Thursday, May 17, 2012

ويكليكس الثانية

سوسن الشاعر
فتح علي سلمان قبل عدة أيام، وفي حالة إرباك شديد، على إعلان الاتحاد الخليجي، وفي 12 مايو في احتفائية كادر التمريض ملف التاريخ المعاصر، وهو المأزق الرابع الذي يضع نفسه فيه نتيجة زلات لسانه، فيقول خادم آيات الله “إنه هو وجماعته الذين منحوا الاستقلال للبحرين بعد انتهاء الاستعمار البريطاني، وليس لاحد آخر الفضل في الاستقلال غيرهم، ولذلك لهم هم وحدهم الموافقة على قرار الاتحاد من عدمه!!!
ونسأل نحن كيف منح خادم آيات الله الاستقلال للبحرين؟
على فكرة قبل أن نسترسل بالسؤال عن كيفية منح علي سلمان الاستقلال للبحرين، نود أن نؤكد أننا نلتزم بآداب الحوار في جدالنا ونقاشنا، ولسنا نسب أو نشتم أو نقلل من الاحترام حين نصف علي سلمان بخادم آيات الله، فهو الذي اختار هذه الوظيفة وهذه المكانة السياسية بنفسه وأعلنها في السادس من أغسطس 2005، وهي موثقة ومسجلة وكتب عنها الكثير، وهو الذي قال أنا خادم في يد آية الله عيسى قاسم، ومن المعروف أن عيسى قاسم هو الوكيل الشرعي لآية خامنئي، وهو الذي عينه في مجمع علماء آل البيت، فبالتالي هو خادم لوكيل آيات الله الإيراني رئيس الجمهورية الإيرانية، وعلي سلمان مقلد آية الله السيستاني على صعيد آخر، الخلاصة هو من حدد مكانته الوظيفية وتراتيبيته القيادية، فلا نستخدمها مسبة أو شتيمة، كما أن دلالاتها السياسية لا يمكن أن تخفى على أحد؛ فلا كلمة ولا رأي ولا قيادة لخادم على سيده، فالتبعية هنا واجب حتمي، والرأي أولاً وأخيراً للسيد على خادمه، فلا يضع علي سلمان معايير ثم يتضايق منها إن شكلت له مأزقاً.. هذا أولاً.
أما المأزق الثاني فهو مأزق التجنيس، وقد وقع فيه هو الآخر حين حمل هو وجماعته راية محاربة المجنسين والتجنيس -طبعاً قبل أن ترفع من أدبياتهم بنصيحة أمريكية- وكنا ومازلنا نحترم كل من يحمل الجنسية البحرينية أياً كان أصله وفصله، ومادام حمل شرف هذا الوسام فنحن نعتبره بحرينياً من اللحظة التي اكتسبها سواء ولادة أو تجنيساً، ونحن من الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان فلا تصنيف عندنا لفئة ألف أو فئة باء، وحتى آلية حصول حامل الجنسية لا تذكر إن كانت بالتجنيس أو بالولادة.
لكن الجماعة ما فتئوا يسمون الناس ويقسمونهم بأصلي وغير أصلي، ويتحدثون عن التجنيس السياسي والعشوائي، إنما طبعاً بعيداً عن الإعلام الأجنبي لأنهم يخافون أن يتهموا بالعنصرية، حتى انكشف المستور وظهرت حقائق كانت مخفية؛ فتبين أن العديد من أعضاء حزب الدعوة الفرع البحريني والعديد من أعضاء حزب الله تم منحهم الجنسية مؤخراً، فمنهم من تجنس في الستينات ومنهم من تجنس في الثمانينات ومنهم من تجنس بعد تولي جلالة الملك حمد؛ أي بعد عام 2000 ففتحوا على أنفسهم باباً لم يحسبوا حسابه، وهو فتح أضابير التجنيس! وعلى رأي المثل البحريني الأصلي “خبز خبزتيه إكليه يا الرفلة” وهذا هو المأزق الثاني.
