Monday, July 4, 2011

قبــــل الحــــوار

تقول الوفاق ومعها عيسى قاسم مرجعيتها الفقهية؛ إن الحوار‮ ‬يكون بين صاحب‮ ''‬رأي‮'' ‬وصاحب قرار،‮ ‬ذلك صحيح حين‮ ‬يكون الموضوع الذي‮ ‬يتحاوران حوله حصراً‮ ‬عليهما،‮ ‬أما والوطن به عدة مكونات‮ (‬مواطنون وحكم‮) ‬فالحوار أولاً‮: ‬يكون بين كل الأطراف التي‮ ‬سيلقى عليها تبعات مخرجات ذلك الحوار،‮ ‬فإن اتفقت الأطراف على أمر ما فعلى الجميع الالتزام بما توافقوا عليه بما فيهم الحكم‮.‬ ثانياً‮: ‬قد تكون لدى الوفاق أولويات إصلاحية؛ لكن ليس بالضرورة أن تكون تلك الأولويات لدى بقية أطراف الوطن،‮ ‬فلا تحدد الوفاق أولويات المجتمع الإصلاحية نيابة عنهم ولا تدعي‮ ‬أنها تحتكر منصب متحدثهم الرسمي‮. ‬ الحوار سيعقد بين البحرينيين أولاً‮ ‬من أجل إيجاد توافق بينهم على الأولويات،‮ ‬فإن توافقوا عليها لابد أن‮ ‬يتوافقوا على آلية إصلاحها،‮ ‬ومن ثم سترفع للجهات المختصة من أجل التنفيذ،‮ ‬فالشعب هو سيد قراره وكل الآخرين جهات منفذة،‮ ‬وهذا ما سيلزم به البحرينيون الجهات التنفيذية‮ -‬بما فيها الحكم‮- ‬كجهة إصدار مراسيم أو السلطة التشريعية كجهة تشريع أو الحكومة كسلطة تنفيذية،‮ ‬وهذا ما تعهد به جلالة الملك أمام العالم أجمع وتعهد به سمو ولي‮ ‬العهد وما تعهد به كل البحرينيين‮.‬ إنما أَتفق مع الوفاق حول نقطتين لابد من حسمهما قبل بدء الحوار‮:‬ النقطة الأولى‮: ‬هي‮ ‬سؤال‮: ‬ماذا لو لم تتوافق مكونات المجتمع البحريني‮ ‬على بعض الأمور؟ هذه النقطة لابد أن تكون واضحة للخطوات التي‮ ‬تليها،‮ ‬وهناك العديد من الخيارات إنما لابد من الاتفاق على أنها كلها خيارات سلمية حقيقية،‮ ‬لا سلمية‮ ''‬ورود‮'' ‬الوفاق الكاذبة،‮ ‬إذ قبل أن نبدأ الحوار لابد أن نتفق أنه في‮ ‬حال اختلفنا ولم نتفق أن خياراتنا لابد أن تكون مشروعة وسلمية حتى‮ ‬يجلس الجميع بلا تهديد من طرف لآخر،‮ ‬وبلا ورقة ضغط من طرف على آخر‮. ‬ النقطة الثانية‮: ‬والتي‮ ‬أَتفق فيها مع الوفاق هي‮ ‬ضرورة تهيئة الأجواء قبل بدء الحوار،‮ ‬وهنا نتوقف قليلاً‮ ‬أمام مرئيات الوفاق لتهيئة الأجواء لارتباطها ارتباطاً‮ ‬وثيقاً‮ ‬بالسؤال الأول؛ ما هي‮ ‬خياراتنا في‮ ‬حال الاختلاف؟ فالوفاق تطالب بإطلاق سجناء‮ (‬الرأي‮) ‬لتهيئة الأجواء،‮ ‬وهذه أول عقبات تهيئة الأجواء،‮ ‬ليس المطالبة بإطلاق سراحهم بل توصيفهم هو العقبة الكأداء‮.‬ فإن ظلت الوفاق تصف ما حدث في‮ ‬شهري‮ ‬فبراير ومارس على أنه كان مجرد تعبير مشروع عن الرأي‮ ‬؛ فإن ذلك‮ ‬يعني‮ ‬أنها ستحسم الخلاف وعدم التوافق بوسيلتها‮ (‬المشروعة‮) ‬التي‮ ‬تدعيها وستستمر بما تصفه هي‮ ''‬حرية رأي‮''!.‬ إن لم تكف الوفاق عن الكذب حول توصيف ما حدث،‮ ‬وما لم تكف عن استخدام ورقة الضغط الخارجي‮ ‬بالكذب،‮ ‬لتفرض أمراً‮ ‬واقعاً‮ ‬على البحرينيين،‮ ‬فإنها لا تخدم ولا تهيئ الأجواء للحوار‮.‬ فإن شئتم تهيئة الأجواء فليتوقف كذبكم عند وسائل الإعلام الأجنبية وعند المنظمات الحقوقية الدولية،‮ ‬فتلك الوسائل والمنظمات أصبحت تبني‮ ‬مواقفها ضد البحرين بناء على معلومات تصلها ممن وصفتهم تلك المنظمات‮ ''‬بالمصادر الموثوقة‮''‬،‮ ‬وهي‮ ‬أنتم الذين تكذبون عليها وقلتم لها إن البحرين تسجن الناس بسبب آرائهم السياسية‮.