أصبح الغالبية يفهم ما يحاك للبحرين خارجياً، لسنا نجهل ذلك، ولا نريد الخوض في التفاصيل، إلا أن ما يحدث من سلسلة التراجعات جعلت أهل البحرين في حالة امتعاض شديد. ما يتردد من أن المتهمين بالمحاولة الانقلابية على استعداد للاعتذار إذا ما تم العفو عنهم (وهذا أيضاً شرط وإملاء على الدولة حتى وهم في السجون)، شكّل هذا الكلام حالة من الامتعاض عند الشارع، فمن حاول الانقلاب على الحكم، وأدخل البلاد والعباد في أكبر أزمة في تاريخ البحرين الحديث، الآن يستعطف العفو، وهذا أكبر خطيئة في حق البحرين وأهلها، العفو في المحاولة الانقلابية الأخيرة أم الكوارث، وإن حدث فقد يهيج الشارع الآخر. الحرب ليست ضد الدولة فقط، بل كان المستهدفون فيها وضحاياها من أهل السنة والجماعة، الإرهاب والطائفية كانت ضد أهل السنة الذين التزموا ضبط النفس ولم يدخلوا في حرب طائفية رغم صمت الدولة في البداية وعدم تطبيق القانون على من أجرم. الهجوم على مدينة الرفاع كان استهدافاً طائفياً وتقويضاً للأمن الأهلي، قطع لسان المؤذن كان عملاً طائفياً مقيتاً واضحاً أدى إلى استشهاده، الاعتداء على النساء في الشوارع كان عملاً ضد السنة، قتل صاحب التاكسي كان عملاً ضد أهل السنة، الاعتداء على الفتيات في الجامعة وأحداث الجامعة كانت عملاً إرهابياً استهدف فيه السنة. لذلك كانت حرباً طائفية واضحة مقيتة، وهي امتداد لحرب التسعينيات المقيتة التي استهدفت أهل السنة والجماعة كذلك. اليوم إذا تراجعت الدولة، لتعيد من أجرموا ومن شاركوا في المحاولة الانقلابية ومن أضربوا، فإنها ستكون كارثة حقيقية. إذا لم تكن دولة سيدة قرارها، وتقدم هدايا لمن يطعنها تسير في نفق مظلم، كلام المجاملات لا يجدي، الدولة تحتاج هيبة وقوة وقراراً قوياً صارماً، يعيد رسم سياسات جديدة بعد سياسات سابقة خاطئة أوصلتنا لحافة الانهيار، فبعد كل الذي حدث لنا، نخشى أن نعود إلى سياسات تسليم البلد. الأمر الذي ربما يغيب عن كثيرين هو أن كرامة أهل السنة والجماعة مجروحة حتى النخاع من جراء الأزمة، هم كانوا الضحية، هم من قدموا التضحيات، هم من سددوا الفواتير، هم وقفوا سداً منيعاً لتسليم البلد، لكن هل البلد وقفت معهم، هل الدولة تقدر هذا الموقف؟ هل الدولة عرفت أن من حفظ الحكم من بعد الله سبحانه كان تجمع الوحدة الوطنية بغالبية من أهل السنة، ومن الأديان الأخرى..؟ هل هؤلاء ورقة خرجت في وقت اختلال الميزان لترجح كفة النظام والقانون والدولة، ولكن ليس لهم قيمة الآن؟ القيمة في تقديرهم تكمن في بحث مطالبهم وجعلهم أعزة في وطنهم، بدل تقديم الهدايا الثمينة لمن يكوي البلد ويعض يدها، مأساتنا أن الدولة تحب وتقرب وتغدق على من يعض يدها، وهذه كارثة أخرى. كرامة الشارع السني هي التي كانت مهانة، وإن لم يتم حفظها وإعادة كرامتهم بالقانون، فإن الدرس الذي حصل لم يعلمنا حقيقة الأحداث وحقيقة الوضع، ومن الذي وقف وقفة الحسم في ساعة اختطاف الدولة. التراجعات قد تجعل أناساً آخرين للمرة الأولى يبحثون عن أمور أخرى من أجل لفت الانتباه إليهم عندها ربما نشعر أن هناك شارعاً لا يجب أن نغفل مطالبه، ولا يجب التعامل معه على أنه مضمون وصامت
هشام الزياني
صحيفة الوطن - العدد 2024 الأحد 26 يونيو 2011
هشام الزياني
صحيفة الوطن - العدد 2024 الأحد 26 يونيو 2011