ليست المرة الأولى التي تنجح فيها الشائعات الكاذبة التي يتم بثها عبر المسجات والمواقع في التأثير على نفسية المخلصين، إذ يذكر أغلبكم ما كان يتداول قبل كلمة جلالة الملك في مجلس الوزراء بأربع وعشرين ساعة، وكيف وضحت المسألة بأن مروجي هذه الشائعات هدفهم التأثير على ثقة الشارع المخلص للبلد وقيادته. الدليل الدامغ لدحض هذه الأكاذيب هي الكلمة الحاسمة والقوية لحمد بن عيسى يوم أمس، خاصة وأن الناس كانوا يحتاجون لمثل هذه الكلمة في مضامينها الواضحة والقوية، ويتطلعون لمعرفة أين تتجه البحرين، وما هو مستقبلها، وهي تساؤلات تمثل نبض الشارع الذي قدم الكثير للدفاع عن الوطن في محنته، ووقف وقفة رجل واحد أمام من سعى للانقلاب على الحكم واختطاف البحرين. أتذكرون ما كتبناه هنا قبل أسبوعين تقريباً، بأن عليكم أن تضعوا أيديكم بيد قادة البلد على رأسهم جلالة الملك؟! ألم نق?ل بأن حمد بن عيسى يتحرك من موضع قوة، لأنه يتحدث بكل بساطة عن قضية عادلة، يدافع عن حق الناس في العيش بأمن وسلام بمنأى عن العنف، ويعمل لأجل الحفاظ على كيان البحرين كدولة، وعلى تأمين سلامة أهلها المخلصين وإنقاذهم من الأذى الذي طالهم؟! رسائل قوية حاسمة ومباشرة تضمنتها كلمة الملك يوم أمس، لعل أكثرها وقعاً بالنسبة للناس الذين مازالوا يدفعون باتجاه تطبيق القانون بدون تساهل، ويريدون الحزم في حق من أساء للبحرين وأرهب أهلها، لعل أكثرها وقعاً هو ما طمأنهم بشأن ثبات وقوة الدولة، بالأخص تأكيد جلالة الملك بأنه كمسؤول أول عن الدولة بأنه لن يسمح لأي متشدد يدعو للفوضى أو التطرف لاختطاف تجربتنا الإصلاحية، وأنه يقولها بكل ''حزم وعزم''. حتى من بات يتخوف مما يسميه تراجعات والعودة لارتكاب نفس الأخطاء السابقة التي مكنت المغرضين من التغلغل في مفاصل الدولة، خاصة خطأ تقريب الخونة أو مشكوكي الولاء والمنقلبين في أول فرصة، فإن كلام جلالته واضح تماماً حينما قال: ''لن نمكن للتخوفات أن تكون وراء أي قرار رسمي، ولا يمكن أن نمكن لطرف على حساب آخر، ولن تترك البلد نهباً لمحاصصات تجزيئية تفتته ولا تجمع أهله''. هذه الرسائل من شأنها أن تقوي الثقة في قلوب المخلصين، ومن شأنها أن تطمئن الشارع البحريني الأصيل بولائه لأرضه بأن قيادته لن تتساهل أبداً في إحقاق الحق، وأنها لن تمنح من أساء للبلد وأهلها الفرصة للعبث مجدداً في مقدراتها، ولن تقبل له بأن يلعب بخطاباته الطائفية التحريضية وبممارساته الاستفزازية إلى اختطاف البلد واختزالها في نفسه. وهنا نؤكد المسؤولية الملقاة على عاتق ملك البحرين، وهي حق من حقوقنا كشعب، بأننا لن نقبل التراخي أو النكوص من الدولة عن مسؤولية استعادة الأمن والاستقرار في هذا البلد وحماية المواطنين والمؤسسات التي أقسمت القيادة على المحافظة عليها، وحمد بن عيسى أكد على ذلك، ونشكره على هذا التأكيد، إذ من واجب الدولة تطبيق القانون على أي كان وتحت أي ظرف من الظروف، فما كنا نعاني منه هو التعامل بصفح وكرم مع أناس لا يستحقون العفو، بل كانوا يستحقون منذ زمن طويل أن يطبق عليهم القانون جراء ما قاموا به من ضرر تجاه البلد وأهله. لم تكن البحرين أبداً دولة بوليسية، أو دولة مغلقة لا يمكن فيها التعبير عن الآراء بحرية، لكن المشكلة أن من يدعي سعيه لتحقيق الديمقراطية، إنما يدعو إلى ديمقراطية يفصلها على هواه ومزاجه، فآراؤه تتحول إلى شتائم وتسقيط، وممارساته تتعدى على حريات الآخرين، بل تصل إلى مستوى العنف، الذي رأينا كيف تحول خلال الأزمة إلى إرهاب صريح يصل لمستوى قتل الأبرياء ورجال الواجب بدم بارد. وهنا من حقنا كشعب أيضاً أن نشدد على ما قاله جلالة الملك، ونوجه خطابنا للجهات