Wednesday, May 30, 2012

الاتحاد وثقافة الوحدة

سعيد الحمد
عندما تابعت بعض الاصوات عالية الزعيق وهي ترفض فكرة الاتحاد والوحدة الخليجية العربية وهو رفض يأتي هذه المرة من جهة المحسوبين على المعارضة.. أدركت اننا نعيش لحظة المفارقات العجيبة والمحيرة او ان شئتم المفارقات الصادمة. فهي بحق مفارقة صادمة تحتار في تفسيرها وينغلق عليك فهمها في سياق فهمك لتاريخ ولسيرة ومسيرة المعارضة الخليجية عموماً والبحرينية بوجهٍ خاص، والتي تاريخها منذ التكوين الاول تاريخ وحدة واتحاد وتجسد ذلك منذ «وحدة وتحرر ثار مروراً بوحدة حرية اشتراكية وصولاً الى حرية وحدة اشتراكية» وهي المبادئ والشعارات التي توزعتها الحركات الوطنية القومية على امتداد الوطن العربي الكبير، وكان للبحرين وللمعارضة القديمة نصيب حركي فاعل فيها وبينها منذ العام 1958 عندما كلفت حركة القوميين العرب اثنين من أعضائها البحرينيين لتأسيس فرع الحركة في البحرين، وكان البعث قد سبقها في شعار الوحدة الذي طبع الحركات القومية والناصرية والتحررية الفلسطينية وغير الفلسطينية بطابعه.. فكانت الوحدة جزءاً من الثقافة العربية الوطنية بامتياز، واتجاسر بالقول هنا لم تجرؤ حركة وطنية عربية في المعارضة او خارج المعارضة ان تقف ضد الوحدة وان تعلن ذلك على رؤوس الاشهادة حتى لو كانت في داخلها ضد الوحدة لان مثل ذلك الموقف يعني نهايتها شعبياً وسقوطها الذريع جماهيرياً.. وهي حقيقة يعرفها كل سياسي عربي وكل من تابع وعايش المرحلة السياسية العربية الحديثة. فكيف انقلبت الآية الآن وتحولت بعض تيارات المعارضة الى الضد من الوحدة والاتحاد، وقد كان هذا أحد اهم عناوين نضالها ومبادئها واهدافها؟.. كيف غدت الانظمة تحمل دعوة الوحدة وفكرة الاتحاد وتسعى جادة وجاهدة لتأطيره وفق المشروع العام لها؟.. فهل هي المفارقات العربية التي يذهل المحلل السياسي لتفكيك ما اعتراها من غرائب؟. وفي القراءة الطريفة سياسياً ستبدو بعض المعارضات انها تأسست وجاءت لتعارض، هكذا فهمت دورها السياسي كمعارضة وهكذا تنتقل في مواقفها من النقيض الى النقيض ليس بهدف مصالح الشعوب والجماهير ولكن بهدف معارضة الحكومات فقط، فالمعارض يعارض الحكومة حتى ينال شرف لقبه وكلما توغل وتطرف وتشدّد في معارضة الحكومة كلما احتل مكاناً مرموقاً وقيادياً بارزاً في المعارضة، وهي مسألة خطيرة على مستوى مستقبل الشعوب ومصالحها التنموية التي قد تفتح وتهيئ لها الحكومات السبل والمشاريع فنهدمها وتعطلها المعارضة فقط لانها مشاريع حكومية او جاءت فكرتها من الحكومة بما يضيع فرصاً تاريخية لا تعوض على الشعوب التي تزعم وتدعي هكذا معارضات تمثيل مصالحها. وفي غمرة بحثها عن كل ما يُعارض ويعترض على الحكومات وعلى مشاريعها سوف نلاحظ هذه النوعية الطارئة من المعارضات العربية انها تنقض وتهدم ركناً اساسياً من اركان تاريخ المعارضة العربية الوطنية الحديثة التي كانت الوحدة مبدءاً من مبادئها الاساسية بل ان حركات وطنية كبيرة ومؤثرة كحركة القوميين العرب وهي كبرى الحركات الوطنية العربية قامت على قاعدة الوحدة وبهدف الوصول الى مشروع الوحدة العربية من المحيط الى الخليج. وسوف نذكر هنا ونستذكر نحن جيل الستينات ايام كنا طلاباً صغاراً في الاعدادي حين نخرج في تظاهرات متناغمة مع التظاهرات دعوة للوحدة اطلقها زعيم او رئيس عربي.. وسوف نقارن بين حالتين لمظاهرات كانت تؤيد وتشجع ومظاهرات الان تخرج لتعترض على الوحدة تقودها معارضة عربية يفترض فيها بداهةً انها مع الوحدة.. انها تناقضات ومفارقات لحظة عربية تستعصي علي الفهم وعلى التحليل وعلى العقل العربي العام الذي دخل مرحلة الذهول العظيم وهو يرى ما يرى ويسمع ما يسمع فلا يدرك ابعاد ما يراه ولا يفهم لغة ما يسمع.!!