Wednesday, May 30, 2012

ماذا لو حرضنا مثل رجب

أماني خليفة العبسي
ليس الغريب أن يوقف ويحاكم شخص مثل نبيل رجب؛ بل الغريب هو كيف بقي محصناً ضد هذا الوضع إلى يومنا هذا؟ والإجابة ليست سراً، والأغرب فعلاً هو أن يبرأ ويخرج من التوقيف كالعادة بزفة المنتصرين. هناك سؤال بسيط، إجابته معروفة؛ لو أقدمت أنا أو أنت على فعل واحد مما أقدم عليه نبيل رجب خلال عام ونيف أين سنكون الآن يا ترى؟ في الواقع هناك قوانين تجرم التحريض وتجرم توجيه إهانات علنية لأجهزة الدولة ورموزها، وهي قوانين تطبق بكل سلاسة أحياناً وأحياناً أخرى تصاب بعسر تطبيق ونعرف أيضاً لماذا. التحريض معروف بأنه خلق فكرة الجريمة وخلق التصميم عليها في عقل الجاني، هو مساهمة معنوية تؤدي لارتكاب الجريمة، هو الحث على ارتكاب الجريمة، قد يكون مقدمة أساسية لا تقع الجريمة دونها، والجريمة التي نتحدث عنها قد تصل إلى القتل، إذاً التحريض ليس بالشيء الهين ولا الذي يسكت عنه شهوراً وأعواماً. المحرض على ارتكاب جريمة ما يُعد شريكاً في الجريمة استناداً لقانون العقوبات البحريني، حيث نص على أنه “يعد شريكاً في الجريمة من حرض على ارتكابها فوقعت بناءً على هذا التحريض”. وفيما يختص بالجرائم التي تمس الدولة وأمنها، فالقانون يعاقب على التحريض ولو لم يترتب عليه أثر، أو هكذا يفترض، فالجرم حينها تترتب عليه آثار أخطر بكثير مما يحدث في الأحوال العادية، هذه دولة بحالها وشعب بكامله وأرواح تزهق وأمن يمس واقتصاد يهتز. لو أنا أو أنت -القارئ العزيز- حرضنا على الفوضى التي تحصل في الشارع كل يوم لكنا وقعنا على الفور تحت طائلة القانون، لأننا جميعاً تحت مظلة قانون ارتضيناه ودعونا إلى أن يطبق على الكبير قبل الصغير حتى يكتسب هيبة ويتأصل في الوعي الجمعي، ويتسنى لمجتمعنا أن يرتاح من الفوضى ويركن لمنظومة عادلة من القوانين تعامل الكل كأسنان المشط لا فضل لواحد على الآخر، وحين نرفض القانون ونعتبره في حاجة لإعادة نظر فإن ذلك أيضاً يكون بالقانون ومن خلال القنوات الشرعية، نطرحه للنقاش مجتمعياً ويحال الأمر لممثلي الشعب وللجهات المعنية بالدولة لتعديله أو إلغائه، فهو في النهاية قانون وضعي قابل للتغيير، لكننا لا نتمرد ونقتل ونشكل كتائب عسكرية ونعيث في الأرض فساداً. قد لا يكون رجب قد دعا صراحة إلى سحق وفرم عظام جماعة من البشر لكنه دعا بصورة متكررة إلى الخروج إلى الشارع وإحداث فوضى، ونحن نعلم تماماً ماهية الفوضى التي حصلت منذ العام الماضي وما آثارها المدمرة على الفرد والأسر البحرينية وعلى الشعور العام وعلى النسيج الاجتماعي، لا يمكن أن ننسى ما لرجب من دور فيما حل بالوطن منذ فبراير الماضي وحتى اليوم، وكيف استغل وضعه وحصانته ليتخطى كل القوانين، حسب ما نذكر تماماً فهو من دعا مراراً وتكراراً إلى التظاهر في كل مناطق البحرين متجاهلاً ما لدعواته من آثار وخيمة حدثت ومازالت تتوالى. لو كان أي بحريني آخر -بحريني عادي بلا جنسية أخرى ولا حصانة دولية- دعا للتظاهر في باب البحرين وفي كل مكان وبالذات العاصمة والمركز المالي وعصب الاقتصاد؛ هل كان ليترك حراً طليقاً يمارس المزيد من التحريض بلا رادع كما حصل مع رجب؟ وهل يحق لأي واحد منا أن يمارس حريته في التعبير بنفس الطريقة التي يتبناها أتباع رجب المخلصين ويدعمهم فيها بكل ما أوتي من قوة ويمنحهم مباركته ويمطرهم بتشجيعه؟ هل يحق لنا أم أنه حق خاص برجب؟