Thursday, May 10, 2012

سندنا.. مواقف حكمائنا

لطفي نصر
من أهم ما أثلج الصدور العربية في الآونة الأخيرة.. وما كان بردا وسلاما على الجميع.. والذي أعاد للإنسان العربي توازنه.. هو هذه الوقفة التاريخية الخالدة لخادم الحرمين الشريفين خلال احتواء الأزمة الطارئة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقتين.. ذلك لأنه اذا سمح لهذه الأزمة بأن تتعمق أو تتسع وتأخذ مداها فإننا نكون قد قدمنا أكبر خدمة الى اعداء الأمة العربية، ولأنه اذا كان شق الصف العربي لا يعني انه لن يعيش او يحيا نصفا الأمة بعد شقهما.. فإن الوقيعة بين السعودية ومصر تعني شق قلبي الأمة العربية (مصر والسعودية).. هذا الشق هو الأخطر والذي لا حياة بعده للأمة العربية كلها.
وسحابة الصيف هذه التي علت في سماء العلاقة التاريخية بين الشقيقتين السعودية ومصر لم تكن مفاجأة لي على الاطلاق.. فقد توقعت حدوث هذا الشيء المؤسف والمحزن بين الشقيقتين في الآونة الأخيرة وفي أي لحظة، وخاصة بعد قضائي الإجازة السنوية العام الماضي في مصر.. وبعد ان التقيت العديد من الصحفيين المصريين، ومن ثم دخلت معهم في حوارات طويلة من خلال يوم كامل عشناه جميعا مع انتخابات نقابة الصحفيين المصرية بمقر النقابة، حينها شعرت بالأسف العميق وأنا أستمع الى بعض الصحفيين وهم يتحدثون عن ايران، وعن العلاقات الايرانية المصرية التي ما كان يجب ؟ بحسب قولهم ؟ على مصر ألا تتركها في هذا الموات الطويل على مدى سنوات عديدة مضت، يتحدثون عن ايران، وتغمرهم فرحة لم يستطع الكثير منهم اخفاءها بسبب ظهور بوادر كثيرة تنبىء عن حدوث انفراج كبير في هذه العلاقة.. وان مصر ؟ وبحسب قولهم أيضا ؟ هي المستفيد الأكبر من عودة العلاقات بين البلدين الاسلاميين، وان العلاقات العضوية والتاريخية والمصيرية بين مصر والسعودية هي التي تحول دون عودة العلاقات المصرية الايرانية، وان هذا الانتماء المصري الى السعودية، وهذا الحب المتبادل بين الشعبين الشقيقين هو الذي يباعد بين الايرانيين والمصريين.
ولم يخف بعض الزملاء الصحفيين خلال أحاديثهم تأثير هذا الحماس نحو تمني العودة السريعة للعلاقات مع ايران على موقف القلة من الصحفيين مما يحدث في البحرين، واعتقادهم الخاطئ بأن ما حدث العام الماضي يجيء في اطار الربيع العربي.. هذا هو السر الذي جعلني أتعمد الاكثار من هذه الحوارات على أمل أن أتعرف على كنه ما يجري على الساحة المصرية.. والأسباب وراء كل ما يجري.. وما يبدو على الساحة من تحولات غير مريحة.
وعرفت بعد ذلك ان من بين أسباب هذا التحول في مشاعر ومواقف بعض الصحفيين والمثقفين المصريين هو ان ايران بدأت ترفع من وتيرة نشاطاتها وتحركاتها على الأرض المصرية.. ومن بين ما فعلت دعوة الوفود الصحفية الكبيرة الى زيارة ايران.. الوفود تلو الوفود.. حيث كانت تلك الوفود تعود، وقد دارت أدمغة أعضائها.. وتبدلت رؤى بعضهم.. وبدأ البعض يسارع نحو القنوات التلفزيونية.. وكنا نستمع الى أحاديثهم وقد امتلأت حبا وغراما بايران.. لكن ما آلمني حقا وما أثار غيظي هو ان مثل هذه المشاعر والمواقف المتبدلة كان لها التأثير السلبي على مواقف بعضهم من البحرين.. وكانت مواقفهم ومشاعرهم نشازا على الأرض المصرية، ذلك لأنه وعلى مدى التاريخ كله كان ولا يزال شعب مصر لا ينطق الا حبا للبحرين ودعما أكيدا لكل قضاياها العادلة.. لكن يبقى ان مبعث الطمأنينينة هو ان من بقوا على تأثرهم بفعل هذا الحراك الايراني على الارض المصرية قد أصبحوا قلة تكاد لا تذكر، وخاصة بعد ان زلزلت قلوبهم خوفا ورعبا على مصير العلاقات التاريخية بين الشقيقتين مصر والسعودية والتي كانت على وشك ان تضيع لولا الوقفة التاريخية لحكماء البلدين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين.. حفظه الله ورعاه وأبقاه ذخرا وسندا لكل العرب أجمعين.

