Thursday, May 10, 2012

الفتنة أشدّ من القتل

صلاح الجودر
الأدخنة المتصاعدة من جراء حرق الإطارات والأخشاب كانت في السابق من أبشع الصور التي تشمئز منها النفوس، وكانت منظمات حقوق الإنسان تستنكر وتشجب تلك الأعمال لما لها من آثار سيئة على البشرية، بل وتسارع لإطفاء النيران وأخماد المواد المشتعلة لأنها دليل شر وعنف وخراب، أما اليوم فإن تلك المنظمات «حقوق الإنسان» فقد جعلت أصابعها آذانها، واستغشت ثيابها، وأصرت وأستكبرت وهي ترى تلك المشاهد العنفية، فهي اليوم لا ترى إلا بعين واحدة، فتتبكى من أجل معتقل حقوقي قام بالتحريض على العنف، وتتغاضى عن الألف ممن يعيشون الخوف والرعب!. المسئولية الإنسانية اليوم تحتم على المجتمع البحريني، سنة وشيعة، أن يقف عند الممارسات الإرهابية والعنفية ليرصدها ويرى حركتها وسرعتها، فتلك الأعمال قد تخفت خلف شعار الثورة والسلمية وحقوق الإنسان التي طرحت في المؤامرة الكبرى على البحرين في فبراير العام الماضي«2011م»، ولكن أبناء هذا الوطن قد أفشلوا المؤامرة واسقطوا المخطط أمام المجتمع الدولي من خلال الكثير من المبادرات التي عرت دعاة الفتنة والمحنة. أبشع صور الإرهاب والعنف التي تشاهد في الشارع هي التي تأتي إثر دعوات التحريض والتجييش التي يطلقها بعض دعاة حقوق الإنسان عبر تغريداتهم التدميرية على صفحات«التويتر»، رسائل نصية، إشعارات ألكترونية، إذ لا يمكن إيقاف الإرهاب والعنف وهناك أصوات تحريضية تنطلق من خلال مراكز التواصل الاجتماعي«التويتر»، فتلك الأصوات استغلت التقنية الحديثة لتنثر سمومها وأدواءها في الساحات لمزيد من الصراع والأحتراب!. التحريض الذي ينطلق من خلال مراكز التواصل الاجتماعي «التويتر» وبأيدي بعض الحقوقيين يستقطب الكثير من الشباب السذج الذين يبحثون عن البطولات الزائفة، فيلبون رغبات دعاة العنف حتى تمتد أياديهم للحرق والتخريب والتدمير، في منهجية عنفية بشعة، وأبشعها حينما تتدثر بفتوى دينية، وأمر شرعي، وتكليف إلهي، فتبيح لنفسها التعدي على الأملاك العامة والخاصة، وأقتحام بيوت الله والجامعات والمدارس والمستشفيات، حتى أصابت الكثير من الناس ممن لا ناقة لهم ولا جمل!، وهذا ما جرى في العراق ولبنان والصومال حينما طرح مشروع تغير هوية المنطقة، فهي مشاهد مستنسخة لتحقيق حلم الشرق الإوسط الجديد! في قراءة سريعة في الفكر التحريضي نجد أن السبب يعود إلى حب الزعامة والظهور، الأمر الذي يدفع الكثير من الشباب والناشئة للدخول في دائرة العنف والتدمير لتنفيذ أجندات خارجية، الإشكالية في ذلك يعود إلى الخلل الذي وقعت فيه تلك العقول في قبولها منهج التحريض والتأجيج، وإلا فإن حرية التعبير هي التي تمارس بالوسائل السلمية لا العنفية. مراكز التواصل الاجتماعي «التويتر» لم تعد بالوسائل السلمية، بل تحولت لدى بعض الحقوقيين إلى وسيلة للتحريض والتجييش، فالكثير من المراقبين والمتابعين يرون عملية التحريض والتجييش وهي تدمر المجتمع وتفسد الحياة، فتستخدم أستدرار العواطف وتهيج النفوس لممارسة التحريض. لم يعد «التويتر» بالمركز الذي يعزز السلم الأهلي والتعايش الاجتماعي، بل أصبح مركزاً لتحريض الشباب والناشئة، فإن أبشع المعارك والصدامات التاريخية «معركة داحس والغبراء وحرب البسوس ومعركة الجمل وصفين» زاد سعيرها بسبب عملية التحريض والتجييش، واليوم «التويتر» يلعب نفس الدور في عملية الإرهاب والعنف. حتى لا يفهم بأننا ضد حرية التعبير فإننا ننادي بالوسائل السلمية لا الوسائل التحريضية، من هنا نرى أن الكثير من دعاوى التحريض والتجيش قد تاجرت بأسم حرية التعبير، وأن العنف والخراب رفع بشعار التغير والإصلاح، وأن السلم الأهلي مزق بدعوى كشف الحقائق، وأن العقول التي عطبت كانت بسبب ضعف المراجعة والتقييم لديها. من أجل تقريب الصورة فإن أسلوب التحريض والتجييش كان ديدن الحقوقي نبيل رجب حينما استغل صفحته على «التويتر» ليطلق حملته التحريضية، وقد نسى وتناسي بأن الفتنة أكبر من القتل.