Monday, May 28, 2012

الصيرفة والمناصب الحكومية في قبضة الإخوان

حمد الهرمي
نجح تكتيك جماعة الإخوان المسلمين في ابتزاز الجماهير عبر حاجاتهم الأساسية فشكلوا قاعدة لا يمكن ان تتأثر حينما تنكشف المخططات في لحظة الاستحقاقات السياسية، وبناء على هذا النجاح بدأ الإخوان مرحلة جديدة في منتصف تسعينيات القرن الماضي او قبل ذلك بقليل حيث انتقلوا الى تكتيك أكثر قربا من القرار ليزحفوا الى قطاعين اساسيين وهما المناصب الحكومية من جهة ومن جهة ثانية العمل المصرفي والمالي، لتصبح كماشتهم مكتملة على نواحي الحياة.
في الكويت والبحرين على حد سواء - وربما الكويت سبق الإخوان فيها في حركتهم - نجح تيار الإخوان في اقناع الانظمة بالاعتماد على كوادرهم في قطاعات حساسة مثل المعلوماتية والمساعدات والاسكان والمؤسسات الاكاديمية وبعض الشؤون التي لها علاقة مباشرة بالناس، وهذا ما مكنهم من تحقيق احد اهم اهدافهم وهو مضاعفة اعداد جماهيرهم بسبب المنافع التي يحققونها للناس بأموال حكومية حيث استطاعوا ان يقنعوا الناس بان تلك الحقوق التي حصلوا عليها انما هي اعمال خير يقدمها كوادر الإخوان المسلمين وهي ما أوصلتهم الى المقاعد النيابية فيما بعد كرد للجميل من قبل الناس لهم.
اما هجومهم على قطاع المصارف وعالم المال فقد بدأ بهدوء تام حتى تغلغلت كوادرهم في كل ارجاء ومفاصل الاقتصاد خصوصا الصيرفة، ولم ينس الإخوان المسلمين ان يبتكروا وسيلة جديدة تمكن كوادرها من خوض غمار الجانب الربوي دون ان ينعكس على تيارهم ذو الشكل الاسلامي بأدنى ضرر، فأشاعوا عن عدد ليس بقليل انهم منشقين او متقاعدين من العمل السياسي الحزبي وانهم اصبحوا بمعزل عن تيار الإخوان المسلمين او ما كان يسمى به هذا التيار ابان فترة حضره رسميا كحزب مكتمل الملامح، وبهذه الخطة انتشر عدد ليس بقليل من كوادر الإخوان السابقين كما يحلوا للإخوان تسميتهم.
المتابع لحركة الإخوان يعرف جيدا ان هذه الانشقاقات تمثيلية تكتيكية والدليل هو عدم وجود أي أدبيات او آثار لأسباب جدية لهذه الانشقاقات كما لم يسجل التيار في كل بلد أي اهتزاز سواء على الصعيد الاداري او على صعيد الجمعيات العمومية ونقاشاتها، لتنكشف حقيقة لا يمكن تجاوزها وهي ان تلك حركة استراتيجية لأمر سينكشف فيما بعد، لتشاء الصدف ان اغلب هؤلاء المنشقين يمتهنون الجانب الاكاديمي والمصرفي.
سيطر الإخوان المسلمين في غضون عشر سنوات من العمل المتواصل على الصيرفة الاسلامية في العالم العربي وصار لهم ثقل اقليمي مشهود، كل ذلك هو تمهيد لمرحلة حكم الإخوان للدول العربية حيث ستتوجه الطاقات المالية لكل دولة يستحوذ الإخوان على النظام فيها، ولمن يريد التأكد فليتأمل تونس اليوم وليركز على حركة المصارف الاسلامية التي بدأت تعد تقارير أهمية الاستثمار في تونس، ستحتشد البنوك الاسلامية لدعم تجربة الإخوان في مصر وتونس بصورة مرئية، لن تعوز خبرات الإخوان من المصرفيين الدراسات التي ستدعم موقفهم المهرول للاستثمار في هاتين الدولتين الواقعتين تحت مخالب الإخوان المسلمين، طبعا للمصرفيين الإخوان اصدقاء من الخارج يرغبون في الاستفادة سيتم حشدهم ايضا لكي لا تكون الشبهة واضحة في التكتيكات والخطط.
في البحرين سنلاحظ حركة المصارف الاسلامية وتوجهها الحثيث لدعم تونس ومن ثم مصر اذا تأكد فوز مرشحها مرسي في الانتخابات الرئاسية حتى تلك اللحظة سيكون التركيز على تونس التي اصبحت في قبضة الإخوان بصورة كاملة، وهذا ما يعزز فكرة ان تيار الإخوان في العالم العربي انما هو فروع لأصل موجود في مصر، وهذا يجعلنا نراجع حساباتنا مرارا كنظام وكتيارات بان أممية هذا الحزب تجعل من الصعب التعامل معه بذات المعايير الوطنية التي نطبقها في علاقتنا مع التيارات الاخرى، وهذه ذات المشكلة مع التيارات الشيعية التي اكدت عبر التصريح والتلميح ان مرجعيتها الفكرية والحزبية خارج اسوار الدولة.
هل ستعتبر الانظمة الخليجية تيار الإخوان الدرع الذي ستواجه به بقية التيارات كما فعلت دول اخرى لتجد نفسها في قبضة الإخوان ولتتجرع بعدها الحقيقة المرة وهي ان الإخوان هم من كانوا يستخدمون الجميع دروعا واسلحة لبلوغ اهدافهم الكبرى في السيطرة على قرار الدول العربية من المحيط الى الخليج؟
ان التعامل مع فروع جماعة الإخوان المسلمين في الخليج العربي بمعزل عن الحقائق اليومية التي تتحقق في العالم العربي على اثر الفوضى الخلاقة والربيع العربي لا يمكن عدها ضمن الحصافة السياسية او الحكمة في ادارة الدولة وتأمين مستقبلها، فكلنا يعرف ما فعله الإخوان في مصر ضد شركائهم في ميدان التحرير حينما تحالفوا مع المجلس العسكري في فترة من عمر الثورة المصرية لينقلبوا عليهم حينما جاء امر صياغة الدستور والانتخابات الرئاسية وها هم اليوم بعد ان ضمن مرشحهم مرسي بلوغ مرحلة الدور الثاني في انتخابات الرئاسة المصرية، يدعون الى لقاء من اسموهم بشركاء الثورة ورفقاء درب التغيير، تخيلوا قبل اسابيع قليلة كانوا يناصبونهم العداء ويتحالفون ضدهم واليوم بناء على المصلحة يطلقون عليهم شركاء الثورة، ويستثيرون فيهم حماسة ضد شفيق باعتباره من سيعيد انتاج النظام السابق.
كلنا نعرف ان السياسة لها شروط واساليب وان عدو الامس هو حليف اليوم لكن ليس بهذه المدد الصغيرة يعني الحلفاء يتبدلون بالنسبة للإخوان كل اسبوع وفي هذا اشكالية اخلاقية في العمل، لكن لا يهمهم ذلك فهم سيذهبون لصباحي وسيغرونه بمنصب نائب رئيس الجمهورية في مقابل وقوفه مع مرسي واستقطاب ناخبيه في الدور الثاني ضد شفيق، دون شك سيأكل الطعم صباحي لان الإخوان يعرفون جيدا ان كل المرشحين يعشقون الضوء ولن يجدوا افضل من وعود الإخوان التي لن تكون كلها صادقة.