Thursday, May 10, 2012

مصر الجديدة ومستقبل العلاقة مع إيران

أسامة الهتيمي
الناظر إلى واقع العلاقات المصرية الإيرانية خلال القرن الميلادي الماضي وحتى الآن يلحظ أن التوتر كان هو السمة الغالبة على هذه العلاقات إذ ارتهنت طوال هذا التاريخ للبيئة السياسية على المستويين الإقليمي والدولي التي خضعت في فترة من فتراتها لإرادة الاحتلال الغربي الذي كان يفرض سيطرته على أغلب بلدان المنطقة العربية والإسلامية فيما خضعت في فترة أخرى لحالة الاستقطاب السياسي بين القوتين الكبيرتين المتنازعتين "الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي".
ففي الأربعينات من القرن الماضي وخلال فترة الاحتلال البريطاني لكل من مصر وإيران اتسمت علاقة البلدين بالتقارب الشديد بينهما، لكن هذا التقارب سرعان ما انقلب إلى توتر شديد بعد وقوع أحداث ثورة الثالث والعشرين من يوليو في مصر والتي كانت سببا في إجلاء جنود الاحتلال البريطاني عن الأراضي المصرية وإسقاط حكم الملك فاروق وتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية، بالإضافة إلى العدوان الثلاثي عام 1956م وتطور العلاقات المصرية السوفيتية التي كانت في مقابل تدهور العلاقات المصرية الأمريكية.
لقد كانت إيران آنذاك واحدة من مجموعة حلف بغداد الذي كانت تقوده واشنطن ولم يكن مقبولا أن تكون القاهرة وطهران على علاقة من الوئام خاصة وأن القاهرة محسوبة في هذا الوقت على الاتحاد السوفيتي، ولذلك نجد أن عبد الناصر يرحب بدعم المعارضين للشاه ولو كانوا من التيارات الدينية التي حاربها عبد الناصر بضراوة ووحشية بالغة.
لكن واستجابة لمسارات وطبيعة الحياة السياسية المتقلبة فقد تراجعت العلاقات المصرية السوفيتيه في عهد الرئيس المصري أنور السادات الذي بدأ يتحول وبشكل ملحوظ إلى معسكر الولايات المتحدة الأمريكية ما أدى بالتبعية لحدوث تقارب مصري إيراني في زمن الشاه انتهى باندلاع الثورة الإيرانية بقيادة الخميني عام 1979م وهي الثورة التي كانت ترى في سلوك السادات - الذي دوناً عن بقية رؤساء العالم سمح باستضافة الشاه على الأراضي المصرية - سلوكا شائنا ومضادا للثورة.
وتزامن مع هذا الموقف ما قام به السادات أيضا من التوقيع على معاهدة كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني عام 1979م وهو ما دفع الخميني إلى الاستجابة لطلب الرئيس الراحل ياسر عرفات بقطع العلاقات الإيرانية بمصر وهي العلاقات التي لم ترْقَ حتى اللحظة إلى تمثيل دبلوماسي كامل في كلا العاصمتين على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على توقيع هذه المعاهدة.
الاستقلال المفقود
يتبين من الاستعراض التاريخي السابق والسريع لمنحنيات العلاقة بين مصر وإيران على مدار أكثر من نصف قرن من الزمان أن الإرادة السياسية لكلا البلدين لم تكن هي المعبر الوحيد عن شكل هذه العلاقة وبالتالي لم يكن يستحضر قادة النظامين في البلدين المحددات الرئيسية للعلاقات بين الدول فهذا مما لم يشغلهم على الإطلاق بالقدر الذي شغلهم اتّباع البوصلة المحددة من قبل القوى الدولية التي كان لها النفوذ الأكبر على اتخاذ القرار في هذه البلدان.
ومن ثم فقد اختفى من المشهد الاختلاف المذهبي بين البلدين فليس من المؤثر كون مصر واحدة من أكبر البلدان السنية التي تحتضن الأزهر الشريف الجامع والجامعة السنية، وأن إيران أكبر البلدان الشيعية في المنطقة والتي تحاول وبالتوافق مع تاريخ حكامها العمل على التوسع الشيعي وتزايد النفوذ في المنطقة وخاصة في بلدان الخليج العربي.
وإذا نظرنا إلى المسلك السياسي الذي اتبعه الرئيس المصري البائد حسني مبارك في تحديد مسارات العلاقة مع إيران وجدنا أن هذا كان بالنسبة له أمرا مستبعدا أيضا فمبارك لم يكن يلتفت للدين إلا من زاوية كون الإسلاميين خطرا لا بد من إزاحته عن المشهد السياسي المصري وهو ما دفعه إلى أن يتحسس كل خيط يمكن أن يكون عونا أو دعما للإسلاميين بمختلف توجهاتهم حتى يقوم بقطعه.
