Thursday, May 10, 2012

صراعنا اليوم هو بين الديمقراطية وبين الإرهاب

فوزية رشيد
أفلس الانقلابيون وفشلت أجندتهم، لتصبح ما سموها تلفيقا (ثورتهم) قائمة فقط على قناة «العالم» كل يوم، وبقية قنوات طائفية، فيما الذي نراه على أرض الواقع في البحرين هو إرهاب بكل معنى الكلمة، ومسيرات تأزيمية وأخرى غير مرخصة، ومن واجب الدولة استخدام كل ما تملك من أدوات للقضاء على هذه الظاهرة الخطرة في البحرين أي ظاهرة الإرهاب، قبل ان تتحول إلى (ظاهرة مزمنة) تغذيها بكل جسارة أطراف داخلية وأخرى إقليمية وأمريكية مستفيدة منها لنشر الفوضى. ومن بين أدوات الدولة تسريع الإجراءات القضائية والحسم القانوني، وقطع التيار عن الخط الساخن بينها وبين المنظمات الدولية، التي تجاسرت على أمن واستقرار البحرين، حتى أصبحت تندد وتخطب وتتصيد وتتربص وتصدر بيانات كاذبة، تفوقت فيها على الكذب نفسه، وأعطت لنفسها حق ان (تضرب الحقوق الأصيلة للدولة وللمواطنين المسالمين عبر الدفاع المستميت عن المخالفين قانونيا والمخربين والإرهابيين) كما قلنا في مقال الأمس، وأضفنا ان لا حل معها الا بتجاهلها والردين القانوني والحقوقي الصحيحين على أكاذيبها، ثم تركها لتذهب إلى الجحيم الذي تنتمي اليه هي ومن يمولها.
في إحدى خطب «علي سلمان» بعد الأزمة بشهور قال: «الحكومة لجأت إلى ثلاث كذبات: إيران، تحركات طائفية، خروج عن الإطار السلمي»، واتضح أكثر فأكثر ان لعبة الكذب والخداع هي (لعبة وفاقية) بامتياز، وان ما قالته الحكومة في حينه كان صدقا وحقيقة، فالحكم على حراكهم الانقلابي الطائفي، هو حكم شعبي اليوم وحكم عربي، حتى ممن قاموا بالثورات في مصر وتونس وليبيا، بل أصبح جزء كبير لا يمكن اغفاله من العالم يشارك في مثل ذلك الحكم سواء عن التدخل الإيراني في دعم الإرهاب والفوضى والطائفية في البحرين، الذي يجعل من حراكهم حراكا طائفيا مرتبطا بإيران وبامتياز أيضا، أو من حيث السلمية الكاذبة بعد ان أصبح العالم كله، ماعدا دول الأجندات، يرى ان ما يحدث في البحرين هو إرهاب طائفي، أكثر من أي شيء آخر، فأين «علي سلمان» اليوم من كذباته الثلاث التي رمى بدائها الدولة وانسل؟ ومن هو الكاذب هنا؟
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل انكشفت (الأكاذيب الوفاقية) واحدة تلو الأخرى، وظهر الوجه الحقيقي والقبيح للسعي المذموم إلى الانقلاب (على كامل الحياة البحرينية)، وحيث بالدخول في كل التفاصيل والخطب والبيانات والتحركات الميدانية، يتضح ان كل البنية الفكرية والسياسية والميدانية لها ولبقية الجمعيات الانقلابية غير المرخصة قائمة بمجملها على الكذب والمبالغة والتشويه، وحيث اول مرة في تاريخ المعارضات في كل العالم، يقوم حراك بأكمله على ذلك، بدءا من المفاهيم والمصطلحات وانتهاء بالرؤية النرجسية للذات، ومحاولة تخريب مسار ومصير وطن بأكمله وبناء على أمرين: أحدهما: ان الحراك قد تم تحويله إلى (ظاهرة فضائية إعلامية بشكل كامل) مليئة بالخداع والحيل والخبث والتلفيق، وثانيهما: استناده إلى العنف والإرهاب أي تحوله إلى (ظاهرة إرهابية) مسنودة بالشعارات المخادعة، ووسط ذلك تتم شيطنة الدولة بكل ما أوتوا من كلمات قاموس الشيطنة، حتى جعلوا من نظامها أشنع نظام في الكون كله وعبر التاريخ البشري، وألبسوا الوطن كل ما في دواخلهم من ضغائن وأحقاد، ووالله لم أر ولم أسمع ولم أقرأ قط عن جماعة تدعي انها معارضة، ارتكبت في حق وطنها من الشنائع ما ارتكبته هذه المجموعات الشاذة والنشاز في حق البحرين وشعبها وفي كل المجالات.
