Thursday, May 17, 2012

الإخوان المستفيد الأكبر من موت عبدالناصر

حمد الهرمي
نقد تيار الإخوان المسلمين والكتابة عن ضلوعهم في كل القلاقل التي مر بها العالم العربي ليس أمرا هينا خصوصا في ظل هيمنتهم على جوانب من قطاع النشر في الدولة واستحواذهم على مناصب جديرة بجعل رؤساء التحرير يغلظون مقص الرقيب على ما يكتب ضد هذا التيار المتمدد الذي كان ولا يزال المستفيد الأكبر من موت جمال عبدالناصر وكثيرا ما قيل إن هذا القائد العربي الكبير مات مسموما!.
عبدالناصر رحمه الله لم يتحدث في العلن كثيرا عن الإخوان وعن خطرهم لكنه اعتبرهم تيارا محظورا لأنهم على الرغم مما كانوا يبدونه من رغبة في التعاون والوسطية إلا انه كان يعرف كنههم ويعرف ان التسامح هذا ليس سوى استراتيجية مرحلية تسبق إطباق سيطرتهم على مقاليد الحكم والقرار في الجمهورية ليتحولوا الى تيار اقصائي عنيف، وهذا الأمر ثبت في فلسطين فما ان مسك الإخوان زمام الامر حتى التفتوا للحلفاء لتصفيتهم حليفا حليفا او بمعنى ادق عدوا عدوا ليصبحوا وحدهم في الساحة دون ان يهتموا بمدى التأثير السلبي الذي احدثوه على مجمل القضية الفلسطينية فقط يتاجرون بقصص ضحايا المغتصب الصهيوني، وكأننا لا نعرف عن الفظائع التي ارتكبوها مع عدد ليس بقليل من مخالفيهم الى درجة ان اصدار الحكم بالخيانة امر يصدر لأي معارض او صاحب وجهة نظر نقدية لتيارهم في الاجراءات التي يتخذها لإدارة الامر في فلسطين.
في البحرين لا يزال هذا التيار يقف في المنطقة الوسطى التي تعبر عن الاسلام المنفتح على الآخر، رغم ان تجارب كوادرهم في المؤسسات سواء الرسمية او الاهلية التي سيطروا على مقاليد قرارها تشهد بمدى تعصبهم لأبناء تيارهم وتعسفهم الشديد ضد المختلفين معهم في الفكر والايديولوجيا سواء من التيارات الاسلامية السنية والشيعية او من قبل التيارات انصاف الليبرالية واليسارية، وهذا بكل تأكيد بإمكاننا القياس عليه كيف سيكون الحال حينما ينالوا السهم الذي يسعون له من كعكة السلطات في الدولة والقرار الذي لن يرضيهم ان يشاركهم احد فيه لا من تيار ولا من عائلة، اما ان تكون اخوانيا او انك مرمى للسهام والتشهير والتنكيل بطرق مباشرة او غير مباشرة عبر استخدام السذج من قيادات وكوادر التيارات الاخرى.
ثمة امر في غاية الغرابة اواجهه في بحثي عن التيارات وتحديدا تيار الاخوان المسلمين، بان قائد اي تيار في العالم لا يقبل بأي حال من الاحوال منصب وزير لأنه يعتبر قيادته للتيار تجعله امام استحقاقات المنصب الحزبي الذي هو في الحقيقة يعادل منصب رئيس الحكومة لكن داخل حزبه، لذلك فان الاحزاب في بريطانيا واميركا وكافة الدول الديمقراطية العريقة تبدأ المنافسة على رئاسة الدولة من المنافسة على قيادة الحزب ومن ثم يتم ترشيح الفائز لمنصب رئاسة الدولة باعتباره رأس الحزب حينما يفوز يشكل حكومته من الكفاءات في الحزب او الكفاءات من الائتلاف وهذا ما نطلق عليه حكومة ائتلاف.
لكن في عالمنا العربي والبحرين على وجه التحديد فالاخوان المسلمين بصورة معينة يقبل قائدهم ان يكون وزيرا دون ان يطرح اي بيان يشرح فيه هل هو مرشح من حزبه لهذا المنصب او انه استقال من الحزب واصبح كادرا وطنيا مستقلا ام ان هذا المنصب مجرد تدريب لمرحلة قادمة حسب رسومات وتخطيطات الاخوان بان مكانه سيكون اكبر من ذلك بحيث تتناسب مع كونه قائدا للتيار الاكثر جاهزية لمسك زمام الامور كما حدث في مصر بعد كل تعهدات الزهد في المناصب هاهم الاخوان يسيطرون على مجلس الشعب ولجنة الدستور ومؤسسات الدولة ولديهم مرشح للرئاسة ان لم يكن اكثر من واحد لكن بقناع آخر.
تيار الاخوان المسلمين حسب معلومات من داخل اروقة التيار ذاته يعد نفسه لمرحلة قادمة اكثر تعقيدا، وبدأ يوزع الادوار التي تطلبت افتعال خلافات واستقالات وانشقاقات لبعض الكوادر تمهيدا لطرح فصائل عديدة وشخصيات مستقلة كلها اخوان اي ان الفائز منها سيكون بصورة مباشرة فوزا للإخوان ومنصاعا لأمر المرشد العام او من يمثله في البحرين، مهما جاهر عن خلافه مع الاخوان او كتب صفحات مطولة عن انفصاله عن هذا التيار فكلنا نعرف ان من ينفصل عن اي تيار يكتفي بالانسحاب الصامت او بإعلان انفصاله لكن دائما ما تكون لأسباب خاصة او خلاف محدد في ملف محدد لا ان يسرد تاريخا هو جزء من هذا التيار وجزء من تلك التصرفات وكأنه كان نائما طوال السنوات الماضية.
حينما نكون امام تيار الاخوان نكون مباشرة امام اكبر تيار عربي واشدها حنكة سياسية ودهاء وتنظيما، كما انه اكثر التيارات التي عرفتها المنطقة برجماتية وصرامة اقول صرامة لئلا اقول عنفا، وهو في ذات الوقت الحزب الذي لا يقبل الشريك وعينه ترى كل المختلفين معه باعتبار انهم اعداء محتملين وله الحق في استخدام كل الوسائل لمكافحته سواء بالترهيب او بالترغيب، وبالمداهنة ليمكن كوادره من نخره ثم تركه يتهاوى امام مرأى الجميع ليكون عبرة لمن يعتبر.
لا ينتهي الحديث عن الاخوان المسلمين خصوصا وانا اشاهد امرهم في سوريا وهم يتمسكنون كما تمسكنوا في مصر قبل اشهر واقول في نفسي هل هذا ينطبق على الاخوان في البحرين الذين لا يزالون يتمسكنون رغم ما جنوه ويجنونه من حضور ومناصب واموال.