وكانت إيران بالنسبة لمبارك وبحسب تصوره إحدى الجهات الداعمة لأطراف إسلامية فاعلة في الحياة السياسية ومن ثم كان يجب أن يتم التعاطي معها بحذر شديد وهو في حقيقة الأمر فهم قاصر إذ كانت إيران بدورها تتعاطى مع الإسلاميين من باب اعتبارهم أداة ضغط سياسي على مبارك للدفع به لإحداث تقارب بين النظامين وهو ما أدركته ووَعته الإدارة الأمريكية التي أحسنت استغلال التقارب بين إيران وبعض الأطراف الإسلامية للمقايضة على حزمة من المصالح والأهداف الأمريكية في العديد من البلدان.
كذلك فقد كان التباعد بين مصر وإيران ورقة أراد بها مبارك نيل رضى الطرف الأمريكي بعد أن توترت العلاقة بين واشنطن وطهران ليس إلا لنزاع بينهما حول فرض السيطرة وتزايد النفوذ في المنطقة العربية والإسلامية بما يفسر التباطؤ الأمريكي والصهيوني في اتخاذ خطوات حقيقية لوقف ما اسمياه بالبرنامج النووي الإيراني الذي يبدو أنه توافق مع ما تستهدفه أمريكا وقوى الغرب من الدفع بإيران باعتبارها فزاعة لبلدان المنطقة.
مستقبل العلاقات
كان من الانتقادات الموجهة للنظام المصري البائد هو تدهور العلاقات المصرية الإيرانية فقد كانت العديد من القوى السياسية ترى أن هذا التدهور وكما أشرنا آنفا شكل من أشكال التبعية السياسية للولايات المتحدة وأن تحقيق الاستقلال يستتبع تحسناً في هذه العلاقات وهو ما دفع بالعديد من المرشحين المحتملين للرئاسة في مصر سواء كانوا من الإسلاميين أو من غيرهم إلى الإعلان عن أنهم سيعيدون النظر في هذه العلاقات في حال وصولهم لسدة حكم البلاد.
غير أن هؤلاء المرشحين يدركون تماما حجم الاستياء الشعبي تجاه إيران التي وبحسب العديد من التقارير وشهادات الداعين للتقريب بين السنة والشيعة - في مرحلة زمنية معينة - وعلى رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي تتبنى مخططا رسميا لنشر التشيع في البلدان العربية وعلى رأسها مصر وهو ما يمثل خطرا على الأمن والسلام الاجتماعيين في مصر وغيرها.
وعليه فإن التصريحات الخاصة بالمرشحين للرئاسة في مصر فيما يخص إيران تنطلق من مبدأ البراجماتية السياسية وحسابات المصلحة والمنفعة التي وبحسب تصريحات المرشحين أنفسهم تفرض على الرئيس المقبل أن يوازن بين العلاقات المصرية الإيرانية من جهة، وبين العلاقات المصرية العربية من جهة ثانية، وبين العلاقات المصرية الأمريكية من جهة ثالثة.
أبو إسماعيل وإيران
يدرك المتابع للمشهد السياسي في مصر أن شخصية مثل الأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل هي رقم صعب في الانتخابات الرئاسية في مصر إذ تمكن الرجل من إيجاد شعبية جارفة له في أنحاء مصر كلها حتى أضحى واحدا من أهم المنافسين على الموقع الرئاسي.
ويرى أبو إسماعيل أن السياسة الخارجية لمصر أوسع من مجرد شكل علاقة مع دول معينة إنما هي عملية متكاملة وضخمة تقوم على دراسة مصالح مصر مع كافة دول العالم مثل التركيز على العمق الأفريقي والبعد العربي والمحيط الإسلامي بالإضافة إلى نقطة في غاية الأهمية تتعلق بتوفير (البدائل الدولية) التي تقوم على مد جسور العلاقات مع العديد من دول العالم وليس الارتباط بقطب واحد نسير في فلك سياساته بما يسمح لنا بالحفاظ على استقلالية قرارنا والحفاظ على كرامتنا الوطنية بعيدا عن الهيمنة والاستسلام والانبطاح المفروض علينا من الغرب.
