Thursday, May 10, 2012

القمة التشاورية والتحديات الداخلية للوحدة الخليجية

د‮. ‬ظافر العجمي
هل نرى الوحدة الخليجية في القريب العاجل؟ ليس هذا من الأسئلة التي تطرح للحصول على جواب؛ بل سؤال من أجل القيام بمهمة. وأولها أن يقر صانع القرار الخليجي بالتحديات الداخلية للوحدة الخليجية كأكبر المعضلات وأن يتلمس حلها. فلدحض مقولات كادت تتحول إلى ثوابت نقول إن التحديات الخارجية للوحدة الخليجية هي الدافع الرئيسي لقيامها لا لإجهاضها. حيث لم نشعر بالقلق حيال من وصفها من الخارج بالفكرة الصهيونية الأمريكية، فقد قيل إن مجلس التعاون قام بإيحاءات أمريكية، رغم أن تحقق الأمن الجماعي الخليجي يلغي الحاجة لاتفاقيات الأمن مع واشنطن. من المتوقع أن توجه القمة التشاورية 14 بالرياض رسالة لإيران باعتبار ما فعلته في الجزر الإماراتية يناقض سياسة حسن الجوار. وقد يتم إعلان الاتحاد بين البحرين والسعودية، لكن الأهم هو مناقشة ما وصلت إليه اللجنة المكلفة بوضع آليات التحول من التعاون إلى الاتحاد بين دول الخليج كافة. وهنا نشير إلى أن اللجنة نفسها قد تم تشكيلها على عجل في بعض دول المجلس، وكأن التعامل مع قضايا الخليج حكر على من كتب مقالاً أو تولى منصباً رسمياً خليجياً، دون امتلاك رؤية أو مبادرة أو فكر استراتيجي يستحق الإشادة في هذا المضمار. فمنهم من كان جزءاً من نهج ترحيل بنود القمم في هياكل التعاون السابقة! والبعض الآخر كلف بوضع آليات الوحدة الخليجية وهو مثار سخط لحضوره تجمع هتك ستار الوحدة الوطنية في بلده! وتواجه مبادرة خادم الحرمين الشريفين للرقي بالعمل الخليجي من التعاون إلى الاتحاد تحديات داخلية لعل أهمها: 1- إقناع مناوئي المبادرة أن الوحدة لا تشكل خطراً على سيادة دولة، ولا زيادة هيمنة دولة على البقية. فالاتحاد الكونفدرالي، الذي أرى أنه الأفضل بين دول الخليج في مجال السياسة والاقتصاد والدفاع، يحفظ لكل دولة سيادتها ودستورها ونظامها السياسي وأسرها الحاكمة، ولا يتعارض مع القوانين الداخلية لدول الاتحاد. 2- كما يثير البعض قضية الخوف على المكاسب السياسية التي تحققت للمواطنين في بعض الدول، وهنا نشير إلى أن الاتحاد الكونفدرالي لا يتطلب تشابه الحالة السياسية لكل دول الاتحاد، فهو اتحاد بين دول ذات سيادة لا يتدخل في الشؤون الداخلية لكل دوله، بل من الممكن الاتحاد بين النظام الملكي والنظام الجمهوري في هذه الصيغة من صيغ الوحدة. 3- لقد تحفظ على الوحدة الخليجية رجال لهم مكانتهم السياسية بحكم رفضهم لثلاثين عاماً الاتفاقية الأمنية بين دول المجلس. وفي ذلك قصور في فهم طبيعة الاتحاد الكونفدرالي الذي لا يسمح لأي دولة من دول الاتحاد أن تتدخل بشؤون الأمن الداخلي لباقي الدول. 4- لم تخل بعض الانتقادات من الأنانية المادية، فقيل إن الوحدة ستقوض المستوى المعيشي لمواطني دولة خليجية لأن مواطني دولة أخرى سيكونون عبئاً عليهم. وفي ذلك تجاهل أنهم سيكونون عبئاً سياسياً وأمنياً على غيرهم. كما يطالبون في الوقت نفسه بإسقاط ديون العراق رأفة بالمواطن هناك. ونشير هنا إلى أن الاتحاد الكونفدرالي لا يتطلب أي معايير اقتصادية كشرط للانضمام إليه، فمستوى المعيشة لمواطني أي دولة تنضم للاتحاد لن يتأثر سلباً، بل إن التجارب السابقة للدول تبين أن الاتحاد يعزز مستوى المعيشة للانفتاح الاقتصادي بين دول الوحدة، ولولا الاتحاد الأوروبي لكانت اليونان دولة فاشلة مثل الصومال. سبق الجهد الخليجي الرسمي جهود شعبية لإنجاح الوحدة، فدعا “منتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية” لها كمقصد شرعي وربط بين الإصلاحات السياسية والوحدة عبر تحرك مدني. ويؤخذ عليه اتساع طموحه ومساحته، فقد أربك مطلب الإصلاح وحقوق الإنسان بوصلة البحث عن الوحدة كأولوية. وأثقل عبء ضم اليمن أجندة المنتدى في البداية. وقد أكد المنتدى حرصه بالالتزام بالأساليب السلمية والانفتاح على جميع فئات المجتمع. لكنه بقي متهماً بأنه قام بإيحاءات من الإخوان المسلمين. وقد استقلت من المنتدى لأسباب تنظيمية في أبريل 2012م وكنت قبلها عضواً في مجلس الأمناء وعضواً في مكتبه التنفيذي ومازلت على يقين أنه أفضل تجمعات الدعوة للوحدة الخليجية. كما إنني على يقين أنني ومثلي كثير من أعضائه لسنا من الإخوان المسلمين، إلا إن كانت زميلتنا في مكتبه التنفيذي الوزيرة البحرينية سميرة رجب إخوانية!! أما الوحدة كمقصد شبابي، بحكم أنها خطوة للمستقبل سيقطف ثمارها جيل الغد فيمثلها “مؤتمر الشباب الخليجي.. دول الخليج العربية من التعاون إلى الاتحاد”، وتم بمبادرة تبناها معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية السعودية، وشاركت فيه وفود رسمية ووفود من المجالس البرلمانية الخليجية، إلا أن هذه المظلة الحكومية الخليجية التي ظللته رعاية ومشاركة من كل دول المجلس، ستكون سبب انهمار سهام النقد عليه لأنه سلب منظمات المجتمع المدني أو الجامعات حق تنظيمه. ورغم إيماننا بجدوى العمل الشبابي والشعبي للوصول للوحدة الخليجية؛ فإننا نرى أن الظروف الإقليمية والتحديات الداخلية تتطلب من صانع القرار الخليجي العودة لأجواء اللحظة التأسيسية لمجلس التعاون، رغم أنها كانت جهوداً رسمية صرفة، وتكرار ما تم في أبو ظبي في 25 مايو 1981م من قبل المؤسسين الأوائل. متمنياً أن نقرأ في القريب العاجل “تلبية لمبادرة خادم الحرمين الشريفين، وانطلاقاً من الروح الأخوية واستجابة لرغبات وطموحات شعوب الخليج من أجل مستقبل أفضل. وبناء على ما تم في اجتماعات وزراء خارجيتها، اتفق أصحاب الجلالة والسمو على قيام اتحاد كنفدرالي يضم دولهم يسمى “اتحاد دول الخليج العربي”. المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج