Wednesday, May 30, 2012

هل تم اختطاف الثورة

أحمد سند البنعلي
لم يثر الشعب المصري منذ الخامس والعشرين من يناير العام الماضي بكافة مكوناته ليصل إلى هذه النتيجة التي نراها الآن وهي أن يستولي الإخوان المسلمون على الحكم بكافة مفاصله أو يعود النظام السابق بعد طرده، فما يعرفه القاصي والداني أن للإخوان أجندتهم الخاصة بهم والتي ليس من الضروري أن تلتقي مع الأجندة الشعبية المتمثلة في الثورة المصرية وأهدافها ففي معظم مفاصل الثورة ومنذ سنوات حيث أن ثورة الشعب المصري لم تنطلق في يناير 2011 بل كانت لها إرهاصات كثيرة قبل ذلك في المواقف التي تبنتها المعارضة الحقيقية للنظام السابق سواء في النزول للشارع في صورة معارضة علنية أو في الوقوف ضد النظام في التعديلات الدستورية أو غير ذلك من مواقف معارضة النظام طوال العقد الماضي وفي جميع تلك المواقف كان الإخوان المسلمين بعيدون عن الشارع ومنحازون للنظام بالرغم من الاعتقالات التي جرت لهم على يده إلا أنهم كانوا ينأون بأنفسهم عن الصدام المباشر معه ويهادنونه طمعا في مكاسب أو خوفا من عواقب.. وفي الثورة الأخيرة لم ينزلوا للشارع إلا بعد ثلاثة أيام من اندلاع الثورة وبعد أن أيقنوا نجاحها وخوفا من ردة فعل الجماهير عليهم لو واصلوا الامتناع أو الحيادية التي اعتادوا عليها.
لم يعارض الإخوان النظام السابق من منطلق شعبي جماهيري بل من منطلق تنظيمي خاص بجماعتهم ومع ذلك استولوا على السلطة التشريعية ومعهم السلفيون الذين لم يعارضوا الثورة فقط بل ساندوا النظام السابق من منطق وجوب طاعة ولي الأمر، ثم هيأت أرضية العمل الخيري للجماعتين الوصول إلى السلطة التشريعية والإمساك بزمام التشريع بعيدا عن المحرك الحقيقي للثورة المصرية المباركة وخرج أصحاب الثورة من الباب ليدخل الآخرون من النافذة.
ثم يأتي الطرف الآخر من المعادلة وهو ابن النظام السابق وآخر رئيس لوزرائه والشخص التي نادت جماهير ميدان التحرير والميادين الأخرى في المدن المصرية كالإسكندرية وبورسعيد والسويس وطنطا وغيرها بسقوطه مع رئيسه، يأتي هذا الطرف ليكون الخيار الآخر للشعب المصري لرئاسة الجمهورية فأي مصيبة وقعت بها الثورة المصرية وجماهيرها بهذا الخيار.
هذا الخيار الثاني عمل على وأد الثورة وقت اندلاعها وعمل على محاولة الترقيع للنظام السابق وحماية رئيسه مما هو قادم إليه ولا نستبعد تعاونه مع أعداء هذا الشعب الذين وقفوا معه في الانتخابات الأخيرة فكيف يمكن قبول أن تعطي الجماهير المصرية ثقتها في كل أولئك وتبعد أبناء الثورة الحقيقيون وعلى رأسهم حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم ممن كانوا في الثورة منذ انطلاقتها الأخيرة وقبل ذلك بكثير.
فعلا لقد تم اختطاف الثورة المصرية بهذه النتيجة واختطفت أهدافها والخوف من اختطاف مستقبلها إن لم يعي الذين أعطوا أصواتهم لمن لا يستحق الأمر ويتحركوا لمنع حدوث ما هو متوقع وهو لا يعدو أمرين، إما استيلاء جماعة الإخوان المسلمين على كل شيء وقيامها بإقصاء جميع من يختلف معها والانتقام منهم بصورة أو بأخرى أو العودة إلى النظام السابق بكل ما فيه من مساوئ وظلم عاناه الشعب المصري لثلاثة عقود مضت والشروع في الانتقام من كل من مارس أو ساند الثورة وبشرعية صندوق الانتخاب، فأي الخيارين يريده الشعب المصري.
تم اختطاف الثورة المصرية من قبل تحالف قوى كثيرة كان المال احدها والسلطة عنصرها الثاني والعمل الخيري عنصرها الثالث وكنا نأمل أن تصل الثورة المصرية إلى بداية بر الأمان للشعب المصري والشعب العربي الذي تابع ما يحدث خلال اليومين الماضيين وكأنه شان محلي في كل بلد عربي ولا زلنا نأمل في أن تتغير الأمور لما هو أفضل للأمة العربية حتى مع اختطاف الثورة في مصر.