هؤلاء يقومون كل لحظة بتصوير أنفسهم انهم الشعب، رغم انهم في جهة وحقيقة الشعب ومصالحه الحقيقية والمصلحة الوطنية في جهة أخرى، وحين يقولون (الشعب مصدر السلطات) فأي شعب يقصدون؟ هل يقصدون أنفسهم وانهم مصدر السلطات باعتبارهم ـ وحسب الوهم والادعاء ـ انهم ممثلو هذا الشعب؟ وهكذا عموما هم يتصرفون على أرض الواقع، والحقيقة ان الشعب وبكل مكوناته ــ ماعداهم ــ قد حدد ما يريد في هذه المرحلة الزمنية والتاريخية المفصلية التي تتكالب فيها الأجندات على وطنه.
حدد الشعب بتوافقه في «حوار التوافق الوطني» وغيره، زمن ونوع مكتسباته التي يريدها اليوم سياسيا فخرجت «التعديلات الدستورية» مصدقا عليها من جلالة الملك (وفقا لمرئياته التوافقية) التي أرادها كشعب، ومن دون ان تخل بسعيه إلى تطوير الديمقراطية والإصلاح أكثر فأكثر مستقبلا، ووفقا للظروف والمناخات الاقليمية والدولية المحيطة، وبحيث يكون الشعب نفسه هو المستفيد، وليس أصحاب الأجندات المرتبطة بمشاريع الهيمنة الخارجية، ومن دون ان يقفز في ذات الوقت على الدستور أو نظام حياته أو على شرعية النظام القائم والمحافظة على سلامة الوطن في ذات الوقت، (هذا ما يريده الشعب وحسب توافقه الوطني)، وانه يبارك المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ويعتبره (ذا مغزى) ويسير معه في الركب لتحقيق المزيد لاحقا، ووفقا للتطورات الموضوعية على أرض الواقع، وخاصة ان الإصلاح في البحرين يحقق كل فترة (قفزات نوعية) في زمن قصير، لم تحقق مثله (زمنيا ونوعيا) حتى دول الديمقراطيات الكبرى والقديمة، التي حتى اللحظة هي بدورها تبحث عن تطوير الديمقراطية والإصلاح.
فماذا يريد مدّعُو المعارضة ومدّعُو تمثيل الشعب وهم لا يعترفون الا بمن يوالي أجندتهم حتى من بين طائفتهم التي يحتكرون تمثيلها؟
إذا كان الشعب مصدر السلطات، فقد قال الشعب رأيه، بما يتناسب مع تطويرات هذه المرحلة، أما اذا أراد الانقلابيون ان يكونوا هم مصدر السلطات فإن الدستور البحريني لم يشر إلى ذلك وليس فيه بند من قريب أو بعيد يقول ان (الوفاق أو أي جهة أخرى هي مصدر السلطات في البلد)، ولذلك آن الأوان لكي يخرجوا من أوهامهم وادعاءاتهم وشعاراتهم المخادعة، وأن يعودوا إلى أرض الواقع، ويروا بأنفسهم من هو الشعب، وأين موقعهم منه.
ان الصراع الحقيقي اليوم هو بين ديمقراطية الدولة وإصلاحها، اللذين تريد الغالبية الشعبية السير في ركابهما، وبين فئة انقلابية تتصرف بديكتاتورية واستبداد وتحتمي بالعنف والإرهاب، و«لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب»، وتعمل ضد الإرادة الشعبية الجامعة، وضد الموقف التوافقي من الإصلاح، ومع الانقلاب على الحياة البحرينية، ومع العنف والإرهاب، وشعبنا قال كلمته في كل ذلك: انه ضد أي نظام ثيوقراطي استبدادي طائفي تابع لدولة أخرى غير عربية حسب أجندة مدعي المعارضة.
هذا هو الصراع الراهن وهذا هو التحدي القائم في وجه أي مواطن وفي وجه من يسعى ليحتل موقع المعارضة بعد أن خسر مدعوها مكانهم فيها.
وعلى «الوفاق» وأتباعها ومشتقاتها من الجمعيات غير المرخصة ان تختار، إما ان تكون مع الإصلاح والإرادة الشعبية التوافقية والجامعة، وإما ان تكون مع الإرهاب وتستمر في غيها، حتى تجد نفسها خارج كل شيء، وعلى الدولة أن تحسم وضعها نهائيا مع الجمعيات الطائفية الانقلابية، لأنها ضد الدستور وضد الإرادة الشعبية.