ورغم أن العديد من المقيمين على أرض البحرين ممن لم يتشرف بعد بحمل الجنسية البحرينية دافع عنها وعن سيادتها وقال كلمة حق في البحرين وأطفأ حرائقها؛ إلا أن هذين الحزبين (الدعوة وحزب الله والشيرازيين معهم) خدم آيات الله هم من حرقوا تراب أرضها ولم يبقوا مسبة أو كلمة نابية لم يتلفظوا بها في حق الشعب البحريني من سنة وشيعة الذين يخالفونهم الرأي ولا يتفقون معهم بحجة حرية التعبير، فرد عليهم القول أصبح الآن عيسى قاسم وغيره يهان ويتحدث بحديثه الركبان، وبعضهم يسقطه وبعضهم يتحدث عن أصله وفصله وبأسلوب غير محترم وسوقي صراحة ونرفضه، ولكن أسست الوفاق وجماعتها صيغة جديدة (لحرية التعبير) وفقاً للمعايير التي سنتها الوفاق فإن التسقيط والسب والشتم يعد حرية تعبير، وهذا هو المأزق الثالث الذي وقعوا فيه، فلسانهم يوقعهم كل يوم بمأزق.
أما الرابع فهو التاريخ المعاصر وهو مأزق ننصحهم بتجنبه!! فلا نريد أن نقول مرة أخرى خبز خبزتيه!!
فاذا أردت أن تعرف التاريخ البحريني ومسألة خرق السيادة الوطنية ومن أعان الاستعمار على السيطرة على البحرين ففي عام 1919 اشتكى المعتمد البريطاني من عناد عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين بأنه شخص لا يرغب بوجود البريطانيين، وأنه لا يسمع (النصائح البريطانية)، وأن المعتمد لم يجد أحداً من الشعب البحريني كله شيعة وسنة من يحب البريطانيين ويعينه على الضغط على الحاكم، وإن ذلك عائق لهم أمام إنفاذ مشروعهم بالسيطرة على مياه الخليج، وأن البحرينيين يكنون لهم شعوراً عدائياً، فأوصى في رسالته المؤرخة في 27 مايو خلفه الذي سيعين مكانه “بإنشاء حزب يؤيد بريطانيا” حتى يتمكن من خلاله النفاذ للشؤون المحلية الوطنية البحرينية والتحكم في الحاكم والقرار السيادي البحريني عن طريقهم، المصدر “البحرين مشكلات التغيير السياسي والاجتماعي” لمحمد الرميحي، الوثيقة ورقمها في صفحة 331.
لذلك حين أتى ديلي وديكسون من بعده نفذوا الوصية وفتحوا مجالسهم لأبناء القرى وحرضوهم على الحاكم حتى يتمكنوا من تنفيذ مخططهم، فما كان من أبناء القرى إلا أن كتبوا رسالة طويلة لملك بريطانيا نورد بعض مقتطفاتها “الحمد لله الذي جعل من الملوك ظلالاً يلجأ لها اللاجئون من الحر وجعلهم ملاذاً لمن لا حول لهم ولا قوة في أوقات الشدة الذي جعل عدلهم سبباً للبركة.. إلخ”.. ثم تضيف الرسالة “انتشر الحديث عن عدالة تلك الحكومة البريطانية وقد فاقت عدالتها عدالة انوشروان.. إلخ”.. “نود أن نعرض لصاحب الحكمة الكبيرة والمزاج الطيب رئيس الخليج أن الجالية الشيعية في حالة إذلال كبير وتتعرض لمجازر علنية وليس لها ملجأ.. إلخ” إلى آخر الرسالة التي لا تختلف كثيراً عن تقارير مركز البحرين لحقوق الإنسان!!
وتدور الأحداث ويزيد الصراع بين عيسى بن علي وأبنائه وعائلته مع البريطانيين، ويزيد عناد الشيخ ورفضه للانصياع لأوامر الحكومة البريطانية الذي مد مظلة مقاومة الاستعمار لفئات أخرى في الشعب البحريني حاولوا مساعدته في رفض الاحتلال البريطاني، ولولا نجاح البريطانيين في إنشاء حزب يؤيدهم لما استطاعوا أن ينفذوا مشروعهم، إنما نجاحهم في النهاية بارغام الشيخ عيسى على التنحي بالقوة باستخدام سفنهم الحربية وبفضل حصان طروادة بحجة مساعدتهم هو الذي فتح لهم الباب، وهذا يبين من هو الذي خرق السيادة الوطنية وكيف أن التاريخ يعيد نفسه!!
