Monday, July 4, 2011

أية دولة هذه التي‮ ‬ترخّص لِمَن‮ ‬يحرّض على العنف والشارع‮

   ‮ ‬ هل ذهب كل ما مررنا به إلى طيّ‮ ‬النسيان،‮ ‬وجاءت ساعة العاطفة تارة،‮ ‬ومغازلة الغرب تارة،‮ ‬وترضية أمريكا تارة،‮ ‬وترضية الأمم المتحدة تارة أخرى؟‮!‬ لن‮ ‬يجدي‮ ‬نفعاً‮ ‬حينما تفقد بلادنا عمودها الفقري،‮ ‬لن‮ ‬يجدي‮ ‬نفعاً‮ ‬حين تفقد إخلاص وقوة وتفاني‮ ‬من وقفوا معها حين تريد كل‮ ‬يوم ترضية من لا‮ ‬يرضى،‮ ‬لسنا نملك سحراً‮ ‬حتى نصبر وقتاً‮ ‬طويلاً‮ ‬على تغيّر الأوضاع‮.‬ الوقت لن‮ ‬يأتي،‮ ‬الظرف الدولي‮ ‬لن‮ ‬يتغيّر،‮ ‬إيران لن تذهب إلى مكان آخر على الخريطة،‮ ‬أمريكا أكبر اللاعبين على المصلحة وعلى إيقاد النيران ومن ثم تريد من الدولة أن تطفئها دون إصابات‮. ‬تقولون لنا أنتم متسرِّعون‮!‬،‮ ‬نعم حبّ‮ ‬البحرين وجرح كرامتنا كمواطنين‮ ‬يجعلنا نريد الانتصار للحق،‮ ‬والانتصار للقانون،‮ ‬القانون‮ ‬يطبق على الجميع،‮ ‬لن‮ ‬يزعجنا تطبيقه على الجميع،‮ ‬إنه مطلب اليوم‮.‬ يخرج في‮ ‬كل أسبوع علي‮ ‬سلمان ليحرّض ويهدِّد ويُزمجر،‮ ‬ويُرسل أتباعه بعد مسرحية المشاركة في‮ ‬آخر الوقت‮ ''‬مسرحيات مضحكة،‮ ‬العمائم قالوا لكم شاركوا وانسحبوا في‮ ‬المنتصف إنتوا ووعد لإفشال الحوار‮.. ‬استريحوا الحوار ما راح‮ ‬يفشل بكم أو بدونكم‮'' ‬ثم‮ ‬يهدد بالشارع،‮ ‬أضحكتني‮ ‬عبارة نضرب أكباد الإبل،‮ ‬و‮''‬الله وقعدنا نتكلم عربي‮..!!''.‬ ومثار الاستغراب أن ترخّص لمثل هذا التحريض،‮ ‬كيف تسمحون‮ -‬بعد كل ما مررنا به من محاولة انقلاب‮- ‬لشخص‮ ‬يأتي‮ ‬ويهدّد الدولة ويتكلم باسم الشعب؟ من أنت حتى تتكلم باسم الشعب؟ من هو الشعب الذي‮ ‬تتكلم باسمه،‮ ‬قُل هكذا‮: ''‬أتكلم باسم بعض الطائفة‮''‬،‮ ‬سوف نحترم طرحك،‮ ‬أما أن تُصدّق نفسك وتتكلم باسم الشعب فذلك كذب ودجل أنت تعرف أنك لا تمثّل الطائفة كلها فكيف تتكلم باسم الشعب؟‮.‬ الشعب الحقيقي‮ ‬أسكتكم بأديان مختلفة وبطوائف متفرّقة حين تجمّعوا بالفاتح،‮ ‬ذلك التجمّع الذي‮ ‬شكّل لكم صدمة صاعقة،‮ ‬وأسكتكم حتى عرفتم حجمكم الحقيقي‮ ‬على الأرض‮. ‬وإن كنَّا نعرف من‮ ‬يؤزم،‮ ‬ونعرف كل التفاصيل،‮ ‬ونعرف ما هي‮ ‬الخطّة،‮ ‬ونعرف أن المسألة بالنسبة للوفاق ليست إصلاحات،‮ ‬إنما انقلاب على الحكم،‮ ‬اليوم أو‮ ‬غداً‮ ‬أو بعده هذا ما‮ ‬يريدونه،‮ ‬يريدون إقامة ولاية الفقيه هنا،‮ ‬وللأسف تتبعهم الجمعيات التي‮ ‬تسمِّي‮ ‬نفسها ليبرالية أو علمانية أو شيوعية سابقة،‮ ‬أو‮ ‬غيرها،‮ ‬وتقودهم الوفاق كما القطيع،‮ ‬أمر مضحك أن تكون ليبرالياً‮ ‬وتصطف وتؤيد من‮ ‬يريد إقامة دولة ولاية الفقيه‮.