هل ذهب كل ما مررنا به إلى طيّ النسيان، وجاءت ساعة العاطفة تارة، ومغازلة الغرب تارة، وترضية أمريكا تارة، وترضية الأمم المتحدة تارة أخرى؟! لن يجدي نفعاً حينما تفقد بلادنا عمودها الفقري، لن يجدي نفعاً حين تفقد إخلاص وقوة وتفاني من وقفوا معها حين تريد كل يوم ترضية من لا يرضى، لسنا نملك سحراً حتى نصبر وقتاً طويلاً على تغيّر الأوضاع. الوقت لن يأتي، الظرف الدولي لن يتغيّر، إيران لن تذهب إلى مكان آخر على الخريطة، أمريكا أكبر اللاعبين على المصلحة وعلى إيقاد النيران ومن ثم تريد من الدولة أن تطفئها دون إصابات. تقولون لنا أنتم متسرِّعون!، نعم حبّ البحرين وجرح كرامتنا كمواطنين يجعلنا نريد الانتصار للحق، والانتصار للقانون، القانون يطبق على الجميع، لن يزعجنا تطبيقه على الجميع، إنه مطلب اليوم. يخرج في كل أسبوع علي سلمان ليحرّض ويهدِّد ويُزمجر، ويُرسل أتباعه بعد مسرحية المشاركة في آخر الوقت ''مسرحيات مضحكة، العمائم قالوا لكم شاركوا وانسحبوا في المنتصف إنتوا ووعد لإفشال الحوار.. استريحوا الحوار ما راح يفشل بكم أو بدونكم'' ثم يهدد بالشارع، أضحكتني عبارة نضرب أكباد الإبل، و''الله وقعدنا نتكلم عربي..!!''. ومثار الاستغراب أن ترخّص لمثل هذا التحريض، كيف تسمحون -بعد كل ما مررنا به من محاولة انقلاب- لشخص يأتي ويهدّد الدولة ويتكلم باسم الشعب؟ من أنت حتى تتكلم باسم الشعب؟ من هو الشعب الذي تتكلم باسمه، قُل هكذا: ''أتكلم باسم بعض الطائفة''، سوف نحترم طرحك، أما أن تُصدّق نفسك وتتكلم باسم الشعب فذلك كذب ودجل أنت تعرف أنك لا تمثّل الطائفة كلها فكيف تتكلم باسم الشعب؟. الشعب الحقيقي أسكتكم بأديان مختلفة وبطوائف متفرّقة حين تجمّعوا بالفاتح، ذلك التجمّع الذي شكّل لكم صدمة صاعقة، وأسكتكم حتى عرفتم حجمكم الحقيقي على الأرض. وإن كنَّا نعرف من يؤزم، ونعرف كل التفاصيل، ونعرف ما هي الخطّة، ونعرف أن المسألة بالنسبة للوفاق ليست إصلاحات، إنما انقلاب على الحكم، اليوم أو غداً أو بعده هذا ما يريدونه، يريدون إقامة ولاية الفقيه هنا، وللأسف تتبعهم الجمعيات التي تسمِّي نفسها ليبرالية أو علمانية أو شيوعية سابقة، أو غيرها، وتقودهم الوفاق كما القطيع، أمر مضحك أن تكون ليبرالياً وتصطف وتؤيد من يريد إقامة دولة ولاية الفقيه. مشكلتنا أننا نشعر أحياناً أن الدولة لا تعرف ماذا تريد، مرة تُصعّد ونشعر أنها بدأت تستفيق، ومرة أخرى تتراجع حتى نشعر أنها لم تستفد من الدرس وكأنما تسلِّم نفسها ببطء لمن يريد الانقلاب عليها. ما برحنا تجاوزنا الأزمة ببضعة أيام، إلا وكأن شيئاً لم يكن، وكأن الدولة لم تحدث بها محاولة انقلاب. الدولة تحتاج إلى قوّة القانون، الدولة تحتاج إلى ثورة تصحيح، الدولة تحتاج إلى نسف سياسات خاطئة أوصلتنا إلى شفا الانقلاب، الدولة تحتاج إلى أن تنام ساعة، الدولة تحتاج إلى عمل مضنٍ ليلاً نهاراً حتى ترمِّم ما أحدثته السياسات الخاطئة طوال ردح من الوقت أفضت إلى تسليم مفاصل الدولة، وتسليم الوزارات والشركات الكبيرة. حين شدّت الدولة وكانت قوية، انكسرت الرؤوس، ودخل الجحور من دخل، لكن ماذا نقول؟.. وإلى متى سوف نسترضي الخارج الذي يريد لنا الزوال، ويرد لنا أن نقدِّم هدايا تُسرِّع بتسليم الدولة. الألم الحقيقي في أن هناك من يتجاهل قوّة البلد الحقيقية التي ظهرت أثناء الأزمة، وصلبت ظهر الدولة، هؤلاء يشعرون أن كرامتهم مجروحة، هؤلاء يشعرون أن لا أحد يقف معهم ويتم التعامل معهم على أنهم الصوت المضمون، الذي إذا أردناه خرج إلى العلن وخرج إلى الشارع، وهذه أكبر أخطاء المرحلة. ؟ علي سلمان يريد تداولاً على السلطة أنا في الحقيقة أنصح علي سلمان أن يتداول على طبق سَلَطة، وليس السلطة. لماذا يا علي سلمان لا تضرب لنا مثلاً على حبِّك للتغيير والديمقراطية والتداول على السلطة بأن تتخلى عن كرسيّك الذي أمضيت عليه بشكل علني أكثر من 11 عاماً..؟ لماذا لا تتداول أنت على كرسيّك كأمين عامل للوفاق حتى نشعر أنك تطبِّق ما تريده على نفسك أولاً، تداول أنت على كرسيّك وأرنا ديمقراطيتك التي تقمع رجلاً رفع لافتة تطالب بإسقاط الوفاق، وأوسعوه ضرباً، أية ديمقراطية هذه التي تريدها وأنتم يا ''وفاق'' ضاق صدركم بلافتة واحدة..؟.
هشام الزياني