Wednesday, May 30, 2012

ما بين إرهاب البحرين والقاعدة أين نقطة النظام

http://www.albiladpress.com/newsimage/13383409881.jpg
جريدة البلاد
من الأمور المهمة التي تطرق إليها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي خليفة بن سلمان آل خليفة في حديثه مؤخرا لمجلة دير شبيجل الالمانية هو ضرورة التمييز بين “المعارضة” وبين الجماعات الإرهابية التي تنتهج العنف وتسعى إلى الدمار ، وأن جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تضع من الآليات والوسائل ما يكفل ردع والقضاء على الإرهاب بل وصل الأمر إلى شن حرب ضد أفغانستان للقضاء على تنظيم القاعدة .
والحقيقة أن هناك أوجه شبه كثيرة بين تنظيم القاعدة في أفغانستان والمتطرفين في مملكة البحرين ، ففي البداية حظي تنظيم القاعدة بدعم وقبول واسع لتبنيه فكرة “الجهاد” ضد المحتل السوفيتي ونجح بالفعل في تحقيق هذا الهدف وطرد المحتل شر طردة بفضل هذا الدعم الإسلامي والدولي سواء لاسباب دينية تتعلق بفريضة الجهاد في سبيل الله أو لاسباب استراتيجية ترتبط بالصراع والتنافس من أجل السيطرة على ميزان القوى الدولي .
الأمر نفسه حدث مع “معارضة” البحرين التي رفعت شعارات براقة كالإصلاح وحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وغيرها من الشعارات التي جذبت لها التأييد وحفزت الكثيرين على التعاطف معها ومع مطالبها التي هي محل اتفاق بين الجميع قيادة وحكومة وشعبًا.
وبعد أن تحققت الاهداف تغيرت الأفكار والممارسات سواء في تنظيم القاعدة في أفغانستان أو عند المتطرفين في البحرين، حيث تحول مفهوم الجهاد ومقاومة المحتل السوفيتي إلى الحرب ضد كل ما هو أجنبي ومخالف لشرع الله وفقًا لتفسير واجتهاد قادة التنظيم وابرزهم اسامة بن لادن وايمن الظواهري، الذين قاموا بتلقين أتباعهم والمتعاطفين معهم دروسًا في فن العنف والإرهاب.
وتورط تنظيم القاعدة في الكثير من التفجيرات الإرهابية والأعمال الإرهابية في شتى بقاع العالم وكلها أعمال وجرائم بعيدة تمامًا عن صحيح الدين الإسلامي الحنيف ومبادئه السمحة وأخلاقياته السامية. وقدم التنظيم بذلك المبررات الكافية لدول كالولايات المتحدة للتدخل في شؤون العالم أجمع بحجة محاربة الإرهاب وكان الغرض الأساسي هو تحقيق مصالحها وتقوية نفوذها وإضعاف باقي دول العالم .
كل ذلك، أدى إلى العزوف عن التنظيم من قبل جميع الدول والأشخاص باستثناء قلة تشربت الفكر العنيف على ايدي زعماء التنظيم وآمنت بهذا الفكر بسبب ضيق أفقهم وقلة وعيهم وانسداد إدراكهم.
وبعد أن قطعت مملكة البحرين اشواطًا متقدمة وحققت نجاحات إصلاحية متتالية وخاصة مع تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم في عام 1999 حيث توالت المبادرات الإصلاحية والحقوقية التي خلقت وضعًا خصبًا وبيئة صالحة للعمل الوطني المسؤول وأرست مناخًا ديمقراطيًا يقوم على سلطة تشريعية قوية تتكون من مجلسين أحدهما منتخب والآخر معين ، واحترام حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وهي نجاحات تفوق ما كانت تطالب به المعارضة التي رفضت في البداية المشاركة في الانتخابات النيابية التي أجريت عام 2002 ولكنها غيرت موقفها وشاركت في انتخابات عام 2006 بعد أن تأكد لها جدية عملية الإصلاح ورغبة القيادة الحقيقية والجادة في النهضة والتطوير.
إلا أن جماعة التطرف نكصت على عقبيها مرة أخرى في عام 2011 وتسببت في أزمة غير مسبوقة بالمملكة بعد أن تبنت مفهومًا خاصًا للإصلاح ومباديء مختلفة للديمقراطية والحرية وتخلت عن مسؤوليتها الوطنية ومواقعها النيابية، فبات الإصلاح رهينة بإسقاط النظام الشرعي القائم والحوار الوطني مشروطًا بجملة من المطالب التعجيزية والمشاركة في المبادرات الوطنية معلقًا بإقصاء جميع الأطراف المجتمعية الأخرى. وكما حدث مع تنظيم القاعدة ، انصرف الكثيرون عن المتطرفين في البحرين بعد أن تيقنوا أنهم انخدعوا بالشعارات التي رفعتها وتأكد لهم أنهم تعرضوا للتضليل على أيدي قياداتها التي استغلت هؤلاء المؤيدين والأتباع لتحقيق مصالحها ومصالح دول أخرى إقليمية تسعى للهيمنة والسيطرة على ممكلة البحرين، ورأوا بأعينهم الدمار والخراب الذي لحق بحياتهم أولاً قبل أن يلحق بالوطن بفعل الأعمال التخريبية والتدميرية المتواصلة التي لا يمكن أن تصدر عن أي جهة تحرص على مصلحة الوطن وتطلعات مواطنيه، ولم يتبق للمعارضة سوى قلة استمرت على تأييدها سواء بسبب خوفهم من الخروج منها أو بسبب عمليات غسيل “المخ” المستمرة التي تعرضوا لها وجعلت منهم دمى تحركهم قيادات باعت نفسها للخارج كيفما شاءوا.
وأخيرًا، فكما أن تنظيم القاعدة يعيش الآن وضعًا صعبًا بعد اكثر من عام من وفاة زعيمه الروحي ومموله الرئيسي أسامة بن لادن، فإن الأمر لا يختلف كثيرًا في مملكة البحرين حيث تمر فئة التمرد بأسوأ مراحلها وباتت على شفا الزوال إن لم تستدرك الأمر وتنهض إلى العمل الوطني المسؤول وتشترك مع باقي مكونات المجتمع في التعمير والبناء.