أما المثير للشفقة فإنه من بعد أن حقق الإنجليز مرادهم وعزلوا الشيخ عيسى، جاء نفر من الشيعة بعد عشر سنوات وقالوا إنهم يتزعمون الشيعة وتحدثوا باسمهم وطالبوا مطالب خاصة بالشيعة وساوموا الشيخ حمد على مطالب مثل رئاسة الشرطة وتولي ميزانية التعليم ورئاسة القضاء وهددوا بالعصيان المدني ونسف الجسور إن لم يستجب لمطالبهم، وذهبوا يشتكون للوكيل السياسي البريطاني ويعرضون عليه مطالبهم ظناً منهم أن الحال كما كان قبل عشر سنوات، فما كان من الوكيل إلا أن أبلغهم التالي وقد كان يتكلم العربية “لو يحدث تشويش أو دسائس فيما بين البحارنة أو القرى أو أي عمل مثل جمع البيزات الذي حصل أول أمس فإنكم الثمانية تكونون مسؤولين وليس الفقراء الجهلاء.. فهمتم.. مرخوصين”، وهذا يدل على أن الإنجليز كعادتهم بعد أن استخدموا الجماعة ورقة لتنفيذ مخططاتهم لم يعودوا يحتاجونها فلم يسمعوا شكايتهم بعدها وطردوهم (الوثيقة موجودة في كتاب الرميحي وفي كتاب قصة الصراع السياسي كذلك).
هذا نزر يسير من تاريخ المحاولات المتكررة لخرق السيادة الوطنية البحرينية؛ فعن أي تاريخ تتحدث؟! فلا تفتح ملفاً لست قادراً على إغلاقه.
أما عن قوله إن جماعته هي التي جاءت بالاستقلال للبحرين في السبعينات، باعتبار أن جماعته هم الشعب، فالأخ عندما يقول “شعب البحرين” طبعاً هو لا ينظر إلى وجود أحد غير جماعته، فهم الذين قرروا إسقاط النظام تحت شعار الشعب يريد عام 2011 بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وهم الذين قرروا أن لا مفاوضات بين ولي العهد إلا معهم في 2011، فالشعب هم والبقية مجموعة موجودة على الهامش.
فنذكره فقط وللعلم إنه بعد خروج البريطانيين لم يجر (استفتاء) كما يكرر الأخ، فما جرى إنه نتيجة التهديد الإيراني بالاحتلال بعد خروج البريطانيين جاءت بعثة لتقصي الحقائق عقدت اجتماعات في الأندية وبعض المراكز، كما فعلت لجنة بسيوني مع الأهالي، وكلهم أكدوا على بقاء الحكم في آل خليفة ورفضهم للاحتلال الإيراني وتعتبر نتيجة التقصي بيعة ثالثة لحكم آل خليفة.
التاريخ مأزق آخر من مأزق زلات اللسان فلا تفتحوه أكثر من ذلك، فالوثائق البريطانية حافلة بالوقائع وبعضها يفضل أن تغضوا الطرف عنها حتى لا تكون ويكليكس الثانية!!
الملاحظة الأولى..
مكرمون الشيعة عن كل من يتحدث باسمهم ويختطف مركبهم عنوة، لكننا نحتاج لأصواتهم الشجاعة التي تنهي هذه الزعامة الإرهابية التي تسيء لهم يوماً بعد يوم.
فحين كان التاريخ السياسي مشتركاً بين الشيعة والسنة كما الخمسينات والستينات كان النضال وطنياً، ولم ينسب الحراك النضالي لأي طائفة، اليوم جاء من ينعق علينا بهذا النعيق ويزور ويضلل ويخلط الأوراق وتتطابق أقواله مع أقوال إيران والمؤسف بأنه يتحدث باسم الشيعة، فحتى الإعلام لا يشير لهم الآن إلا بالمعارضة الشيعية.
الملاحظة الثانية..
طهران دعت لمسيرة الجمعة احتجاجاً على الاتحاد، فسجل يا تاريخ اسم وصورة من يستجيب لسادتهم الإيرانيين، والبحرين ستدعو لمسيرة نعم للاتحاد يوم السبت، فسجل يا تاريخ بحروف من ذهب من سيستجيب للدعوة البحرينية العربية الأصيلة.