Monday, May 28, 2012

مصر.. عود على بدء ما الذي حدث

أحمد سند البنعلي
عيون العرب بمجملها كانت متجهة إلى مصر يومي الانتخابات الرئاسية في مصر فكما شدت مصر الأمة العربية إلى الوراء طوال أربعة عقود من الزمن وشدتها إلى الأمام قبل ذلك فإنها ستقود أمتها في السنوات القادمة ولكن لا ندري إلى أين لذلك يتابع الجميع ما يجري خوفا من المستقبل ألا يكون كما يتمنى العرب. الجميع دون استثناء تابعوا ما يجري وسير العملية الانتخابية طوال يومي الانتخاب وبالذات اليوم الأخير من الجولة الأولى لأنه كان يوم تحديد من سيدخل الجولة الثانية وكانت النتيجة صادمة للأغلبية من الشعب المصري والعربي وبالذات أولئك الذين يرغبون في التغيير والدفع بالأمة إلى الأمام وأسقط الصندوق الأفضل من المرشحين وأتى بالأدنى في الجودة، فهل سارت العملية الديمقراطية كما يجب أن تسير أم شابها ما يشوب الديمقراطية العربية كالعادة من تحويل للمسار وتوجيه الصندوق من خارجه دون تدخل في كتابة الأوراق التي بداخله.
الغريب ليس وصول محمد مرسي مرشح الإخوان للجولة الثانية مع عدم استحقاقه لذلك مقارنة بمن معه من المرشحين ولكن السيئ والغريب هو أن يعطي الشعب المصري صوته لأحمد شفيق الذي كان قد طرده ميدان التحرير من منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فهو جزء فاعل في النظام السابق الذي ثار عليه الشعب المصري وخرج من النافذة ليعود – لو عاد لا سمح الله - من أوسع الأبواب.
أخفق «حمدين صباحي» وبفارق ضئيل عن أحمد شفيق في الوصول إلى الجولة الثانية مع انه كان أفضل المرشحين وأقدرهم على تحقيق مطالب الشعب المصري وثورته وأخفق عبدالمنعم أبوالفتوح مع أفضليته على شفيق وغيره ولو وصل حمدين للجولة الثانية لتمكن من الوصول إلى سدة الرئاسة أيا كان منافسه عليها ولكن الصناديق قالت أمرا آخر وعلى الجميع الخضوع لذلك التحديد مع مرارته وسوءته السياسية.
دخل مرسي المنافسة على سبيل الاحتياط بسبب الخوف من استبعاد خيرت الشاطر وحصل على المركز الأول مع أنه يقل كثيرا في قدرته عن الآخرين الذين أخفقوا وسيقود مصر لو تكمن من الفوز في الجولة الثانية إلى اتباع مرشد الإخوان المسلمين أي أنه سيعيد مصر إلى القرار الفردي الواحد الصادر من مرشد الجماعة وسيعمل على إقصاء معظم مكونات الشعب المصري وبالتعاون مع مجلس الشعب عن المشاركة في صنع القرار السياسي بل ربما سيقود حملة انتقامية من اغلب التيارات التقدمية لمدة أربع سنوات هي المدة المقررة دستوريا لمنصب الرئيس مع أن تنظيم الإخوان سيعمل بكل طاقته على عدم ترك الحكم والتمسك به مهما كان الثمن بل قد يجيرون كلمة الديمقراطية ويحولوها إلى صورة فقط تخدم أهداف الجماعة فقط، وشفيق الذي دفع به المجلس العسكري بالتعاون مع جميع من تضرر من ثورة الشعب المصري ليترشح ومنهم رأس المال الذي دأب على امتصاص دم الشعب طوال حكم الرئيس المخلوع ولا نستبعد تعاون الكثير من الأطراف الخارجية صاحبة المصلحة في عدم التغيير في مصر، كل أولئك كانوا وراء شفيق في حملته ووراء الأموال غير الطبيعية التي توفرت له في تلك الحملة ومثلوا عناصر الثورة المضادة التي وجدت بابا مفتوحا لتحاول من خلاله العودة للهيمنة على مقدرات مصر ومتابعة تبعيتها وعدم استقلالها.
الفوز بالرئاسة سيكون لواحد من اثنين، إما تنظيم لم يشارك في الثورة من بدايتها ولم يكن له دور في تنظيمها ودخل فيها بعد أن اطمأن إلى أنها تسير إلى الأمام فاستفاد من نتائجها على حساب من فجرها وقادها، أو جهة ناهضت الثورة علنا وحاولت وأدها والانقلاب عليها ووجدت في صندوق الانتخاب ورأس المال الوسيلة المناسبة لتحقيق تلك الغاية.
لقد أضحى الشعب المصري بهذه النتيجة في موقف لا يحسد عليه وبين نارين نار تنظيم الجماعة الذي لن يترك الحكم لو وصل إليه ونار العودة إلى حكم التخلف الذي كان عليه النظام السابق وصار القرار صعبا على الجميع وقد يفتح الباب للعودة إلى الساحات الشعبية لمقاومة ما هو قادم.