Wednesday, May 30, 2012

حقوق الإنسان.. أكذوبة أم حقيقة

أحمد مصطفى الغـر
في وقت تداس فيه حقوق الانسان من قبل الأنظمة القمعية في بلدان العالم الثالث، على حد السواء سنجد أنظمة أخرى تدعي أنها تصون تلك الحقوق وترفع الشعارات وتدّعي التحضر الانساني والمدني مستغلة ذلك في الصاق التهم بكل الدول دونها، صحيح أن حقوق الانسان تنتهك بشدة في بلادنا العربية حيث القمع والقبضة الحديدية للسلطات التي تحمي النظام أكثر مما تحمي الشعب، الا أن هذا لا يعني أن الدول الغربية لا تنتهك تلك الحقوق أيضا، ويكفينا هنا مثالا واضحاً عندما قالها رئيس الوزراء البريطاني صراحة : “انه عندما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا فلا يحدثني أحد عن حقوق الانسان “!
فالغرب أحيانا يستغل مسألة حقوق الانسان في سياسة الابتزاز والضغط على دول بعينها، بينما تغض الطرف عن دول أخرى، وهذا بالطبع من أجل الوصول الى مصالح وغايات تخصهم، ومن يراقب كيفية تعامل الجيش الأميركي وقوات حلف الناتو مع أبناء الدول التي دخلوها كأفغانستان والعراق سيجد كيف تنتهك حقوق الانسان بشكل واضح، ومن أمثلة الانتهاكات يكفينا التذكير بسجن أبوغريب بالعراق ومعتقل جوانتناموا بكوبا، والسجون والمعتقلات الأميركية الأخرى في دول العالم، وقذف الطائرات بدون طيار من وقت لآخر للمدنين سواء في أفغانستان أو حتى عندما تنتهك الأراضي الباكستانية المجاورة، ويكفي ما شاهدناه مؤخراً لفيديو منتشر على الانترنت يظهر فيه جنود أميركيون وهم يدنسون جثث قتلى في أفغانستان، في الواقع ان الأمثلة والنماذج كثيرة ولن يتسع المجال لذكرها كاملة.
والمضحك المبكي في ذلك هو أن تجد المفوضية الأوروبية تصدر بياناً تنتقد فيه 13 دولة أوروبية تتهمها باساءة معاملة الدجاج، والأغرب أنه ضمن البيان جاءت هذه الكلمات: “ يتعين تربية الدجاج في أقفاص تبلغ مساحتها 750 سنتيمترا مربعا على الأقل، كما يجب تزويد هذه الأقفاص بعش وقش ومكان لرقود الدجاج وآلات لتقصير المخالب مما يسمح للدجاج باشباع احتياجاتها البيولوجية والسلوكية “، أتساءل لماذا لا تصدر المفوضية بياناً حول اساءة معاملة المسلمين والمحجبات في بلادهم ؟!، أو حتى في البلاد التي غزتها قوات دول الاتحاد الاوروبي سواء في الماضي أو حتى في حاضرنا ألان ؟!
في الواقع ان قضية حقوق الانسان التي تشغل اهتمام العالم قضية جوهرية، لكن لا يمكن التعامل معها الا وفق منظور انساني بعيدا عن كافة أنواع التسلط التي تمارسها الأنظمة الغربية وتدّعي زوراً وبهتانا ممارسة الديمقراطية وحرية التعبير، في الوقت الذي تمنع فيه بعض الدول الأوربية حرية ارتداء النقاب وبناء المآذن، وتزرع في نفوس أبنائها الخوف والرعب تجاه المسلمين من خلال تشويه حقيقة الدين الاسلامي ونشر معلومات مغلوطة تبتعد كثيراً عن تعاليم الدين الاسلامي السمحة، ثم تأتي تلك الدول في النهاية لتتقمص شخصية الواعظ وتبدأ في نشر مفاهيم الديموقراطية وحقوق الانسان على باقي الدول، بل وتصنفها على حسب أهوائها بمقاييس وضعية تم وضعها وفقاً لمعايير جوفاء لا تتماشى سوى مع سياسات تلك الدول.
أشعر كثيراً أن وثائق حقوق الانسان ما هي الا أكذوبة العصر وشعارات لا معنى لها، فهي ورق بلا حبر، وكلمات بلا معنى.. مادام كل ما جاء بها لا يتم تنفيذه على أرض الواقع، وما دامت دول الغرب لا تحترم حقوق الانسان على أرضها بغض النظر عن جنسيته أو دينه او لونه.. فلا داعي الى التشدق من وقت الى آخر عن ضرورة احترامها، ومادامت أنظمة بلدان العالم الثالث لا تحترم ارادة الانسان وتعي ضرورة احترام آدميته، فلا سبيل أمام شعوبها سوى الثورة على تلك الأنظمة واقتلاعها من السلطة تماما، في محاولة أخيرة كي يحيا الانسان كانسان !