Thursday, May 10, 2012

الإساءة إلى القرضاوي

جمال زويد
فجأة، وبدون مقدّمات أصبح فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي - حفظه الله وأطال في عمره - هدفاً مستباحاً للكثيرين ممن وجدوا فرصتهم للتنفيس عن أحقاد وضغائن طالما احتبست في نفوسهم على شيخنا الفاضل أو عموم الإسلاميين، حتى السفهاء و(الرويبضة) صاروا يتجرأون على صاحب الهامة العالية الذي أفنى عمره في خدمة الدين الإسلامي في مجالات القرآن الكريم والفقه ومختلف العلوم الشرعية بحيث صار عَلَما تخرّج على يديه خيرة علماء الأمة وباتت كتبه ومؤلفاته (العربية والمترجمة) مرجعاً وموسوعة تنهل منها المدارس والجامعات ومراكز الدراسات وتربّى عليها أجيال وأجيال في شتى دول العالم. وهو صاحب مواقف في نصرة قضايا الأمة الإسلامية غير خافية على أحد، وأهمها نصرة القضية الفلسطينية وخطبه التي أقضّت مضاجع اليهود فجعلتهم يطلبون دمه ودفعت بـ(لوبيّاتهم) لمنعه من دخول عدد من العواصم الأوروبية. ولشيخنا الفاضل أيضاً موقف مشرّف تجاه الأحداث المؤسفة التي مرّت بها مملكتنا العزيزة، لا يمكن أن ننساه.
أسوأ ما في مثل هذا النوع من الهجوم على الشيخ القرضاوي هو أن كل شيء مباح عند هؤلاء المحاربين، لا يمنعهم أخلاق أو دين طالما أن الهدف هو تشويه سمعة الشيخ أو الإساءة إلى الإسلاميين الذين وجدت ثورات الربيع العربي أنهم الأقرب إلى وجدانهم وتطلعاتهم فاختارتهم بكل تجرّد من أي أسباب تزوير وتزييف للإرادة الشعبية اعتادتها الأنظمة السابقة.
بعضهم سعياً للإساءة لم يعد للأمانة أو الدقة أو تحرّي الحقيقة أي مكان في قاموسه، فلا فرق لديه بأن يكون ما نشره حقيقة أو افتراء أو تدليسا، ولا فرق بين أن تكون المعلومات التي تصدرت مقاله أو تصريحه مبالغا فيها أو هي من نسج الخيال.
مؤخراً - على سبيل المثال - في ظل الحملات الانتخابية الرئاسية في مصر الشقيقة؛ نقل بعضهم تصريحاً عن شيخنا الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي يقول عن معارضي جماعة الإخوان المسلمين بأنهم «وجدوا في دعوة الإخوان قيوداً على سرقاتهم وأطماعهم وامتيازاتهم التي كسبوها بالباطل»، وأضاف أن القرضاوي وصف من يعارض الإخوان المسلمين بقوم لوط.
تلقفت هذا التصريح جموع من أعداء الإسلاميين عموماً والشيخ القرضاوي خصوصا ونشرته كمن فاز بكسبٍ يشبع ما في نفسه من عداء وتشهير. وأصبحوا يتكلّمون عن الديمقراطية والأخلاق وما شابه ذلك من مصطلحات هم من أكثر البائعين والمتخلّين عنها.
المهم؛ تبين فيما بعد أن هذه المادة المنشورة نقلاً عن القرضاوي إنما تم نقلها واستدعاؤها من كتاب أصدره القرضاوي في عام ١٩٩٨، أي قبل حوالي (١٤) عاماً، ويحمل عنوان «الإخوان المسلمون... سبعون عاماً في الدعوة والتربية والجهاد»، وكان يتحدث فيه في مقام تعليق فضيلته على محاكمات الإخوان العسكرية في عهد حسني مبارك وظلم النظام له وللشرفاء من أبناء الوطن، وأن هذا الكلام موصوف به فئة محددة كانت تهاجم أي شريف من أبناء الوطن.
بمعنى أن بعضهم في إطار حرصه على الإساءة والتشويه قد أجهَد نفسه من أجل تلفيق وفبركة ما يضرّ بمكانة القرضاوي، فبحث في كتبه القديمة ودبّر أو فبرك واقتطع كلاماً من كتاب للقرضاوي مضى عليه (١٤) عاماً، اقتطعه من سياقه الزمني والموضوعي ليظهره وكأنه تصريح جديد يخصّ الانتخابات الرئاسية المصرية. طبعاً لحاجة في نفس يعقوب.
سانحة:
من نماذج العقول الراقية: شتم رجل الصحابي والبطل والقائد الجليل، خالد بن الوليد رضي الله عنه، فالتفت إليه وقال له: «هي صحيفتك املأها بما شئت».