إن قلتم لنا هل أنتم مع الحوار، قلنا نعم مع الحوار، لكن الحوار مع مَن وعلى ماذا..؟ غالبية أهل البحرين يريدون أن يعرفوا ما هي قائمة التنازلات التي بإمكان الدولة أن تقدمها، أو تبصم عليها؟ التنازلات تُقدم لمن؟.. ومن أجل ماذا؟ هل من أجل تمهيد الاستيلاء على الدولة (محاولة كل 3 سنوات بدلاً من عشر سنوات)؟ في هذه اللحظة من عمر الوطن، تشغلنا تساؤلات مريرة، في صوتنا بحة ألم، هل نحن ذاهبون إلى تقديم هدايا لمن حاول الانقلاب على النظام وإسقاطه، وشتم الأسرة المالكة..؟ هل ينتظر من وقف مع الوطن ومع الشرعية ومع الأسرة الحاكمة أموراً لا تسره..؟ هل نحن ورقة يُستنجد بها في مرحلة الخطر، وحين تستقيم الأمور يُضحى بهذه الورقة من أجل تقديم صكوك للأمريكان، ومن أجل إسكات الإنجليز والمنظمات الدولية..؟ رغم اطلاعنا على جزء كبير من المؤامرة الخارجية، إلا أن كل ذلك لا يبرر أن نضحي لمصلحة الخائن والأجنبي!! نقول دائماً ونحن مع أنفسنا هل استفدنا من الدرس؟ لماذا نسترضي الخارجي والخائن ونطبطب عليهم، ونضرب عرض الحائط القوة الداخلية التي ثبّتت الحكم من بعد الله..؟ يا سفينتنا على وين ماخذتنا؟.. وعلى وين رايحين، هل كانت تضحياتنا من أجل هذا الوطن سراباً؟ لا نريد خسارة من يقف مع البلد، هؤلاء هم حجر الزاوية، هؤلاء هم القوة الوطنية الحقيقية التي قد تختلف مع الدولة في أمور وفي سياسات، لكنها تشربت الولاء في وجدانها وضميرها وجيناتها، هؤلاء هم أوتاد وعمود خيمتنا الوطنية. لذلك علينا أن لا نجرح اعتزازهم الوطني، وندفعهم إلى النكوص، عن الإيمان بقوة وهيبة الدولة والقانون، وقوة العدالة، ومعاقبة من جرح كرامتنا وكرامة الوطن، يجب أن لا يشعر هؤلاء بأن الدولة مقاطعة أمريكية تحكمها السفارة الأمريكية وتتصرف في البحرين كما تريد. يا سفينتنا على وين ماخذتنا، على أي البحار ذاهبون، وعلى صدر من سترسين؟ الحرب لم تكن على الدولة وحدها، الحرب كانت حرباً طائفية بامتياز، نحن الذين جُرحت كرامتنا، ونحن الذين سددنا أقسى شهور من عمرنا وعمر أُسرنا، نحن الذين كنا نسير في الطرقات والأمن مفقود، نحن الذين أخذنا على عاتقنا حماية المناطق وحماية المدن والقرى، نحن الذين بكت قلوبنا ونحن نشاهد البلد تُحتل والجرائم تُستباح، الحرب لم تكن على الدولة وحسب الحرب كانت طائفية، وأهلنا وشبابنا التزموا ضبط النفس ولم يردوا الفعل بالفعل رغم أن الجرائم كانت بها دماء. ما يؤلم أن قائمة التنازلات الوطنية لا نعرف لها نهاية، ولا ندري عن مستقرها، وعلى حساب من تأتي. قطعاً الشعب ومن جُرحت كرامته هو من يدفع الثمن، كما دفعناه خلال الأزمة حين فقدت البحرين الأمن، وكنا نسير في الطرقات وقد احتلها المجرمون حتى أنهم أخذوا يعملون حواجز ويفتشون الفتيات باستفزاز. على وين رايحين، ما أدري، وما هو المطلوب من أهل البحرين الشرفاء في هذا التوقيت، أيضاً لا أعلم. أخشى أننا إذا لم نقم وزناً لمن شد أزر البلد، وأصلب ظهرها أثناء أخطر أزمة في تاريخها، أن نخسر الداخل، قبل الخارج، الداخل أهم من الخارج، إن كنا أقوياء في الداخل فلن يقوى علينا أحد
هشام الزياني
صحيفة الوطن - العدد 2027 الأربعاء 29 يونيو 2011