‬ مشكلتنا أننا نشعر أحياناً‮ ‬أن الدولة لا تعرف ماذا تريد،‮ ‬مرة تُصعّد ونشعر أنها بدأت تستفيق،‮ ‬ومرة أخرى تتراجع حتى نشعر أنها لم تستفد من الدرس وكأنما تسلِّم نفسها ببطء لمن‮ ‬يريد الانقلاب عليها‮. ‬ما برحنا تجاوزنا الأزمة ببضعة أيام،‮ ‬إلا وكأن شيئاً‮ ‬لم‮ ‬يكن،‮ ‬وكأن الدولة لم تحدث بها محاولة انقلاب‮.‬ الدولة تحتاج إلى قوّة القانون،‮ ‬الدولة تحتاج إلى ثورة تصحيح،‮ ‬الدولة تحتاج إلى نسف سياسات خاطئة أوصلتنا إلى شفا الانقلاب،‮ ‬الدولة تحتاج إلى أن تنام ساعة،‮ ‬الدولة تحتاج إلى عمل مضنٍ‮ ‬ليلاً‮ ‬نهاراً‮ ‬حتى ترمِّم ما أحدثته السياسات الخاطئة طوال ردح من الوقت أفضت إلى تسليم مفاصل الدولة،‮ ‬وتسليم الوزارات والشركات الكبيرة‮.‬ حين شدّت الدولة وكانت قوية،‮ ‬انكسرت الرؤوس،‮ ‬ودخل الجحور من دخل،‮ ‬لكن ماذا نقول؟‮.. ‬وإلى متى سوف نسترضي‮ ‬الخارج الذي‮ ‬يريد لنا الزوال،‮ ‬ويرد لنا أن نقدِّم هدايا تُسرِّع بتسليم الدولة‮.‬ الألم الحقيقي‮ ‬في‮ ‬أن هناك من‮ ‬يتجاهل قوّة البلد الحقيقية التي‮ ‬ظهرت أثناء الأزمة،‮ ‬وصلبت ظهر الدولة،‮ ‬هؤلاء‮ ‬يشعرون أن كرامتهم مجروحة،‮ ‬هؤلاء‮ ‬يشعرون أن لا أحد‮ ‬يقف معهم ويتم التعامل معهم على أنهم الصوت المضمون،‮ ‬الذي‮ ‬إذا أردناه خرج إلى العلن وخرج إلى الشارع،‮ ‬وهذه أكبر أخطاء المرحلة‮.‬ ؟ علي‮ ‬سلمان‮ ‬يريد تداولاً‮ ‬على السلطة أنا في‮ ‬الحقيقة أنصح علي‮ ‬سلمان أن‮ ‬يتداول على طبق سَلَطة،‮ ‬وليس السلطة‮. ‬لماذا‮ ‬يا علي‮ ‬سلمان لا تضرب لنا مثلاً‮ ‬على حبِّك للتغيير والديمقراطية والتداول على السلطة بأن تتخلى عن كرسيّك الذي‮ ‬أمضيت عليه بشكل علني‮ ‬أكثر من‮ ‬11‮ ‬عاماً‮..‬؟ لماذا لا تتداول أنت على كرسيّك كأمين عامل للوفاق حتى نشعر أنك تطبِّق ما تريده على نفسك أولاً،‮ ‬تداول أنت على كرسيّك وأرنا ديمقراطيتك التي‮ ‬تقمع رجلاً‮ ‬رفع لافتة تطالب بإسقاط الوفاق،‮ ‬وأوسعوه ضرباً،‮ ‬أية ديمقراطية هذه التي‮ ‬تريدها وأنتم‮ ‬يا‮ ''‬وفاق‮'' ‬ضاق صدركم بلافتة واحدة‮..‬؟‮.‬

هشام الزياني
صحيفة الوطن - العدد 2032 الأثنين 4 يوليو 2011