Monday, May 28, 2012

قليلا من الإنسانية يا مجلس حقوق الإنسان

عبدالله الكعبي
من المضحك أن توصي رئيسة مجلس حقوق الإنسان لورا ديبوي لاسير رئيس الوفد البحريني وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان الدكتور صلاح علي بالقول: «اسمح لي قبل أن ننهي اعتماد تقريركم، بالقول إنه تم إبلاغي في الآونة الأخيرة، أن هناك حملة إعلامية في بلادكم، تسعى لتهديد ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المشاركين في اجتماعات جنيف، وأود أن أعبِّر عن قلقي من هذه التقارير الإعلامية، كما أود تذكيركم أن تخويف هؤلاء يتعارض مع مبدأ المشاركة الديمقراطية الذي هو مصدر إلهام هذا الاستعراض الدوري الشامل باعتباره إحدى آليات عمل المجلس». هذه التوصية التي تفتقر إلى أبسط معايير الدقة والذوق والإنصاف أوضحت وبشكل جلي انحياز تلك المنظمات والمجالس إلى جانب المنظمات الساعية إلى زعزعة استقرار البلدان والمدعومة بشكل مباشر من قبل القوى التي تستفيد من مثل تلك التقارير التي ترمي إلى التشكيك في مصداقية الدول والحكومات على اعتبار أن مثل تلك المراقبات والمراجعات الدورية تضع الأنظمة الشرعية تحت المجهر وتعطي الفرصة لجهات الضغط لممارسة أساليبها الملتوية عليها نظراً لما تمتلكه من أدوات فعالة بإمكانها إحداث التغيير السلبي إذا ما أرادت ذلك.
نقدر حرص وخوف رئيسة المجلس على حقوق الإنسان ولكن نتساءل عن ردة فعلها وفعل مجلسها تجاه ما يجري في سوريا خصوصاً أنه وعشية كلمتها تلك ارتكبت مليشيات النظام السوري مذبحة رهيبة في قرية الحولة بحمص راح ضحيتها المئات حيث كان معظم القتلى من الأطفال. هذه الجريمة التي ارتكبت بدم بارد ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي ترتكب أمام أعين المراقبين الدوليين ومنظمات ومجالس ولجان حقوق الإنسان التي تركز عملها على رصد ما يجري في البحرين والسودان والسعودية ومصر وغيرها في الوقت الذي تتجاهل فيه ما يجري في سوريا وإيران والعراق من انتهاكات سافرة كانت ستحتاج لو كان هناك اهتمام بها لعشرات المنظمات من مثل المنظمات الحقوقية والإنسانية التي لا يمكنها حصر تلك التجاوزات الكبيرة والخطيرة المسكوت عنها.
في كل يوم نكتشف المزيد عن هذه المنظمات والمجالس الإنسانية والحقوقية التي وإن ألصقت نفسها بمثل تلك التسميات البراقة إلا أنها تبقى مجرد أدوات تعمل لصالح الدول الكبرى التي أنشأتها وجعلت منها أجهزة ضغط على بعض الدول المستهدفة في الوقت الذي تغض الطرف فيه عن الممارسات الحقيقية التي تنتهك حقوق الإنسان في العيش والحياة والبقاء.
لا اعتقد أن هناك أحدا بيننا في البحرين يمكن أن يقبل مثل تلك الإدانات المغلوطة من قبل تلك المجالس بسبب اننا في البحرين نحتاج لمن يدين الأعمال الإجرامية التي تمارس بحقنا في كل يوم وفي كل مكان. فمثل تلك المجالس وبمثل هذه التقارير الهزلية تشجع على العنف غير المبرر الذي يتخذه البعض للضغط على السلطة من أجل الحصول على المزيد من المكاسب غير المشروعة، وتضفي في المقابل شرعية على أعمال الإجرام الشنيعة التي يمارسها الطغاة الحقيقيون ضد الإنسانية الذين يتحركون بالرغم من إجرامهم الذي فاق الحدود والتصورات بكل حرية من دون أن يدينهم أحد على أفعالهم أو حتى يتدخل لحماية تلك الأرواح من الهلاك.
المعادلة المغلوطة التي نراها تتمدد على الأرض بشكل أسرع من المتوقع تستوجب ردة فعل مماثلة تستطيع أن ترد على مثل تلك الأكاذيب وتفند هذه الأقاويل التي إن استمرت على ما هي عليه فإن الأمور ستصبح أكثر صعوبة وأكبر من أن يستطيع أن يرد عليها أحد. فالمضي قدماً والخضوع الدائم لمثل تلك المنظمات يعطيها الفرصة تلو الأخرى لممارسة ضغوطاتها وابتزازها لحكوماتنا التي يجب عليها أن تخطوا خطوات حقيقية لمواجهة تلك الادعاءات وتنفي عن نفسها تلك الاستكانة غير المبررة لبرامج تلك المنظمات العميلة التي ستستمر في إساءتها لنا ولكل منجزاتنا وتشويه سمعتنا أمام العالم. فالرد المطلوب هو التعامل مع تلك المنظمات وفق ما تسمح به السيادة التي تمتلكها دولنا والشرعية التي تحقق لنا السمو على مثل تلك المغالطات التي إن حبسنا أنفسنا فيها فسنظل في هذا السجن الكبير الذي يحرمنا من ممارسة حياتنا الطبيعية وتطبيق القانون على المتجاوزين والمسيئين والمجرمين الذين أصبحوا بحسب تقارير حقوق الإنسان أصحاب الحق الذين يجب الدفاع عنهم.