بحثت في كل كتاب ومعجم، وفي كل موقع ومدونة، فلم أجد أفضل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول ''إذا لم تستح فاصنع ما شئت''، وذلك للرد على تهديد بابكو بمقاضاتي. وهذا بعض من فيض في ما فعلته بابكو، ففي الوقت الذي كادت تتعرض مراجل وتوربينات مصانع النفط للحريق، كان موظفو بابكو يهتفون بإسقاط النظام.. فأين الإجراءات القانونية ضدهم؟!. في حين كان المخلصون من أبناء البحرين يواصلون العمل ليلاً ونهاراً لتفادي انقطاع إمداد البحرين بالوقود.. أين أنواط الشرف والتكريم لتعلق على صدور من حفظوا البحرين من كارثة مؤكدة، لقد تم تسليم ملفات تحقيق اللجان في العصيان المدني، وخيانتهم لأمانة الوظيفة، إلى نبيل رجب ليتحدث نيابة عنهم على قناة ''العالم''. فأين الإجراءات القانونية ضده؟ ترك هؤلاء جميعهم يتمتعون بالحرية والعودة إلى مكاتبهم وإلى بيوتهم الأنيقة في عوالي، وهددوا صاحبة مقال لم تذكر فيه أكثر من حقائق موثقة بالمستندات والشهود الذين انضموا إلى قوافل الحق من أجل البحرين. إذا قالت بابكو عن مقال ''بابكو.. وذر الرماد في العيون''، بأنها تحتفظ بكامل الحق في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لأن صاحبة المقال تجاوزت الأعراف الصحافية، فماذا يسمى من ترك المصانع تشتغل دون إنتاج، وماذا تسمى شركة الصيانة المتعهدة عندما أضرب عمالها عن العمل؟ وماذا يسمى عندما هتف موظفو الشركة بإسقاط النظام، وماذا يسمى من استخدم سيارة إسعاف الشركة لحمل الأسلحة إلى جامعة البحرين؟ هل هذا من ضمن أعراف الوزير والرئيس التنفيذي، أو هل ترى الدائرة القانونية بالشركة أن ما قام به الموظفون لا يخرج عن دائرة التعبير عن الرأي؟. وذلك كما يقول كبيرهم في الدوار، أو أن هذه الأعمال من ضمن المخطط لها في مؤامرة الانقلاب، أي أنها تتماشى مع إعلان مشيمع عن جمهوريته. أما القول إنها مؤسسة وطنية عريقة ساهمت في اقتصاد البحرين، فأين هي الأرقام التي تثبت مساهمتها في دعم اقتصاد البحرين؟ أين هذه المؤسسة الوطنية العريقة التي تآكلت معادن أجزاء مصانعها، وتقطعت سيورها حتى أصبحت أشبه بتنور خباز وقطار يسير على الفحم الحجري؟ أين التطوير؟ وأين التصنيع وأين المبيعات وأين الصفقات؟ أما القول إنها خلفت كوادر وطنية مؤهلة، ونشرت تقنية وعلوم العصر الحديثة، فنحن سنتفق معها في هذا، على شرط أن تنشر أسماء هذه الكوادر الوطنية التي خلقتها والتي ابتعثتها للدراسة في الخارج، كما نشر خبر حفلة العشاء التي أقيمت لذر الرماد في العيون. أما تقنية وعلوم العصر التي نشرتها بابكو، فهل حوّلت الشركة تخصصها من النفط إلى معهد تعليم وتدريب، وذلك لكي تقول إنها نشرت علوم العصر... نعم بابكو أهلت وعلمت على حساب الدولة لفئة معينة، وذلك عن قصد وإصرار.. إنها إدارة بابكو التي حاربت بكل قوة موظفي شركة بنوكو بعد انضمامها إلى بابكو، لأنهم من طائفة أخرى. هذه هي الحقيقة التي لا تستطيع أن تغطيها بابكو مهما حاولت، ومهما فكرت في مخارج أو تكتيكات للتستر على فضائحها. إن التهديد هو اعتراف بأن ما ذكر من حقائق صحيحة، لذلك عندما لم تدافع الشركة بحقائق ووثائق تنفي هذه المعلومات، إنما استطاعت أن تجد المخرج بأن المقال خرج عن الأعراف الصحافية وأنه اتسم بالتشهير. فهنا نرى كيف كبرت عليهم أنفسهم، ولم تكبر في نفوسهم البحرين، عندما سلموا إلى نبيل رجب المستندات لينشرها على قناة ''العالم''، ولم تكبر في نفوسهم البحرين عندما هتف موظفو الشركة بسقوط النظام واستجابوا للعصيان المدني. لم تكبر خسارة اقتصاد البحرين مئات الملايين من الدنانير، إنما كبر في نفوسهم مقال كشف أعمالهم. إن التهديد هذا أو غيره لن يجدي مع أي مواطن شريف، وإن محاولة التهديد مرة أخرى، أو أي محاولة هي مسؤولية يتحملها المسؤولين عن الشركة. فاللذي هانت عليه البحرين، كل أمر غيره بالتأكيد بالنسبة إليه أهون من الهين. أليس الأجدى من اتهام صحافية النظر في الأمور التالية الأخطر: استخدام الدائرة القانونية للدفاع عن شخوص وليس عن مصالح الشركة، خسارة ملايين الدنانير أثناء الأزمة، الخطر البيئي الذي سببته مصانع النفط القديمة، الظلم والإجحاف الذي تعرض له موظفو بنوكو، الطائفية التي مارستها الشركة ضد مواطنين من فئة معينة، إقامة حفلة عشاء على نفقة الشركة لمصالح شخصية وليس لمصلحة الشركة، تبذير المال العام كما ورد في تقارير الرقابة المالية وما تتضمنه مستندات أخرى. فهذا جواب التهديد، وهذا ما يجب أن يعلمه وزير النفط والرئيس التنفيذي للشركة. إن احتلال الدوار قد خلق شعباً جديداً، شعباً تعلقت روحه بكتاب الله الذي يقول فيه ''الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاس إِنَّ النَّاس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً''
نجاة المضحكي
صحيفة الوطن - العدد 2026 الثلاثاء 28 يونيو 2011
نجاة المضحكي
صحيفة الوطن - العدد 2026 الثلاثاء 28 يونيو 2011