Monday, July 4, 2011

لماذا لجنة حقوق إنسان دولية

لا‮ ‬يختلف اثنان على حكمة قرار جلالة الملك بضرورة بحث مزاعم انتهاك حقوق الإنسان في‮ ‬فبراير ومارس عن طريق لجنة محايدة تضم أسماء معروفة لها سمعتها الدولية وتشغل مناصب في‮ ‬مجال حقوق الإنسان ولها تجارب ميدانية كثيرة في‮ ‬دول العالم،‮ ‬يطمئننا هذا إلى أن البحرين وقيادتها بإذن الله على الطريق الصحيح،‮ ‬أليس ما نريده هو‮ ''‬تهيئة الأجواء‮'' ‬للحوار،‮ ‬هذه هي‮ ‬الأجواء قد تهيأت فيما لجنة محايدة دولية تضم خبراء دوليين حقيقيين تدرس وتعطي‮ ‬توصياتها في‮ ‬أي‮ ‬ادعاء بوقوع انتهاكات،‮ ‬ولا ندري‮ ‬ما العقبات التي‮ ‬سيضعها من‮ ‬يرفض مبدأ الحوار أصلاً‮ ‬أمام الخروج بالبلد من هذه المحنة،‮ ‬طبعاً‮ ‬هذه الطفرة في‮ ‬التعامل مع حقوق الإنسان في‮ ‬البحرين تختلف شكلاً‮ ‬ومضموناً‮ ‬عن وضع التقييم الحقوقي‮ ‬المتحيز والذي‮ ‬نعرفه ونعرف خباياه والذي‮ ‬فشل في‮ ‬إقناعنا نحن،‮ ‬فكيف له أن‮ ‬يتحدث عنا أمام العالم‮.‬ لم‮ ‬يكن التوجيه الملكي‮ ‬غريباً‮ ‬ولا مفاجئاً؛ فالأمر لا‮ ‬يعكس‮ ‬غير فلسفة قيادتنا التي‮ ‬تحرص على قانونية وشرعية كل تحرك في‮ ‬أوقات الرخاء،‮ ‬ولم تتزحزح عن هذا المبدأ والفلسفة خلال الأزمات،‮ ‬وهي‮ ‬تحترم النظام والقانون الدولي‮ -‬بكل مساوئه‮- ‬ولا تتكبر على كونها جزءاً‮ ‬من هذه المنظومة،‮ ‬لهذا لن تنجح أي‮ ‬محاولة لتصويرنا كدولة مارقة أو‮ ‬غابة تعذيب تمارس فيها الانتهاكات بحق الشعب،‮ ‬ولو عملتم ألف عام بنفس الحماس لتشويه صورة البحرين‮.‬ نؤمن بقيادتنا كل‮ ‬يوم أكثر ونتشرف ببلدنا الذي‮ ‬مسه الضر والحزن،‮ ‬فما تخاذل لكن ازداد وعياً‮ ‬وتلاحماً‮ ‬وشعوراً‮ ‬بالمسؤولية،‮ ‬ولا نختلف في‮ ‬ذات الوقت على أنه إذا ما ثبت تعرض بحريني‮ ‬لإساءة أو انتهاك لحق من حقوقه فإن له أن‮ ‬يستخدم القانون والسبل المشروعة،‮ ‬إلا أننا سنظل ضد الاستهلاك الإعلامي‮ ‬المغرض واستغلال هذه المزاعم في‮ ‬تبرير التصعيد الميداني‮ ‬وإحداث المزيد من الأضرار مع التهويل والإشاعات والمبالغات التي‮ ‬تضر صاحب الحق وتضيع قضيته قبل أي‮ ‬شخص آخر‮. ‬ الحقيقة أننا نحتاج لشاهد حق فيما حصل في‮ ‬البحرين،‮ ‬حيث إن الصورة قد شوهت عمداً‮ ‬ولابد من إظهار الحقائق،‮ ‬وأهمية هذا القرار الحكيم منبعها الفهم والوعي‮ ‬لما تواجهه البحرين،‮ ‬فهذه الحرب ليست وليدة الساعة ولن