Wednesday, May 30, 2012

بل خيانة بدرجة الامتياز

فيصل الشيخ
أبدعت الزميلة العزيزة سوسن الشاعر على امتداد الأيام الماضية في تفنيد مفهوم “الخيانة”، وبيان حقيقة الخيانة التي طالت البحرين ممن يتابكون اليوم في الخارج ويدعون بأنهم مهددون ومستهدفون. الخيانة لا تحتمل تفسيرات عديدة، هي عملية واضحة تماماً، معاييرها ثابتة، وأكبرها خيانة الأوطان، وهذا ما حصل لدينا في البحرين. ماذا نسمي من يبيع وطنه؟! ماذا نسمي من يسقط نظامه وقيادته؟! ماذا نسمي من يستهدف المكونات الأخرى على أساس طائفي؟! ماذا نسمي من يترجى ويتوسل الخارج أياً كان ليتدخل في بلده؟! ماذا نسمي من يغير علم بلاده الوطني ويشوهه؟! ماذا نسمي من يأتمر بأوامر خارجية تحت ذريعة الدين والمرجعية؟! ماذا نسمي من يجحف بحق كل ما تحقق له على هذه الأرض وتحصل عليه من مزايا ومكاسب؟! بل ماذا نسمي من تنعم بخيرات بلده وأسبغت عليها قيادتها الكثير ثم عاد ليطعنها في الظهر؟! في فترة الحوار الوطني تقدم لي أحد أعضاء مجلس الشورى يريد أن يعاتبني على وصف من خان بلده بالخائن! والله عجيب هذا العتب. قال يا أخي ظلمتونا حينما قلتم بأننا خنا البحرين. أجبته ماذا تسمي بعضاً من أعضاء تولوا مناصب بمراسيم ملكية صادرة من قبل جلالة الملك حفظه الله ظلوا ساكتين طوال ثلاثة أسابيع على مهزلة الدوار وما تم فيه، وهربوا من شاشة التلفاز حينما دعوهم للحديث عن وطنهم، بل وخرج بعضهم فيه ليدافع عن أشخاص كان هتافهم بإسقاط النظام ومطالبات الرحيل لقادتنا بدلاً من أن يدافعوا عمن وضعهم في مناصبهم وكرمهم؟! بل ماذا أسمي من سكت طوال هذه المدة وحينما انتقلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين لحماية المنشآت الحيوية من تخطيط خارجي كان في خطواته الأخيرة قبل التنفيذ قاموا برمي استقالاتهم، رغم أن انتقال القوات جاء بناء على طلب جلالة الملك الذي عين هؤلاء في مناصبهم؟! هل أسمي كل هذه الأفعال بالوطنية؟! والله إنها خيانة بامتياز. اليوم من يقتل نفسه لتطريز أي جملة تصدر عن دكاكين حقوق الإنسان المشبوهة أو أي كلام عام يصدر من دولة هنا وهناك بناء على معلومات مضللة مغلوطة، هل نسميه بأنه يمارس وطنية منقطعة النظير. هؤلاء يدّعون الوطنية وحب البحرين في وقت يسلخون فيه جلد البحرين يومياً في الخارج والداخل. يدعون الوطنية وقنواتهم المحببة التي ينهشون لحم بلادهم فيها هي القنوات الإيرانية. يدعون الوطنية ولسانهم يعجز عن إدانة التهديدات الإيرانية الصريحة والمباشرة بحق البحرين. الوطني هو من يدافع عن بلده حتى الرمق الأخير، حتى لو كانت تعاني من مشكلات وقضايا عديدة، لكن من يبيعها برخص التراب ويحرق فيها ويدمر ويرهب ويستهدف الآخرين ويقتل المدنيين ويعلن جهاداً مقدساً ضد رجال الأمن، ألا يستحق لقب خائن بامتياز؟! هؤلاء قدموا أنفسهم لبقية مكونات الشعب البحريني على أنهم خونة لوطنهم، بائعون لهم، قابلون بأن تقول إيران بأنهم يقبلون بضم البحرين لها، بالتالي هل المطلوب من بقية الشعب أن يصفهم بالوطنية، وأن يأمن جانبهم، وأن يجبر نفسه على التعايش مع من لا يضمن إخراجه لنصل سكين غادرة حينما تحين الفرصة مجدداً؟! ليست العملية مرهونة بالقول فقط، بل بالأفعال، وما شهدناه من أفعال طوال عام كامل سواء في الأزمة أو بعدها، يبين لنا بكل سهولة من يقف مع البحرين ومن يقف ضدها. هؤلاء وصفوا الوطنيين الذين وقفوا مع دولتهم وقادتها ودافعوا عنها بأنهم بلطجية ومأجورون ومرتزقة، تخيلوا من يدافع عن وطنه وصف بهكذا أوصاف، واليوم ينزعجون من وصفهم بالخونة رغم أنهم هم من ارتموا في أحضان الخارج، وتكلموا ليل نهار في القنوات الإيرانية، وطالبوا بالتدخل الأجنبي، وقالوها صراحة أنتم ترحلون ونحن الباقون. أجمل شيء أنهم يعترفون بممارسات احتلالية، ألم يقل عبدالجليل السنكيس في الدوار موجهاً مريديهم بأن “احتلوا المؤسسات الحكومية”؟! من يستخدم لفظة الاحتلال في بلده أليس يعد محتلاً، يعتبر طابوراً خامساً، وخائناً مع سبق الإصرار والترصد؟! لم نشاهد في البحرين فقط “خيانة”، بل شاهدنا فيها خيانة بدرجة “الامتياز”!