في هذا الإطار يشير أبو إسماعيل إلى أنه يدرك أن لإيران أهدافاً إقليمية في المنطقة وأن الاقتراب منها  له آثار سلبية على العلاقة بدول الخليج العربي وأمريكا كما أن هناك اختلافا عقائديا بين "السنة والشيعة".
لكنه يرى أن مصر يجب عليها أن لا تستسلم لاتجاه واحد في السياسة الخارجية يجعلها ضعيفة وباهتة كما كانت في عهد النظام السابق حيث لم تتعامل مع إيران ولم توثق علاقاتها بدول أمريكا الجنوبية كالبرازيل وفنزويلا وبالتالي لابد من إقامة علاقات مع تلك الدول تحقق المصلحة الوطنية وفي نفس الوقت تحفظ استقلالية القرار والأداء الدبلوماسي المصري بعيدا عن الهيمنة والتبعية.
غير أنه ومع وضوح موقف أبو إسماعيل من تحسين العلاقة مع طهران إلا أن هذا لم يمنعه من أن يتخذ موقفا حاسما من إيران لمساندتها للرئيس السوري بشار الأسد في سياساته وحملاته القمعية بحق الشعب السوري وثورته المباركة بما يعني أن موقف أبو إسماعيل يقوم كما أكد هو على تبادل المنفعة وليس نتيجة لانحياز أيدلوجي.
ويأتي أخيرا الاتهام غير المباشر الذي وجهه الشيخ حازم أبو إسماعيل لإيران باعتبارها أحد طرفين خلف ما ادعاه أحد الشباب المصريين الشيعة المقيمين بالولايات المتحدة بشأن أن والدة أبو إسماعيل أمريكية الجنسية وهو أمر تم في إطار مؤامرة تهدف إلى إزاحته من سباق الانتخابات.
وسواء بقي أبو إسماعيل أو انسحب من هذا السباق إلا أنه يظل بفكره يعبر عن قطاع جماهيري عريض سيكون بلا شك له تأثيره في مسار الأحداث.
العوا والتشيع
لا يمكننا عند البحث في موقف الدكتور سليم العوا من إيران أن نغض الطرف عما حدث منذ سنوات من خلاف شديد بينه وبين الدكتور يوسف القرضاوي إذ خرج الدكتور العوا رافضا وبشدة تصريحات الدكتور القرضاوي التي حذر فيها من خطر المخطط الإيراني لنشر التشيع في مصر والبلدان العربية وهو الموقف الذي لاقى استهجانا شعبيا إذ كان الأولى بالدكتور العوا أن يدعم موقف الدكتور القرضاوي في ذلك.
وقد كان هذا الموقف سببا في أن تتجه أصابع الاتهام للدكتور العوا بأنه لا يعارض نشر التشيع خاصة وأنه من المدافعين وبشدة عن فكرة التقريب المذهبي بين السنة والشيعة فضلا عن أنه من القائلين بأن مساحة الخلاف بينهما أقل بكثير من مساحة الاتفاق.
وكان لهذا الموقف أيضا تداعياته على تبني أحد الأحزاب الإسلامية لترشيح العوا في الانتخابات الرئاسية وهو ما كان سيوفر عليه جهدا ووقتا في جمع نحو ثلاثين ألف توكيل من المحافظات المصرية للتقدم بها للجنة العليا للانتخابات.
ففي تصريحات لحزب النور المحسوب على التيار السلفي قال يسري حماد المتحدث الرسمي باسم الحزب إن علاقة العوا بإيران قيد على ترشيح الحزب له في السباق الرئاسي.
وقد أدرك الدكتور العوا أن موقفه من إيران وموقفه من الأحداث في البحرين وموقفه من الثورة السورية يمكن أن يجر عليه مشكلات كبيرة جدا ستؤثر سلبا على وضعه في الانتخابات الرئاسية وهو ما دفعه للحرص على أن يؤكد مرارا وتكرارا في أحاديثه الصحفية على أنه ومع حرصه على تحسين العلاقات المصرية الإيرانية إلا أنه لن يسمح بالعلاقات التبشيرية أو بالمد الشيعى في البلاد السنية، ولكنه في هذه الحوارات واللقاءات بقي يثير الكثير من الشكوك بسبب أجوبته غير الواضحة والتي تبقي الباب موارباً حيال الشيعة وإيران.
ومع إظهار رغبته في فتح القنوات مع كل الأطراف الإسلامية يؤكد د. العوا أنه سيعمل على خلق محورين فى السياسة الخارجية وهما: المحور المصري التركي الإيراني بما يمتاز من بُعد تكنولوجي وتسويقي، والمحور الثاني هو المصري السوري السعودي بما يمتاز من عودة العروبة المصرية التي هي أصل الهوية للدولة المصرية. 
