ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن ما جرى في 14 فبراير ليس عشوائياً ولا علاقة له بالجموع التي وقفت في الدوار بحثاً عن مطالب مشروعة سواء كانت معيشية أو سياسية أو حقوقية. إذ تم التخطيط لقلب نظام الحكم من خلال الاستجابة العفوية لأصحاب المطالب الذين توافدوا للدوار، حتى إذا ما وصل وتجمع لم يجد من يقول له ماذا تريد، تراجعت تلك المطالب وقفز على ظهور أهل الدوار من خطط لهذه اللحظة وماطل في تلبية دعوة الحوار إلى أن تكتمل العناصر ويجهز الدستور البديل، و9,99 ممن ذهب للدوار لم يرد في ذهنه دستور أو غيره. ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية وبشكل أيضاً لا يدع مجالاً للشك في محاولة قلب نظام الحكم، وكانت شريكاً مباشراً في هذه المؤامرة على الشعب البحريني من خلال التدريب والتأهيل ومن خلال لعبها دور (الوسيط) بين أصحاب الانقلاب والحكم، دون أن تضع في اعتبارها عدد الوفيات وعدد القتلى وخسارة الأرواح من البحرينيين الذين يدفعون ثمن العنف والإرهاب الذي تم برعاية أمريكية، ومن يقرأ مقال الأمس ويبحث عن مزيد من التفاصيل سيعرف أن شبلي ملاط الخبير الدستوري كان قادماً للبحرين لإكمال بقية المؤامرة وكتابة الدستور الجديد بدعوة وفاقية إنما بتنسيق أمريكي، ولولا أن مكالمة هاتفية وصلته وهو على وشك ركوب الطائرة وطلبت منه عدم السفر لكان الآن يكمل مهمته. تلك المكالمة جاءته من وزارة الخارجية الأمريكية وهو في المطار، ويستغرب شبلي لماذا تم تعطيل مهمته في أحد لقاءاته الصحافية، وما ذلك إلا لأنه لم يكن على اطلاع أن التحرك الدبلوماسي السعودي هو الذي لعب دوراً كبيراً في فرملة الاندفاع الأمريكي حين أبلغت المملكة العربية السعودية وبما لا يدع مجالاً للشك أن سيطرة حزب الله البحريني على البحرين هو إعلان حرب على السعودية، وذلك تهديد مباشر لها ولأمنها واستقرارها. لذلك فكل من وضع يده في يد الوفاق والائتلاف الجمهوري -وهما وجهان لعملة واحدة- وبمساعدة أمريكية وإيرانية ممثلة في حزب الله وحزب الدعوة والحرس الثوري المسؤول عن القنوات الفضائية ومؤسسة الأبرار الإيرانية في بريطانيا، خططوا للاستيلاء على البحرين ويقدمون لإيران موطئ قدم فيها، وكلهم شركاء في المؤامرة الكبرى التي بانت الآن كل خيوطها. الخروج من عنق الزجاجة قد تحقق؛ إنما الخروج من الأزمة لم يتحقق بعد. لهذا أوجه خطابي اليوم للغالبية التي كانت صامتة إلى وقت قريب؛ اعتمدوا من بعد الله على أنفسكم في إنقاذ البحرين، وحدها تلك الغالبية قادرة على أن تدافع عن دولة القانون والمؤسسات وتحمي البحرين من التدخلات الإيرانية والأمريكية ووقف فرملة الأصولية الشيعية التي اختطفت الشيعة قبل السنة والتي رأينا نموذجاً من حال البحرين في حال سيطرت عليها. البحرين سفينة عرضة للاختطاف على يد جماعة أصولية إرهابية بحجة الإصلاحات أو بحجة المطالب أو بأي حجة أخرى، وكثيرون هم السذج والمخدوعون الذين يعتقدون أن النص الدستوري لو تعدل لانتهت مشاكلنا ولكفت الأصولية الشيعية عن المطالبة بدولة ولاية الفقيه!! بل ستوظف هذه الأصولية تلك الأدوات التي ستقدم لها على طبق من فضة لخدمة ذات المشروع، وقتها لن ينفعنا مليون اعتذار من جمعيات تضرب على قفاها مرة واثنتين ولا تتعلم. وحده الله ومن ثم الأمل في الجموع البحرينية التي زحفت للفاتح هي القادرة على حماية استقلالنا والدفاع عن كرامتنا. فتحرك الدولة الرسمي بطيء وغير متناسق ولا يتناسب وحجم التحديات، في حين أن شباب ونساء ورجال الفاتح قد قاموا خلال ثلاثة شهور فقط بما عجزت عنه الدولة وأعيانها المعينون. وحدهم الذين لم ينتظروا إذناً وتحركوا باستخدام كل الوسائل المتاحة ووقفوا بوجه أكبر مخطط تآمري على البحرين في التاريخ المعاصر. والآن أصبح الطريق مفتوحاً بشكل شرعي للتحرك والمسؤولية أصبحت على عاتق كل بحريني عربي الشيعي قبل السني لوقف زحف تلك الأصولية الإيرانية. المهمة كبيرة وتحتاج أن نخصص لها من هو قادر على حمل مسؤولياتها المتنوعة، وأولها الملف السياسي والملف الإعلامي الذي يجب أن يضع في اعتباره أنه أمام حرب بمعنى الكلمة؛ حرب إعلامية مدفوعة الثمن وملايين خصصت من دول مجاورة وإقليمية ومساعدة لوجستية أمريكية بلا حدود لعزل البحرين، فلا وقت للمجاملات أو للسكوت على الاستهانة بمقدرات أهل البحرين. هذان الملفان لابد أن يخضعا للتشاور الواسع وانتقاء أفضل الخبرات؛ بل والاستعانة بمحامين دوليين وخبرات إعلامية، فنحن لسنا بصدد إصدار صحيفة حائط مدرسي! كذلك الملف السياسي؛ هناك مؤامرة لتغيير الدستور بشكل يعطي الولي الفقيه اليد الطولى والعليا في القرار السياسي يشترك في هذه المؤامرة حتى القوى السياسية الديمقراطية التي تقدم تلك ''الأدوات'' لإيران على طبق من فضة ظناً منها أنها تدافع عن حق الشعوب، وتدفن رأسها أمام واقع أن ثلث الشعب هو فرد يسوقهم يميناً ويساراً وأنتم أكثر العارفين بهذه الحقيقة أيام الانتخابات! أبعد هذا كله لا نعي ولا ننتبه لحجم المؤامرة؟ من سيجلس للحوار عليه أن يعرف أن ما لم تأخذه إيران بالثورة تريد أن تأخذه بالحوار، وعلى فكرة... لن يوقف هذه المؤامرة إلا أنتم فلا تعتمدوا على أحد وأضع سطرين تحتمهما
سوسن الشاعر
صحيفة الوطن - العدد 2027 الأربعاء 29 يونيو 2011