Thursday, May 17, 2012

لماذا الفزع من اتحاد دول الخليج

عبدالله الكعبي
في قراءة سابقة لمجريات الأحداث في المنطقة وتشخيص مبسط لأسباب ومسببات الأزمات التي طفت إلى السطح بصورة متزامنة تقريباً، كان هناك شكل من أشكال التفاؤل المتناقض مع كل ما يجري في المنطقة وفي البحرين بالذات من أحداث تعتبر الأكبر في تاريخ هذا البلد.

التفاؤل الذي لم يستسغه أحد في ذلك الوقت كان ينبع من مقارنة بسيطة بين ما يجري الآن على الأرض وبين ما كتب على صفحات التاريخ التي اختزلت لنا أحداث قرون في عدد بسيط من الأسطر كنا نمر عليها مروراً سريعاً وفي لهفة لمعرفة نهاية تلك القصة أو المغامرة التي لا تلبث أن تتحطم على صخور العزيمة والإصرار أو الحقيقية التي لا يمكن القفز عليها.
ما شهدته الساحة العربية والبحرينية مؤخراً كان المشهد النهائي من الفصل الأخير من مسرحية التمدد الإيراني في المنطقة. فهذا التمدد الذي وجد له مناخات وأجواء مناسبة جداً في ظل التظليل والتعتيم والعمل في الظلام، خطى خطوة ظنها الخطوة الأخيرة نحو تحقيق حلمه ولم يعي أنها الخطوة التي سلكت الطريق الخطأ ربما لجهل من المخططين الذين نسوا أن مثل تلك المخططات لا يمكن أن تعيش وتتكاثر إلا في الظلام وأن نور النهار يحرقها ويفسد عليها أحلام اليقظة التي عملت لسنوات على تحقيقها. لذلك كان الصدام مع الشارع العربي بمثابة الإيذان لهذه المخططات بالنهاية التي لا تتقن فن المواجهات المباشرة بعد سنوات من العمل السري والخفي القائم على المؤامرات والدسائس وشراء الذمم بالأموال التي أنفق منها الكثير.
تورط إيران بشكل مباشر في أحداث البحرين بالرغم من مساوئه في بادئ الأمر إلا أنه كان سبباً مباشراً في انكشاف أبعاد المخطط الإيراني المدعوم أميركياً بعد أن التقط السوريون الخيط وبدأوا ثورتهم التي انطلقت من البحرين وليس العكس وأصبح على إيران أن تصحح المفاهيم للعالم بعد أن سارعت لضرب المطالبين بالحرية هناك وكانت وقبل لحظات فقط تدعم الحرية المزعومة في البحرين وتسخر كل الإمكانيات لإنجاحها. هذا الوضع فضح إيران بكل مؤسساتها سواءً من تعمل من داخل إيران أو تلك التي تتخذ من العراق ولبنان مقرات لها. فهذه الأجهزة الأمنية والإعلامية ومليشيات القتل الطائفية تحركت بسرعة في نفس الاتجاه الإيراني لعلاج الأزمة السورية وهو الأمر الذي ساعد على فضحها في العالم العربي الذي كان حتى اللحظة به بقية من العقول التي لازالت تؤمن برسالة حزب الله الإيراني في لبنان التي اكتسبها من مسرحيات مقاومة إسرائيل ومن حرب 2006 الهزلية.
إيران بعد كل نتائج ما يعرف بالربيع العربي باتت تحارب على جبهات مفتوحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وهذا الأمر أدى بها للوقوع في الكثير من الأخطاء التي كلفتها وستكلفها الكثير إذا ما استمر سلوكها على هذا المنوال من العداء السافر ولإصرار على إنفاذ ما كانت تفكر فيه سابقاً وعدم التراجع ولو لخطوة واحدة إلى الخلف لمراجعة ما تم وما سيتم وما لا يمكن أن يتم.
آخر المخاوف الإيرانية تجسدت في فزعها الشديد من خطوة الاتحاد بين دول الخليج. فبالرغم من أن الهدف المعلن لهذا الاتحاد هو هدف تكاملي تنسيقي في المقام الأول وليس حربي كما تعتقد إيران إلا إنها هددت وكالعادة دول الخليج من مغبة المضي قدماً في هذا الاتحاد الذي نجح في إرعابها بالرغم من إنه لازال في طور الدراسة.
تهديد إيران باتخاذ خطوات مضادة لهذا الاتحاد كالتي قالت عنها من مثل دعمها لنقل أزمة البحرين إلى السعودية أو إقدامها على الاتحاد مع العراق هي في الأساس خطوات غير منطقية ليست لها القدرة على النجاح الذي يتطلب أفق محدد قادر على استيعاب كل المتغيرات وأيضاً التفاعل مع المستجدات ورغبات أهل تلك الأرض التي ستتشكل منها الوحدة.
قيام إيران بإطلاق الكثير من التهديدات في الآونة الأخيرة أفقدت النظام الإيراني مصداقيته وعكست ضعفه أكثر من تعبيرها عن القوة المزعومة التي يتشدق بها. فالاتحاد بين دول الخليج يشكل بالنسبة لإيران ضربة قاضية لها ولأحلامها المبنية على التوسع والتمدد على الأرض العربية التي بدأ العد التنازلي لاستعادة المفقود منها والذي عملت إيران على التهامه طوال السنوات الثلاثين الماضية ولكن من دون فائدة تذكر.