المجتمع العربي يا صديقي لهذه التحديات، وهو مجزأ، يقاسي البعثرة والضياع، وهو متخلف غير متهيئ لهذه الأخطار، فكان بين أن ينهار ويفقد ذاته وبين أن يأخذ طريق الكفاح الشاق المتصل ليجد الحياة التي يريد. وكان أمام المجتمع ان يعزل نفسه عن التيارات الحضارية الحديثة لارتباطها بمصادر الاعتداءات والاستغلال، كما أراد البعض، وبين أن يفيد من انجازات خصومة ومن إمكانياتهم وأسلحتهم ليكون في وضع اقوى على مجابهة الأخطار وليكون اقدر على تجديد ذاته كما أراد آخرون، فاختار السبيل الثاني بعد جهد وجهاد طويلين!.
ويبدو ومن جميع الصور التي نراها اليوم يا صديقي أن عالمنا العربي يمر بنفس الظروف الصعبة والقاسية التي مر بها آنذاك... إنها نفس الآلام ولكن في عضو آخر من الجسد... نفس النكبات ولكن بمسميات أكثر رقيا واحتراما!!.
أمتنا العربية مقدر لها أن تكون هكذا... تشتري دائما ولا تبيع... تعتمد على سلاح العدو للدفاع عن نفسها من العدو ذاته. أنظر لحال مصر اليوم... هل تعتقد أن ما حصل لبلدك مجرد صدفة أو كما يقال بصحوة الربيع العربي؟.
لا... إنها أضحوكة... أو كما قال أحد الأدباء العرب... الدول العربية القوية أشبه بقرص لعبة الدارت. كل دولة تحمل رقما، والقوى العظمى كأميركا وبريطانيا وبقية الشلة هي من يقذف السهم الحاد ليصيب من يصيب! وقد تم اختيار مصر وليبيا ومن قبلهم العراق... والدور على البقية!..