مدرسة الإخوان
ربما لا تختلف توجهات الإخوان المسلمين حول إيران كثيرا عن طرح الدكتور العوا، فالرجل في النهاية ينتمي لمدرسة الإخوان وخارج من عباءتها إلا أنه وللموضوعية يوجد فارق جوهري يمكن أن يميز الإخوان عن العوا وهو أن الإخوان جماعة لها أتباعها وأنصارها ومن ثم فإن قراراتها تخضع لتطلعات وطموحات هؤلاء الأتباع والأنصار الذين يتأثرون بما هو عليه الشعب المصري الذي يرفض رفضا قاطعا فتح الباب على مصراعيه أمام الإيرانيين والشيعة لنشر مذهبهم وأفكارهم بين الشعب المصري وبالتالي فإن تحسين علاقة بلادهم بإيران مرهونة بأن تحترم إيران عقيدة الشعب المصري وبما يراه هذا الشعب ويقتنع به.
ويتضح هذا الموقف جليا في مقال كتبه الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم الجماعة، في أعقاب المقال الذي كتبه يوسف ندا أحد قادة الجماعة بالخارج دفاعا عن الشيعة في الموقع الرسمي للجماعة وهو المقال الذي أثار لغطا شديدا حول الجماعة وموقفها من الشيعة والتشيع.
وفي هذا المقال بين غزلان أن إيران ومنذ قيام ثورة 1979م تتطلع للعب دور في المنطقة بدءاً بفكرة تصدير الثورة ثم غُلِّف هذا الدور بدعم بعض الحكومات والأحزاب والجماعات مستغلةً في ذلك عوامل عدة منها الإعجاب بالثورة ووجود ملايين من الشيعة في العراق والسعودية ودول الخليج ولبنان وصمودها ضد محاولات حرمانها من استخدام الطاقة النووية ونجاحها في التغلب على العقوبات الاقتصادية.
وأوضح غزلان أن كل هذا أغرى إيران بالسعي لمزيد من التسلُّل الناعم عن طريق نشر المذهب الشيعي باعتباره الطريق الناجع لاكتساب- ليس التعاطف - فحسب وإنما الولاء والانتماء وحدثت بعض النتائج لهذا المسعى في المغرب العربي وبعض الأفراد في مصر وغيرها من الدول الأمر الذي أزعج الدكتور القرضاوي فشنَّ حملةً على المذهب الشيعي.
وأضاف غزلان أنه ورغم اعتقادنا بصحة ما جاء في كلام القرضاوي إلا أننا امتعضنا منه لإمكان استغلاله من قِبَل بعض الحكومات والأحزاب وأجهزة الإعلام لتأييد المشروع الأمريكي الصهيوني.
وتأتي أهمية استعراض موقف الإخوان من إيران لكونهم وقبل أيام قليلة من غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية أعلنوا عن تقديمهم لمرشح رئاسي هو المهندس خيرت الشاطر.
وينقلنا هذا لاستعراض موقف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح للرئاسة والقيادي إلى وقت قريب في جماعة الإخوان المسلمين إذ هو لا يتجاوز في طرحه فيما يخص العلاقة المصرية الإيرانية ما تراه الجماعة وما كان قد أعلنه الدكتور القرضاوي الذي بارك ترشح أبو الفتوح دون بقية المرشحين.
وكان أبو الفتوح وفي تصريحات صحفية له قال إن علاقات مصر مع إيران وغيرها تربطها المصلحة العليا للبلاد وأنه من الممكن أن تكون هناك علاقات اقتصادية جيدة مع إيران والعلاقات السياسية يمكن أن تجنب البلاد كثيراً من المشاكل وأن المد الشيعي في مصر شيء مستحيل.
وأضاف في تصريحات أخرى أنه في حال فوزه بمنصب الرئيس سوف يعمل على أن تكون لمصر علاقات متوازنة مع كل من تركيا وإيران بالإضافة إلى دول الخليج، معتبراً أن هذه الدول تمثل ركائز هامة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأن مصر يجب أن يكون لها علاقات متوازنة مع جميع هذه الأطراف.
العلمانيون والقوميون
لا تخرج رؤية المرشحين المحسوبين على التيار العلماني عن رؤية الإسلاميين فيما يخص العلاقة مع إيران إذ تحكمهم أيضا في ذلك البراجماتية التي تسعى وبحسب تعبيرهم للحفاظ على مصالح مصر.
