Thursday, May 10, 2012

علاوة الغلاء.. الصداع الأزلي

عبدالله الكعبي
ما رأي المشرعين والمنفذين، هل البحرين بحاجة للدخول في سجال وجدال جديد حول أي موضوع في هذا الوقت أم أن من مصلحتها المرور على كل الأمور بسلاسة وسهولة لتفويت الفرصة على المتربصين والمتصيدين في المياه العكرة؟ ما يجري من مناقشات ومصادمات حول علاوة الغلاء التي يتفنن المتحكمون فيها في وضع شروط استحقاقها والعقبة تلو الأخرى في وجه الحصول عليها، لا يمكن أن ينم عن وعي ولا حرص على مصلحة البحرين التي تمر الآن في أزمة حقيقية تحتاج منا التكاتف والتعاون من أجل المرور عليها إلى بر الأمان الذي يجب أن يكون واحة غناء بالأمان ينعم فيها المواطن بمزايا كثيرة تفوق هذه العلاوة والشروط التعجيزية التي تحيط بها.
علاوة الغلاء التي سنت في الأساس من أجل التخفيف من وطأة موجة الغلاء الفاحش الذي اجتاح العالم في السنوات الأخيرة من العقد الماضي، كان من المفترض أن تكون علاوة ثابتة وليست مؤقتة يستفيد منها كل مواطن أو على أقل تقدير كل موظف وأن تتناسب مع نسب الغلاء والأسعار التي ارتفعت ولا أمل في عودتها إلى ما كانت عليه. فالشروط التي وضعت في حينها والتي استطاعت أن تلغي أعداداً كبيرة من المواطنين من قوائمها قال عنها الكثيرون انها مجحفة وبحاجة إلى إعادة نظر ويعنون بذلك أن تخفف أو تلغى على اعتبار أن كل مواطن مهما بلغ دخله الشهري يستحق من الدولة علاوة غلاء تضاف إلى مجموع العلاوات الكثيرة التي مازال جلها مجرد مشاريع لم تر النور والتي لها دور كبير في رفع نسبة الأجور بشكل كبير في دول الخليج المجاورة.
من المخجل أن نعود من جديد إلى النقطة التي بدأنا عندها وندعو جموع الموظفين أو أصحاب الأسر إلى مراكز تحديث البيانات وسؤالهم مرة أخرى عن نفس الأسئلة السقيمة التي اعتقد أن إجاباتها موجودة في قاعدة البيانات الحكومية التي كان من المفترض أن تكون الوزارة المسؤولة عن صرف علاوة الغلاء مرتبطة بها ارتباطاً وثيقاً لما لتلك المعلومات من أهمية بالنسبة لهم.
كنت أتوقع وقبل أن يشرع في حرب العلاوة الجديدة أن تبادر الدولة من تلقاء نفسها إلى حسم أمر العلاوة بتعديل قيمتها وإلغاء شروطها وجعلها من الحلول التوافقية التي يمكن أن تسحب البساط من تحت أقدام من يحاول أن يستغل كل ثغرة للدخول منها إلى مشكلة جديدة يحارب بها البحرين في الداخل والخارج ويستثمرها لتصوير البحرين على أن شعبها يعيش تحت خط الفقر أو ما شابه ذلك من ادعاءات لا يصعب الترويج لها في ظل الانفتاح الإعلامي الكبير واستعداد القنوات الفضائية العميلة لتبنيها والترويج لها بكل السبل.
البحرين اليوم بكل مكوناتها بحاجة إلى من يجنبها الجديد من السجالات والجدل والمنازعات والقيل والقال حتى تتفرغ لحل ما هو أهم والذي بدأ يستشري ويكبر مستغلاً مثل هذا النوع من المنازعات غير الضرورية التي وللأسف الشديد يصرف لها اليوم جل اهتمام الناس وطاقة النواب وكل الكوادر في الوزارة المعنية بالرغم من أنه موضوع كان من المفترض أن يكون محسوماً وبت فيه لصالح المواطن وليس في صالح مزيد من الشروط والعراقيل التي تزيد من نقمة المواطن على بلده وحكومته وأرضه التي يستحق منها العطاء كي يحميها ويعطيها كل ما يملك.
قرار حاسم يمكنه أن ينهي هذا الصراع العبثي غير المجدي ولا المفضي إلى نتائج إيجابية، ونفس هذا القرار يمكن أن يوفر على الجميع جهودهم ويوجهها لمعالجة الأمور الأهم التي هي بالفعل بحاجة إلى هذه الطاقات وهذا الخوف والحرص على مستقبل البحرين ومصلحة أبنائها. التشريع الذي بيد النواب يجب أن يصرف لمعالجة المخالفات الجمة الموجودة على الساحة والتي تدفع في كل يوم نحو مزيد من التأزيم والخروج على القانون وجر البلد إلى مستقبل مجهول يزداد غموضه في ظل الغياب شبه التام للقانون الذي أدى غيابه إلى مشكلة كان من المفترض أن تعالج نيابياً وتعطى الأولوية القصوى لأن بلدا من دون قانون لن يستفيد المواطن فيه من علاوة الغلاء ولا من أي مزايا لا يوازيها أمن وأمان ضروريان لاستمرار أي حياة.