أشياء.. وعبارات.. ومواقف كثيرة تغيظ.. وتجعل الدماء تغلي في العروق.. ويأخذ معها ارتفاع ضغط الدم مداه الى أعلى.. ومن بين هذه الأشياء والعبارات والمواقف ما يلي:
عندما تصر المعارضة على ترديد عبارات «الشعب يريد،.. أو «مطالب شعبية».. وهي - أي المعارضة - تقصد هذه المطالب التي في أذهانها هي فقط.. أي في اذهان القلة القليلة التي لا يتجاوز عدد أعضاء هذه الجمعيات المئات.. ولا يرقى الى الآلاف!
عندما يطلب القائمون على جمعية الصحفيين من جموع الصحفيين الاهتمام بانتخابات مجلس الادارة الجديد.. وعدم التغيب عن حضور اجتماع الجمعية العمومية.. بينما لا يكلف هؤلاء القائمون على شئون الجمعية انفسهم بأن يتساءلوا فيما بينهم ماذا قدمت هذه الجمعية للصحفيين عبر عمرها الطويل وحتى الآن؟.. وماذا يمكن أن تقدم في المستقبل؟
الشيء الوحيد الذي يقدمونه أو يمكن أن يقدمونه في المستقبل هو ارتداء (البشوت) والتقاء المسئولين.. واصدار البيانات التي لا يتعدى مداها أو تأثيرها عن مدى وتأثير كل بيانات الشجب والاستنكار العربية.. ولا ترقى الى أكثر من انها مثل الزبد الذي يذهب جفاء.. ثم ارهاق أنفسهم في عملية توزيع السفريات وحضور المؤتمرات والندوات خارج البحرين.. وأعتقد جازما انه ليس هناك ما هو أكثر من ذلك!
أشد ما أثار دهشتي واستغرابي هو لجوء جمعية «الوفاق» الى رفع دعوى ضد وزارة الداخلية بسبب لجوئها - أي وزارة الداخلية - الى استخدام الغاز في تفريق المتظاهرين.. فعلت «الوفاق» ذلك ونسيت ان تقول لنا: ومن الذي سيقيم دعوى ضد استخدام المولوتوف، والاسياخ الحديدية التي تصوب عشوائيا ضد رجال الأمن الابرياء، واستخدام المتفجرات التي أصبح يتم تفجيرها عن بعد وذلك لقتل رجال الأمن أثناء تأدية واجبهم الوطني.. هذا الأمر على وجه الخصوص هو الذي يتطلب اعادة النظر في كل الأمور والأوضاع حتى لا تكون النتائج كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
الاصرار على تمرير قانون يجرم ما يعرف بـ (الرشوة) بالقطاع الخاص، وذلك في غياب شامل للتعريف بالرشوة في ظل القطاع الخاص.. وكل ذلك من خلال الاجابة عن سؤال مهم ألا وهو: هل قد تمت حماية المال العام الى الدرجة التي تخول لنا حق الانتقال الى حماية المال الخاص؟
والسؤال المهم هو: الى مدى يسمح الدستور بالتدخل القسري في توجيه الانفاق او التصرف في المال الخاص؟
ويجدر بنا ان نشير الى انه على السلطتين التنفيذية والتشريعية إن تدركا ان الاسراف في اصدار القوانين من دون ان يقتنع المواطن بها أو يتفهم وظيفتها.. ومن دون أن تصبح لديه ثقافة كاملة عنها.. فانها سوف تتحول سريعا الى كم مهمل وقد تكون عكسية وضارة بعد صدورها.