‬ أوجه سؤالي‮ ‬للمتحدث باسم الوفاق الذي‮ ‬قال للمنظمات ولوسائل الإعلام إن البحرين تسجن الناس عقاباً‮ ‬لهم على آرائهم؛ لِم أنت خارج السجن إلى الآن؟ لماذا لم تحاكم أنت وكثيرون ممن وقفوا على المنصة في‮ ‬الدوار وصرحوا بآرائهم السياسية؟‮! ‬ألا‮ ‬يضع ذلك علامة استفهام حول بقائك خارج السجن؟ هي‮ ‬واحدة من اثنتين؛ إما أن البحرين لا تسجن أصحاب الرأي،‮ ‬وفي‮ ‬هذه الحالة أنت كاذب وعليك الاعتذار والكف عن الكذب تهيئة للأجواء،‮ ‬وإما أنك صادق والبحرين تسجنهم لكنك خارج السجن لأن هناك أمراً‮ ‬غريباً‮ ‬يتعلق ببقائك خارج السجن،‮ ‬وعادة ما‮ ‬يكون ذلك،‮ ‬لأن السلطة عقدت صفقة معك أخفيتها أنت عن أصدقائك المسجونين،‮ ‬هذان هما الاحتمالان الوحيدان فلا ثالث لهما؛ إما أنك متفق مع السلطة على تصعيد الخطاب حتى تلمع نفسك في‮ ‬الشارع فقط لزوم التوازنات،‮ ‬في‮ ‬حين أن زملاءك‮ ‬يقبعون في‮ ‬السجن،‮ ‬وإما أن البحرين لا تحاكم الناس على آرائهم والمحاكمات ليست على الآراء إنما على ممارسات مجرّمة وفق القانون،‮ ‬اختر واحدة؛ إما أنك خائن لرفقاء دربك أو أن المحاكمين ليسوا سجناء رأي‮!‬ ثانياً‮: ‬الكذب حول ما حدث في‮ ‬فبراير ومارس لا‮ ‬يعني‮ ‬سوى تبريره واحتمال العودة له،‮ ‬فهل ما حدث كان مجرد رأي؟ ألم‮ ‬يُقتل وتُقطع أطراف ويُروع طلبة ويتم اختطاف وتُقيد حرية مقيمين ورجال شرطة وتُستخدم أسلحة وتُحتل مبانٍ‮ ‬حكومية ومستشفى؟ هل كان ذلك رأياً؟ الم تمارسوا الإرهاب المخيف؟ دعكم من توصيف الإعلام البحريني،‮ ‬ارجع لتوصيف‮ (‬أعمامك‮) ‬الذين تستشهد بآرائهم وحدهم،‮ ‬ألم تصف القائم بأعمال السفارة الأمريكية الوضع بأنه كان‮ ''‬مخيفاً‮''‬؟ ما المخيف إذاً؟ هل‮ (‬آراؤكم‮) ‬كانت مخيفة أم ممارساتكم هي‮ ‬المخيفة؟ هل كنتم تعبرون عن آرائكم فقط ومع ذلك خافت الأخت؟‮ ‬ قبل أن‮ ‬يدخل الأطراف للحوار لابد من حسم هذا التوصيف،‮ ‬حتى نجيب عن السؤال الذي‮ ‬اتفقنا عليه جميعاً‮ ‬بداية وهو ما الذي‮ ‬سيحدث فيما لو اختلفنا؟‮.‬ نأتي‮ ‬الآن لطلبكم الثاني‮ ‬من أجل تهيئة الأجواء وهو إسكات الإعلام،‮ ‬هل عرفتم الآن لماذا تريدون إسكات إعلامنا قبل الحوار؟ حتى‮ ‬يبقى كذبكم وحدكم هو السائد داخل وخارج البحرين‮.‬ فإن شئتم تهيئة الأجواء للحوار لنتفق على؛ أولاً‮: ‬توصيف ما حدث،‮ ‬فهل القتل دهساً‮ ‬وتقطيع اللسان وأطراف الأيادي‮ ‬والحرق والخطف والتخريب والتدمير وقطع الطرقات واحتلال المستشفيات والجامعات والمباني‮ ‬الحكومية ومراكز الشرطة وحيازة السلاح وإعلان الجمهوريات وسرقة واستخدام الأدوية والمواد الكيماوية تعبير مشروع عن الرأي؟ وهل ستكون خياراتكم في‮ ‬حال الاختلاف؟‮ ‬ هل القصائد التي‮ ‬تنال من العرض والشرف والدين ستكون وسيلة تفخرون بها وترفعون قبعاتكم لقائلها؟ نريد إجابة عن هذه الأسئلة التي‮ ‬تحدد لنا معاييركم للتعبير السلمي‮ ‬قبل بدء الحوار،‮ ‬لنتفق على أرضية تهيئة حوار ومثل ما لكم حقوق لابد أن‮ ‬يكون عليكم التزامات

سوسن الشاعر
صحيفة الوطن - العدد 2024 الأحد 26 يونيو 2011