عصر الثالث عشر من مارس أي قبل إخلاء الدوار بيومين كان شبلي ملاط في مطار لوغن بالولايات المتحدة الأمريكية على وشك ركوب الطائرة متوجهاً للبحرين تلبية لدعوة من جمعية الوفاق وبترشيح من السفارة الأمريكية!! شبلي ملاط محام دستوري لبناني الأصل مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية متزوج من سيدة تدعى نيلة شلهوب! ويستعين به حزب الله كثيراً في الاستشارات القانونية رغم أنه مسيحي، لكن تربطه علاقة قوية بالتيار العوني المتحالف مع حزب الله، ترشح للرئاسة في لبنان ولم ينجح. هذا الشخص هو رجل أمريكا ''الدستوري'' في الشرق الأوسط الجديد؛ قدم نصائحه للعراقيين في وضع دستورهم الجديد بترشيح من الخارجية الأمريكية بعد الإطاحة بصدام حسين، وكذلك يحاول الآن أن يقدم نصائحه للمصريين بعد الإطاحة بحسني مبارك لوضع التعديلات الدستورية الجديدة!! هذا الشخص مقرب من شيعة العراق كثيراً خاصة أهل النجف لكونه أحد الباحثين في حياة الإمام الصدر، وهو من المنظرين لنظام الفيدرالية العراقية وتقسيمها وعلى صلة بالجلبي وبالعراقيين الذين كانوا منفيين في الولايات المتحدة الأمريكية أيام حكم صدام حسين. كم علامة تعجب نحتاج للربط بين تلك المعلومات؟ كم نحتاج من أدلة أكثر لربط سيناريو العراق بسيناريو البحرين بالدور الأمريكي فيه والتواطؤ الوفاقي معه. الوفاق كانت على وشك إرغام الحكم في البحرين على كتابة دستور جديد برعاية أمريكية لا يقيد سلطاته فحسب؛ بل يخل بالتوازن الطائفي في البحرين مما سيفتح عليها أبواب السيناريو العراقي، ومن كان سيقدم نصائحه لهم؟ هو ذات الشخص الذي قدمها لشيعة العراق.. (برافو) يا وفاق.. وسلام وتحية منا للتيار الديمقراطي!! »عفية« على مناضلي الاستعمار سابقاً وأصدقائه حالياً، ولا نريد استخدام وصف آخر غير أصدقاء. كانت الوفاق تدعي التمنع عن الحوار إلى تاريخ 13 مارس، وهي التي كانت تستعد لصياغة دستور الملكية الجديد برعاية أمريكية لتضع فيه الأدوات الدستورية التي تتيح لها التحكم في مواقع صنع القرار. وقد كان تأخيرها انتظاراً لقدوم شبلي الذي كان على وشك الهبوط في مطار البحرين الدولي يوم 14 مارس ليقدم نصائحه للوفاق كي تضع تصوراتها للدستور الجديد برعاية الولايات المتحدة الأمريكية! ما أفسد على شبلي رحلته وما أفسد على الولايات المتحدة الأمريكية إكمال خطتها هو دخول قوات درع الجزيرة للبحرين، وقد كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تضيع كما ضاعت العراق وسلمت لقمة سائغة لإيران! كانت صياغة الدستور الجديد ممكنة كما تحب الوفاق وتبغي حين كانوا في الدوار يضعون شروطهم ويملونها من موقع قوة. أما اليوم فهي ستضطر أن تخفض من سقف طموحها نتيجة ضعف أوراق الضغط المتبقية في يدها. فحزب الله لاه عنها، وإيران مشغولة بسوريا، وأمريكا عرفت أن المملكة العربية السعودية لن تتهاون أبداً في أن تجد إيران موقع قدم لها على بعد ستين ميلاً من آبار نفطها. وحين فشلت ورقة الدوار، بدؤوا يستخدمون الآن ورقة ضغط المنظمات الحقوقية على الحكم في البحرين، وهي أوراق تعرف الوفاق أنها ضعيفة رغم محاولات النفخ فيها وتضخيم آثرها. وأمريكا تقول للحكم في البحرين أعطهم أي شيء ليحفظوا ماء وجههم فقط. اليوم الوفاق ستحاول من خلال الحوار أن تضع دستوراً يتيح لها السيطرة على السلطتين التنفيذية والتشريعية والتحكم فيهما من خلال توزيع للدوائر ومن خلال إلغاء الغرفة الثانية ومن خلال تسويق فكرة الحكومة المنتخبة. فإن تحكمت الوفاق نتيجة عدم انتباه المتحاورين أو نتيجة تهاون الحكم؛ فإن ذلك يعني أن مرجعيتها الفقيه -وهي ذاتها المرجعية التي تحكمت في السلطتين التنفيذية والتشريعية العراقية- ستحكم البحرين. فهي التي ستتحكم في تعطيل تشكيل أي حكومة من خلال امتلاكها الثلث المعطل، ولن تتشكل حكومة في البحرين حتى ترضى هي عليها، اسألوا اللبنانيين والعراقيين إن كان لهم رأي في حكوماتهم؟ الحكومة العراقية والحكومة اللبنانية لا تشكل إن لم يوافق عليها أحمدي نجاد وخامنئي ويظل الثلث معطلاً أي تشكيل إلى أن يأتي له الضوء الأخضر من إيران. السؤال الآن هل شبلي موجود الآن في البحرين أم لا؟ وهل تأخير رد الوفاق على الدخول للحوار في انتظاره؟
سوسن الشاعر
صحيفة الوطن - العدد 2026 الثلاثاء 28 يونيو 2011