فلو تأملنا تصريحات المرشح عمرو موسي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية نجدها تتركز حول ذلك فنرى موسى يؤكد ضرورة عدم استمرار القطيعة بين مصر وإيران داعيا إلى جلوس الطرفين على طاولة المفاوضات وإعادة العلاقات بين البلدين.
وقال موسى إنه دعا من قبل إلى حوار عربي مصري جماعي مع إيران خاصة أنها من أكثر الدول اهتماما بالمشاكل العربية وأكثرها تأثيرا في العلاقات الدولية بالمنطقة العربية ولكن هناك بعض الدول العربية رفضت هذا الحوار مشددا على أنه من المصلحة أن يبدأ حوار مفتوح مع إيران للتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف العربية والإيرانية على حد سواء ومؤكدا أن إيران لن تأخذ مكانة مصر فى المنطقة فمصر هي التاريخ والحضارة وإيران أيضا وكل دولة لها دورها على الصعيد العربي والدولي.
أما الدكتور أيمن نور المرشح المحتمل أيضا فيرى أن عودة العلاقات مع إيران مسألة استراتيجية ليس لأسباب سياسية فقط معربا عن اعتقاده بأن التنسيق مع الطرف الإيراني هو حل لتناقضات كثيرة مع المشروع الإيراني.
وأضاف أن هناك حساسيات دولية في العلاقات مع إيران إلا أن هناك مصالح مصرية حقيقة في عودة هذه العلاقات على مستوى الاستثمار والخبرات والتعاون الإقليمي وذلك مع احترام خصوصية كل دولة مشيرا إلى أنه لا توجد أي مخاوف لديه من الدور الإيراني فى المنطقة ولابد من الاعتراف بذلك. 
أما المستغرب فعلا فهو موقف المرشح حمدين صباحي المحسوب على التيار القومي الناصري الذي يفترض أن يكون على علاقة عدائية أو على الأقل على علاقة فاترة بإيران نظرا لتعارض المشروعين القوميين العربي والفارسي.
ويأتي موقف حمدين وتياره ربما استجابة للعلاقة التي تربطهما بتيار حزب الله اللبناني الذي ينظر له حمدين على أنه تيار المقاومة العربي الذي يجب دعمه ومساندته وهو ما يفسر التقارب بين حمدين وطهران حتى أن رجال حمدين كانوا ضيوفا على مؤتمر الصحوة الإسلامية الذي عقد منذ شهور على الرغم من أن تيار حزب الكرامة بزعامة حمدين ليس إسلاميا[1].
هذا وقد بدا منذ فترة موقف صباحي من التقارب مع الدولة الإيرانية ففي لقاء له مع سفير ايران بالقاهرة أكد صباحي على أهمية العلاقات مع إيران ودعم مشروعها النووي موضحا أن العلاقة مع إيران هي جزء طبيعي من دائرة العالم الإسلامي التي تنتمي إليها مصر بعد انتمائها للدائرة العربية ثم الإفريقية. وأن المثلث الذي يكونه العالم العربي مع تركيا وإيران هو بؤرة المجتمع الإسلامي فى العالم وأن العلاقات الجيدة فيما بينهم ضامن مهم لصيانة مصالح تلك الدول.
غير أن صباحي وفي محاولة للانسجام مع تياره القومي لا يفوته أن يوجه انتقادات للسياسة الإيرانية ومن أهمها موقفها من العراق التي أسهمت أو على الأقل صمتت عن احتلاله بالإضافة إلى زيادة نفوذها وتدخلاتها فى دول الخليج العربي التي تسبب إزعاجاً لتلك الدول.
الخلاصة أن كل المرشحين لمنصب الرئاسة المصرية يستحضرون في برامجهم ملف العلاقات المصرية الإيرانية ويتّفقون على أهمية إعادة هذه العلاقة وإن اختلفت نسبيا دوافعهم لهذا وهو أمر لا يختلف عليه عاقل غير أن السؤال الأهم هو حول كيفية التعاطي الإيراني مع هذا التقارب المنتظر وهل سيكون أداة من أدوات توسعة النفوذ الإيراني في المنطقة أم أن إيران ستعي دروس التاريخ القريب والبعيد وتدرك الحدود التي لا يجب تجاوزها مع جيرانها العرب والمسلمين؟


[1] - هناك شكوك على علاقات أوثق وأقدم لحمدين صباحي بالشيعة تصل لحد اتهامه شخصيا بالتشيع، ولذلك أيده الشيعة في مصر. الراصد.

المصدر: الراصد