المعنية على رأسها وزارة الداخلية، بأن تطبيق قانون تنظيم المسيرات لابد وأن يتم بحذافيره، دون أية استثناءات أو تغاضٍ، فوسائل التعبير لا يجب أن تخرج على النظام العام أو تهديد السلم الأهلي أو عرقلة المصالح الاقتصادية أو الإضرار بمرافق الدولة، وكل هذه التجاوزات حصلت بفداحة وتزايد وقت الأزمة، وبمباركة وتوجيه لمن يتباكى في الخارج اليوم ويصف نفسه بالمعارضة السلمية ومن داعمي ثورة ''الورود'' التي رأينا فيها كيف تتحول الورود إلى سكاكين، وإلى سيارات تدهس البشر وتزهق أرواحهم. هذا في جانب تطبيق القانون وعدم القبول بالعودة للمربع السابق الذي يمنح كل مغرض الفرصة للعبث بمقدرات البلد، أو لسرقة صوت الناس. أما في شأن اللجنة المشكلة للتحقيق فيما شهدته البحرين، فهي خطوة موفقة وتعكس تماماً مستوى التعامل الديمقراطي من قبل الدولة حتى مع هذا الشأن الخاص بأمنها، وأشك هنا بأن أياً من الدول التي تعرفونها، حتى القوة العالمية العظمى، أشك بأنها ستقبل باتخاذ مثل هذه الخطوة، إذ أمن أي دولة يعتبر حقاً خالصاً من حقوقها لا جدال فيه، ولكم في مشانق الميادين العامة في إيران مثال، ولكم في الحرب على الإرهاب ومعتقل غوانتانامو مثال أبلغ. ما حصل في البحرين واضح تماماً، لدينا الحقائق الدامغة، ولدينا الأدلة الثابتة، واعترافات من شارك في مؤامرة الانقلاب، ولدينا التصوير الموثق لدهس الشرطي، هذه الجريمة التي والله لو حصلت في دولة غربية، خاصة في الدول التي تلعب معنا بأسلوب ''البيضة والحجر'' لرأيتم كيف يتعاملون معها، ولعرفتم كيف سيردون على من يريد مناقشتهم فقط في حيثياتها. هذه الحقائق هي ما يجب أن تصل اللجنة، وصوت الشعب المخلص هو ما يجب أن يصل لها، أن يعرفوا تماماً كيف عانى الناس من إرهاب وطائفية وقلق طوال شهرين، أن يعرفوا كيف تضرر التجار، وكيف تعطلت عجلة الاقتصاد، وكيف شلت البلد، أن يعرفوا كيف تم احتلال السلمانية وما نتج عنه، أن يعرفوا حقيقة ما حصل في الجامعة وكيف تم الاعتداء على بنات وأبناء الناس. تذكروا بأن صاحب الحق لابد وأن يوصل صوته، لابد وأن يدافع عن حقه، فالسكوت عن الحق أكبر خطأ يرتكب، هي مسؤولية شعب مخلص اليوم بأن يحصحص الحق ويزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً. ؟ اتجاه معاكس.. بكل بساطة من حق أي فرد من أفراد الشعب المخلص ممن تضرر نفسياً وجسدياً، ومن طاله أي نوع من أنواع الضرر، ومن تم العبث بأمنه المعيشي، من حقه أن يتجه إلى القضاء ويرفع بدل الشكوى ألفاً على من مارس التحريض والإرهاب ومازال مستمراً في ممارسته التحريضية. من حق الناس أن يطالبوا بتطبيق القانون على من أقلق حياتهم، وعلى من سعى لاختطاف بلدهم، ومن سعى لسرقة صوتهم وزج بهم في حراكه ضد الدولة بناء على مذاهبهم وأعراقهم. بل من حق الناس أن يقاضوا كل من روج الكذب بشأن البحرين وأهلها في الخارج، ومن حاول تشويه سمعة الوطن في قنوات أجنبية، ومن حاول أن يحشد الناس ويحرضهم على الذهاب لمناطق فئات معينة لاستفزازهم. ومن حق أهالي ضحايا الإرهاب أن يرفعوا القضايا على كذب من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان حينما تغاضوا عن الإرهاب الذي أسقط شهداء أبرياء من رجال الواجب ومن المواطنين البسطاء، ومن استهانوا بدماء الشهيد رجل الشرطة المدهوس وقالوا بأنه دمية، ومن وصفوا المخلصين للبلد بأنهم ''بلطجية''. تخيلوا 450 ألف بحريني مخلص وأكثر يرفعون مثل هذه الدعاوى على من خطط للانقلاب على الحكم، ومن حرض على الإرهاب واللعب في أمن البلد
فيصل الشيخ
صحيفة الوطن - العدد 2028 الخميس 30 يونيو 2011
فيصل الشيخ
صحيفة الوطن - العدد 2028 الخميس 30 يونيو 2011