Thursday, May 10, 2012

هل أنا مواطن أم ماذا

أحمد سند البنعلي
حسب ما أعرف فإنني ولدت بالبحرين في إحدى سنوات الخمسينات من القرن الماضي وليست لدي شهادة ميلاد لأن معظم الولادات في تلك الفترة كانت تتم على يد القابلات في المنازل، وما لدي من معلومات يقول ان والدي رحمه الله ولد هو الآخر في البحرين في نهاية القرن التاسع عشر وكذلك والده الذي له ممتلكات في البحرين وفي فريق البنعلي بالمحرق، وما أعرفه أن هناك وثائق تخص العائلة تفيد بوجود معاملات رسمية منذ أكثر من ثلاثة قرون تخص أملاكا في البحرين، كل ذلك اعرفه من معلومات تخصني على أقل تقدير وتخص عائلتي وهي مثال على الكثير من المعلومات التي تخص العائلات العربية الأخرى التي تعيش على هذه الأرض، إلا أننا نفاجأ في السنوات الأخيرة بنغمة جديدة أطلق عليها المواطن الأصلي وغير الأصلي.
وأذكر كذلك أنني كنت ممثلا لجمعية الوسط في ندوة مغلقة عقدت بجريدة الوسط البحرينية منذ أكثر من خمس سنوات وكان موضوع الندوة عن المستقبل السياسي ولكني فوجئت بممثل إحدى الجمعيات يتحدث عن المواطن الأصلي في البحرين مما يعني أن هناك مواطنا درجة ثانية من وجهة نظره على أقل تقدير فما معنى ذلك من مختلف الجوانب.
ما نعرفه أن المواطن الذي يحمل الجنسية الخاصة بأي دولة هو مواطن حاله كحال باقي المواطنين من الناحية القانونية ولا يوجد فرق بينه وبين غيره من المواطنين في تلك الدولة لا في الحقوق ولا في الواجبات حسب نص القانون الذي يحكم تلك القضية ولكن يبدو أن بين ظهرانينا من يرى غير ذلك ويسير في اتجاه خلاصته التمييز بين المواطنين وتجريدهم من حقوقهم وهو لهذا يريد إقصاء الآخر من كل شيء مع أن الكثير من المواطنين البحرينيين يحملون جنسية دول أخرى ولم تتم محاسبتهم على ذلك مع أن القانون البحريني يمنع ذلك إلا في حدود معينة فقط.
هذه الدعوة تطرح تساؤلا عن معنى المواطنة الأصلية، فهل المقصود هو المواطن الذي ولد في البحرين ولا يهم متى ولد؟ أم المقصود هو المواطن الذي وجد في البحرين في زمن معين وما هو هذا الزمن أو المدة الزمنية التي قضاها هل تكفي خمسون عاما أو مئة عام أو أكثر أو اقل ولو قلنا فقط خمسون عاما لتم سحب الجنسية من أكثر من مئتي ألف مواطن ومعظمهم ممن يتحدثون عن المواطن الأصلي وغير الأصلي، هذا يعني أنه على أصحاب الدعوة تحديد مفهوم المواطن الأصلي وغير الأصلي من وجهة نظرهم لكي نستطيع فهم المعنى والمغزى من هذه المقولة ونتحاور فيها من النواحي القانونية والاجتماعية.
في الأحداث الأخيرة كان الكثيرون عندنا يستنجدون بالولايات المتحدة الأميركية ويطالبون رئيسها بموقف هم يريدونه منه مع أن رئيس تلك الدولة هو مواطن أميركي غير أصلي حسب المفهوم الجاري الحديث عنه عندنا فهل يعني ذلك أن على الرئيس الأميركي ترك منصبه ثم يتم التعامل معه على أنه مواطن درجة ثانية؟ وهل يمكن الاستعانة بإنسان ليتخذ موقفا يناقض وضعه الخاص في القضية التي مطلوب الدفاع عنها.
هل يمكن أخذ اللهجة كمعيار للمواطن الأصلي وغير الأصلي حيث لدينا من تتسم لهجته بلكنة عربية عراقية وليس خليجية فهل هذا المواطن أصلي أم غير أصلي؟ المعايير كثيرة والكل يشد تلك المعايير لخدمة غاية يريدها من وراء تلك المقولة.
هذه الدعوة تعني التمييز بين البشر وتعني انتهاكا لحقوق الإنسان التي تتحدث عنها المواثيق الدولية الخاصة بتلك الحقوق والتي ينادي الكثير عندنا بالتمسك بها، وهذه الدعوة تعني هدر مبدأ مهم مفاده أن البشر متساوون في الحقوق والواجبات فإن كانت الحقوق ناقصة فهذا يعني أن الواجبات يجب أن تكون ناقصة كذلك لأنه لا يحق لنا مطالبة البشر بواجبات عامة ونحرمهم من الحقوق العامة.
إن كنا نستند إلى التاريخ في طرح تلك المقولة فإن التاريخ مفتوح وبه الكثير من الثغرات التي تكون في غير صالح من ينادي بتلك القضية وهو ما يعني أن من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر... والله من وراء القصد.