Thursday, May 17, 2012

في طريق الاتحاد الخليجي

صلاح الجودر
إعلان الاتحاد الخليجي في قمة استثنائية في العاصمة السعودية «الرياض» يأتي لاستكمال دراسة المشروع والتحول من التعاون إلى الإتحاد، فإعلان وزير الخارجية السعودي عن موافقة جميع الدول الخليجية لمقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «الإتحاد الخليجي»، وطلب التأجيل يأتي من أجل مزيد من التريث وعدم الاستعجال وهذه رؤية حكيمة من قادة دول المجلس. في إطار الربيع العربي «إن صح التعبير» لا بد للمنطقة الخليجية من تغير شامل ينال أوجه الحياة فيها، تغير على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري، تغير يشعر من خلاله المواطن الخليجي من الكويت إلى عمان بأن هناك مرحلة جديدة تتطلبها ظروف المرحلة، إذ لا يمكن المراوحة في المكان والعالم بأسره يتحرك ويتغير ويتطور، فالوقت غير الوقت، والزمن غير الزمن، فالجميع يشهد حالة التغير التي انطلقت مع بدايات عام 2011م بإرادات شعبية، ومنطقة الخليج ليست بمنأى عن المنطقة، لذا جاء مشروع التحول من التعاون إلى الاتحاد من خلال الإرادة الشعبية بالمنطقة والتي ترجمها قادة الدول من خلال مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله ورعاه. المتأمل في دول الخليج العربية يرى التطور والتقدم في شتى المجالات، وما ذلك إلا من خلال مجلس التعاون الخليجي، والفعاليات المنبثقة من لجانه التي عززت الصورة الحضارية لدول الخليج، ولمزيد من التقدم والتطور لا بد من تطوير العمل الخليجي ضمن منظومة متطورة تتوافق مع ظروف المرحلة، خاصة وأن دول العالم اليوم تتعامل مع الكيانات الكبيرة والقوية. الاتحاد الخليجي هو المشروع الذي تعلقت به قلوب شعوب المنطقة كما جاء في تصريح جلالة الملك المفدى حال وصوله إلى العاصمة السعودية «الرياض»، فالتحول من التعاون إلى الاتحاد ضرورة تفرضها الأحداث التي تجري في المنطقة، فالجميع اليوم يرى الأطماع الإيرانية المتزايدة في المنطقة الخليجية، وما تدخلها في شؤون البحرين الداخلية من خلال التحريض المستمر الذي تمارسه قناتها الفضائية «قناة العالم الإيرانية»، واستفزازها المستمر لدولة الإمارات العربية المتحدة بعد احتلال جزرها، أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الكبرى، وتحريكها لبعض الملفات في الشأن العراقي والسوري واليمني، لأكبر دليل على حاجة دول المنطقة إلى الاتحاد لمواجهة تلك الأخطار، فإيران اليوم أصبحت تلعب على المكشوف بعد أن استبدلت مشروع تصدير الثورة إلى تحريك الشعور المذهبي والشعوبي في نفوس أبناء دول الخليجي العربية. المواطن الخليجي اليوم يرى أهمية الاتحاد من منطلقات دينية «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» ويراها من خلال ضرورة تعزيز الانتماء العروبي، ومصالحه المشتركة، وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال جسد واحد يتألم إذا أشتكى عضو واحد. فتجربة مجلس التعاون الخليجي «ثلاثون عاماً» كانت رائدة بكل المقاييس، فبعد مرحلة الاستقلال كان من الضروري أن يكون هناك كيان واحد يجمع دول الخليج العربية، الإمارات والبحرين والسعودية وعمان وقطر والكويت، فقام مجلس التعاون بإرادة قادة وشعوب المنطقة لتحقيق الكثير، وكان مشروعاً تطلع أبناء المنطقة -بعد نجاحه- إلى ما هو أكثر تطوراً وتقدماً، فجاءت مبادرة ومشروع خادم الحرمين الشريفين لتعزيز صور الوحدة والاعتصام، في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها المنطقة، فالمواطن الخليجي بانتمائه العروبي يسعى دائماً للتوحد والاندماج من أجل المحافظة على هويته العربية وتراثه الإسلامي الصافي. تأجيل إعلان الاتحاد جاء من أجل مزيد من النقاش والتأني في الإعلان من أجل قيامه على أسس قوية وصحيحة كما التجارب الأخرى، فالمواطن الخليجي يريد أن يرى مشروعاً رائداً يفوق ما يقوم به مجلس التعاون الخليجي الذي كان صمام أمان لأبناء المنطقة، خاصة وأن مجلس التعاون أستطاع أن يحمي شعوب دول المنطقة من آثار ثلاث حروب إقليمية. من هنا فإن الاتحاد الخليجي هو التغير المنتظر لدول المنطقة في مرحلة الربيع العربي، فمثلما تم بناء وتدشين مجلس التعاون في مسيرة هادئة ورزينة من قبل قادة دول الخليج العربي فإن الآمال اليوم إلى قيام إتحاد خليجي يحمي دول المنطقة من تغير هويتها العربية.