Monday, July 4, 2011

هل نسكت عن التراجعات أم نسكت عن إهانة كرامتنا

‮ ‬ أصبح الغالبية‮ ‬يفهم ما‮ ‬يحاك للبحرين خارجياً،‮ ‬لسنا نجهل ذلك،‮ ‬ولا نريد الخوض في‮ ‬التفاصيل،‮ ‬إلا أن ما‮ ‬يحدث من سلسلة التراجعات جعلت أهل البحرين في‮ ‬حالة امتعاض شديد‮.‬ ما‮ ‬يتردد من أن المتهمين بالمحاولة الانقلابية على استعداد للاعتذار إذا ما تم العفو عنهم‮ (‬وهذا أيضاً‮ ‬شرط وإملاء على الدولة حتى وهم في‮ ‬السجون‮)‬،‮ ‬شكّل هذا الكلام حالة من الامتعاض عند الشارع،‮ ‬فمن حاول الانقلاب على الحكم،‮ ‬وأدخل البلاد والعباد في‮ ‬أكبر أزمة في‮ ‬تاريخ البحرين الحديث،‮ ‬الآن‮ ‬يستعطف العفو،‮ ‬وهذا أكبر خطيئة في‮ ‬حق البحرين وأهلها،‮ ‬العفو في‮ ‬المحاولة الانقلابية الأخيرة أم الكوارث،‮ ‬وإن حدث فقد‮ ‬يهيج الشارع الآخر‮.‬ الحرب ليست ضد الدولة فقط،‮ ‬بل كان المستهدفون فيها وضحاياها من أهل السنة والجماعة،‮ ‬الإرهاب والطائفية كانت ضد أهل السنة الذين التزموا ضبط النفس ولم‮ ‬يدخلوا في‮ ‬حرب طائفية رغم صمت الدولة في‮ ‬البداية وعدم تطبيق القانون على من أجرم‮.‬ الهجوم على مدينة الرفاع كان استهدافاً‮ ‬طائفياً‮ ‬وتقويضاً‮ ‬للأمن الأهلي،‮ ‬قطع لسان المؤذن كان عملاً‮ ‬طائفياً‮ ‬مقيتاً‮ ‬واضحاً‮ ‬أدى إلى استشهاده،‮ ‬الاعتداء على النساء في‮ ‬الشوارع كان عملاً‮ ‬ضد السنة،‮ ‬قتل صاحب التاكسي‮ ‬كان عملاً‮ ‬ضد أهل السنة،‮ ‬الاعتداء على الفتيات في‮ ‬الجامعة وأحداث الجامعة كانت عملاً‮ ‬إرهابياً‮ ‬استهدف فيه السنة‮.‬ لذلك كانت حرباً‮ ‬طائفية واضحة مقيتة،‮ ‬وهي‮ ‬امتداد لحرب التسعينيات المقيتة التي‮ ‬استهدفت أهل السنة والجماعة كذلك‮.‬ اليوم إذا تراجعت الدولة،‮ ‬لتعيد من أجرموا ومن شاركوا في‮ ‬المحاولة الانقلابية ومن أضربوا،‮ ‬فإنها ستكون كارثة حقيقية‮.‬ إذا لم تكن‮ ‬دولة سيدة قرارها،‮ ‬وتقدم هدايا لمن‮ ‬يطعنها تسير في‮ ‬نفق مظلم،‮ ‬كلام المجاملات لا‮ ‬يجدي،‮ ‬الدولة تحتاج هيبة وقوة وقراراً‮ ‬قوياً‮ ‬صارماً،‮ ‬يعيد رسم سياسات جديدة بعد سياسات سابقة خاطئة أوصلتنا لحافة الانهيار،‮ ‬فبعد كل الذي‮ ‬حدث لنا،‮ ‬نخشى أن نعود إلى سياسات تسليم البلد‮.‬ الأمر الذي‮ ‬ربما‮ ‬يغيب عن كثيرين هو أن كرامة أهل السنة والجماعة مجروحة حتى النخاع من جراء الأزمة،‮ ‬هم كانوا الضحية،‮ ‬هم من قدموا التضحيات،‮ ‬هم من سددوا الفواتير،‮ ‬هم وقفوا سداً‮ ‬منيعاً‮ ‬لتسليم البلد،‮ ‬لكن هل البلد وقفت معهم،‮ ‬هل الدولة تقدر هذا الموقف؟ هل الدولة عرفت أن من حفظ الحكم من بعد الله سبحانه كان تجمع الوحدة الوطنية بغالبية من أهل السنة،‮ ‬ومن الأديان الأخرى‮..‬؟ هل هؤلاء ورقة خرجت في‮ ‬وقت اختلال الميزان لترجح كفة النظام والقانون والدولة،‮ ‬ولكن ليس لهم قيمة الآن؟ القيمة في‮ ‬تقديرهم تكمن في‮ ‬بحث مطالبهم وجعلهم أعزة في‮ ‬وطنهم،‮ ‬بدل تقديم الهدايا الثمينة لمن‮ ‬يكوي‮ ‬البلد ويعض‮ ‬يدها،‮ ‬مأساتنا أن الدولة تحب وتقرب وتغدق على من‮ ‬يعض‮ ‬يدها،‮ ‬وهذه كارثة أخرى‮.‬ كرامة الشارع السني‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬كانت مهانة،‮ ‬وإن لم‮ ‬يتم حفظها وإعادة كرامتهم بالقانون،‮ ‬فإن الدرس الذي‮ ‬حصل لم‮ ‬يعلمنا حقيقة الأحداث وحقيقة الوضع،‮ ‬ومن الذي‮ ‬وقف وقفة الحسم في‮ ‬ساعة اختطاف الدولة‮.‬ التراجعات قد تجعل أناساً‮ ‬آخرين للمرة الأولى‮ ‬يبحثون عن أمور أخرى من أجل لفت الانتباه إليهم عندها ربما نشعر أن هناك شارعاً‮ ‬لا‮ ‬يجب أن نغفل مطالبه،‮ ‬ولا‮ ‬يجب التعامل معه على أنه مضمون وصامت

هشام الزياني
صحيفة الوطن - العدد 2024 الأحد 26 يونيو 2011