Monday, May 28, 2012

حرية تعبير.. لا تسألوني لا تحاكموني

سعيد الحمد
لم نتوقع ان يأتي علينا زمن تفقد فيها المعاني معانيها والمفاهيم مضامينها الحقيقية وتتحول «حرية التعبير» إلى حصان شيطاني يمكن ان يحمل معه كل شرور الفتنة لبلدٍ آمن، وعندما تتكشف اللعبة الخطيرة يتعلق اللاعبون بها وجميع اطرافها بـ»حرية التعبير» طوق نجاة ولتتحول «حرية التعبير» إلى رخصة وترخيص لكل فعل شيطاني تخريبي تدميري كاد ان يمزق أوصال الوطن ويبيع لحمه في سوق النخاسة و»على عينك يا تاجر» وعاشت هكذا حرية للتعبير لن نجد لها مثيلاً لا في المعنى ولا في المضمون حتى في بلاد أم الديمقراطيات. وهكذا تحت يافطة «حرية التعبير» تحولوا في المشهد العام الاعلامي والقضائي إلى حمائم وادعة هادئة مسالمة مغلوبة على أمرها مظلومة في حياتها لم تشتم ولم تسب ولم تحرض ولم تعبئ ولم تدعو للفوضى وللتخريب والتدمير واشعال الاطارات ورمي المولوتوفات وتدبير الانقلابات وانما كانت «فقيرة مسكينة» مستكينة لقدرها قابعة في بيوتها هادئة في كلامها وعلى حين غرة دخلت عليها قوات الأمن وهي نائمة في «سبحانيتها» لا تدري بشيء ولم تفعل شيئاً ولم ترفع شعاراً ولم تعلن جمهورية ولم تسقط نظاماً لتعتقلها وتضربها وتشتمها وتسجنها!!. سبحانك اللهم من هكذا «حرية تعبير» تشهد عليها الفيديوهات ولكليبات والصور والافلام فيتحول فيها الجميع إلى مسالم مظلوم مارس بهدوء هادئ «حرية التعبير» وبشكل حضاري راق ومتقدم فاعتقلوه وعذبوه وسجنوه وحكموا في محاكم السلامة الوطنية عليه دون ان يرتكب جرماً ودون ان يقول شيئاً او يدعو لشيء اسمه انقلاب أو يعلن جمهورية اسلامية دوارية، ولم تكن له علاقة تذكر بأجنبي كائناً من كان لا بسفير ولا بخفير في سفارة وجميع وثائق ويكيلكس كاذبة ومفبركة وجميع الافلام والصور عن اجتماعاته مدسوسة وموضوعة وتسعى لتشويه الصورة. منذ البداية كانت حرية التعبير مطلباً إنسانياً وبشرياً ازدادت المطالبة والالحاح عليه مع التطور والتقدم وكانت حرية القول وحرية الكلمة لخدمة الانسان فرداً كان أم جماعة وبالتالي فموقف الانسان فرداً كان أم جماعة من هذه الحرية «حرية التعبير» هو الترمومتر الذي تُقاس به منفعة وجدوى هذه الحرية فكلما جمعت ولم تفرق وكلما التف الناس كل الناس حول مضمونها وخطابها كلما كانت صحيحة ومطلوبة والعكس هو الصحيح.. فماذا حدث بعد ان استفادت اطراف معينة من مساحات حرية التعبير وكيف وظفت هذه الحرية وكيف استثمرتها وماذا كانت نتائجها وما هي ثمارها في الواقع المعاش وفي المشهد اليومي هنا. لا نحتاج إلى جدل كبير للوقوف على ما آلت إليه الحالة والعلاقات مع ذلك التوظيف وكيف شرخت المجتمع الواحد ومزقت النسيج وضربت اللحمة في مقتل بدعوى حرية التعبير التي لم تسئ هذه الاطراف استخدامها فقط وانما استخدمتها سلاحاً فتاكاً بمعنى الكلمة في ضرب الوحدة الوطنية ذات التاريخ البحريني المديد. ومع كل ذلك وتحت يافطة «حرية التعبير» عملت وسعت اطراف وجماعات وجمعيات وسياسيون وطارئون من كل حدب وصوب لاسقاط القانون او تعطيله وحتى لا يأخذ مجراه الطبيعي في ضبط توازن العلاقات المجتمعية وحمايتها من التمزق والتفتت والتفكك مستخدمة شعار «حرية التعبير» لاستمرار وبقاء هذه الحالة من الاصطفافات المطأفنة والمتمذهبة وهو اسوأ حالات وممارسات النفعية «المصلحجية» الخطيرة التي توظف اسمى الشعارات والمبادئ لأقبح النتائج واخطرها على المجتمع وعلى الناس وعلى الحاضر والمستقبل. وهكذا تتحول «حرية التعبير» هذا المبدأ الإنساني النبيل إلى حرية تمزيق أوصال الوطن ومساحة لإثارة الفتنة توطئة لاحتراب أهلي وطني داخلي لا يُبقي ولا يذر إذا ما انطلقت شراراته الشيطانية وفتحت بوابة الجحيم اشداقها.