Thursday, May 10, 2012

يتمنون “عقوبات اقتصادية” على وطنهم

أسامة الماجد
حدثان مهمان حصلا يوم أمس أعتبرهما نموذجا حقيقيا لكلمة مواطن شريف ومواطن خائن لوطنه... حدثان لكل منهما حكاية وأبطال. الحدث الأول وهو المفرح أن البحرين أصبحت مقرا لمجموعة روتانا، وقناة العرب الإخبارية وهذا يؤكد المكانة المرموقة والمتميزة التي تتمتع بها البحرين في كافة المجالات بما فيها المجال الإعلامي.. وحدث كهذا يجعل من المواطن البحريني يفخر بحق بكل إنجاز تسجله هذه الجزيرة الجميلة الوادعة النائمة في أحضان الخليج.
أما الحدث الثاني الذي يكشف لنا النوايا السيئة لأولئك الذين ينادون بالديمقراطية ويثرثرون في مختلف عواصم العالم فهو وكما ذكروا في التويتر “العمل بكل جهد لفرض عقوبات اقتصادية على البحرين!!”
أنظروا إلى أي خسة وحقارة وصل بهم الحال، يتمنون فرض عقوبات اقتصادية على وطنهم.. على أسرهم.. إخوانهم.. أقربائهم.. يتمنون تجويع الناس وخنقهم من أجل من؟ من أجل المخطط الإيراني المجوسي القذر في المنطقة والعصابة الحاكمة هناك.
لم نسمع ولم نشاهد في حياتنا مواطنا يتمنى فرض عقوبات اقتصادية على بلده، إما أن يكون مجنونا أو مغسول العقل، والصفة الثانية أقرب.
حقيقة أنا حديث العهد بـ “التويتر” ولكنني اكتشفت فيه تغريدات مسيئة للبحرين وللقيادة ليس لها مثيل على الإطلاق والأدهى أن تأتي من بحرينيين.
إحدى تلك التغريديات تقول “سنحشد طاقتنا لتصفية أهل السنة الموالين للنظام “، وتغريدة ثانية تقول “نحن السكان الأصليين والنظام ومن معه دخلاء”.
وغيرها الكثير من العبارات التي أخجل من ذكرها والتي لا تعكس إلا روحا مريضة خبيثة موبوءة بالحقد الأسود والكراهية المميتة.
العقلية العربية والاستعمار:
لا اعرف إلى متى ستبقى العقلية العربية مخمورة بالجهل، ومتمسكة برواسب فكرية ليس من المفترض ان تبقى في هذا الزمن، فمصطلح الاستعمار الفكري وسموم الغرب لا يزال يردده أساتذة الجامعات عندنا.
تخيلوا لقد أقحموا الاستعمار حتى في اللغة العربية التي لابد ان تتأثر شأنها شأن بقية اللغات ببعض المفردات الدخيلة، فهم يرون وبكل جهل ان الاستعمار البغيض كما يصفونه دخل في لغة حياتنا، في مصطلحاتنا، في مسمياتنا، في نظراتنا السياسية والاجتماعية.
ففي لغتنا الدارجة اليوم مئات المفردات الانجليزية والايطالية والفرنسية والهندية وغيرها من اللغات، تلك المسميات التي دخلت دولنا العربية مع المستعمرين، وبقينا نتداولها من غير ما ضرورة او حاجة إلى استعمالها، ولكن الكسل العقلي والخنوع لسلطان الاستعمار الفكري وتخدر مشاعرنا، هي التي تبقي هذه الألفاظ والمصطلحات حية بيننا لتزيد من مظاهر الفرقة بين دولنا.
ان كل دولة عربية أو مجموعة دول تأثرت بلغة من اللغات الأجنبية، وصارت تستعمل مفرداتها ومصطلحاتها بحيث يبدو غريبا في أعين أبناء الدول العربية الأخرى التي تستعمل هي بدورها ألفاظا أجنبية أخرى.
ويرى هؤلاء المحنطين ان السبيل السوي الذي يجب على هذه الدول العربية جميعا ان تسلكه هو طرد تلك المسميات من لغتها، وإحلال اللغة الفصحى الجامعة محلها، بحيث تشير هذه اللغة الواحدة من جديد إلى وحدة امتنا، وتنفي مظاهر الفرقة التي أورثها إيانا المستعمر الذي طردناه من أرضنا ورضينا مع ذلك بإبقاء آثاره السيئة حية بيننا.
انظروا يا سادة إلى أين وصل تقديس البعض إلى لغتنا العربية التي عجزنا عن إقحامها في بعض العلوم الحديثة كالطيران مثلا.
إن الدعوة التي يطلقها أولئك الفطاحل بتمسك الدول العربية بلغة واحدة يتحدثون بها وهي الفصحى وترك العامية أمر مستحيل ويتعارض مع مقاييس الحياة بيننا، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل دولنا العربية لا تتحدث الفصحى في تسيير أمور الحياة اليومية، بيد ان الأمر المهم هو ان اللغة العربية لم تعد لغة علم ودراسة في هذا العصر حتى نتمسك بها إلى هذا الحد الغبي. من لا يعرف اليوم الانجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ليس جديرا بحمل لقب الإنسان العصري.