تكون الأخيرة إذا لم تحسم دولياً‮ -‬نفس الميدان الذي‮ ‬تُقاتلنا تلك الجماعة فيه‮- ‬وإن هدأ الأمر عاماً‮ ‬أو أعواماً‮ ‬سيعود للظهور بنفس الأجندة والأهداف ونفس الادعاءات،‮ ‬وتقريباً‮ ‬نفس الوجوه،‮ ‬حسم القضية الموجودة عندنا لن‮ ‬يكون بحرينياً‮ ‬فقط،‮ ‬لابد من المواجهة الدولية التي‮ ‬كنا نتحاشاها لاعتبارات السمعة وحفاظاً‮ ‬على كيان البحرين الاقتصادي،‮ ‬لكن من الواضح ومن المفرح أننا ما عدنا نهابها،‮ ‬نتمنى التوفيق لعمل اللجنة،‮ ‬ولابد لنا من توجيه تحية من شعب لأب قبل أن‮ ‬يكون قائداً،‮ ‬ونسأل الله أن‮ ‬يحفظه ويحفظ البحرين‮. ‬ لا تثقون ونحن لا نثق أيضاً الوفاق قالت إنها تجد الحوار‮ ‬غير مجدٍ‮ ‬لأنها تقرأ التاريخ وتتنبأ بالمستقبل،‮ ‬لأنه سبق وأن وعدت القيادة بأمور ولم تفِ‮ ‬بوعودها‮ -‬حسب وجهة النظر الوفاقية‮- ‬وأن القيادة انقلبت على الدستور وعلى الميثاق،‮ ‬ونحن لا نتعجب فهو أسلوبها الدائم،‮ ‬كل ما تفعله الوفاق في‮ ‬نظرها إنجاز وكل ما‮ ‬يفعله‮ ‬غيرها أخطاء وفشل‮.‬ نحن أيضاً‮ ‬نقرأ التاريخ والواقع؛ الطفرة السياسية‮ ‬غير المسبوقة وعودة المبعدين وتوليهم أرقى المناصب وحرية وشفافية عمل الإعلاميين والحقوقيين،‮ ‬لا‮ ‬يوجد في‮ ‬سجون البحرين معتقل رأي،‮ ‬إذا أدين أي‮ ‬متهم فيكون لارتكاب فعل‮ ‬غير قانوني‮ ‬أو تحريض عليه،‮ ‬حتى من هم في‮ ‬حكم الخيانة العظمى والتخابر مع الأجنبي‮ ‬ومحاولة قلب النظام حصلوا على العفو تلو الآخر،‮ ‬وكلنا نعرف أن الأوضاع خلف جدران بعض الجمعيات لا تسر عدواً‮ ‬ولا حبيباً،‮ ‬فلا أجندات وطنية كما‮ ‬يدعون ولا تحرك‮ ‬يمرر من أي‮ ‬طرف إلا بأمر أو إذن عراقي‮ ‬أو إيراني،‮ ‬والدولة تتغاضى أعواماً‮ ‬طويلة‮.‬ ليس هذا مقام سرد كل الواقع الذي‮ ‬يدين بعض الأطراف في‮ ‬محاولة إقحام البحرين في‮ ‬لعبة دولية‮ -‬كل‮ ‬غايتها السيطرة والتحكم بمنابع الثروات في‮ ‬العالم‮- ‬وفي‮ ‬صراع إعلامي‮ ‬وحقوقي‮ ‬ليست البحرين باسمها ومكانتها من‮ ‬يقف وسطه ويحاكم مثل الدول الإجرامية التي‮ ‬تتغذى على دماء شعوبها وعذاباتهم في‮ ‬المعتقلات وتعلق المشانق لمن‮ ‬يقول‮ ''‬لا‮'' ‬أياً‮ ‬كان‮. ‬ عموماً،‮ ‬كما إن الوفاق ورفاقها لا‮ ‬يثقون في‮ ‬وعود القيادة،‮ ‬نحن لا نملك إلا أن نقول إننا أيضاً‮ ‬لا نثق في‮ ‬أي‮ ‬مما‮ ‬يصدر عن الوفاق وتحالفها،‮ ‬ولو كان ظاهره حقاً‮ ‬فالمراد به باطل،‮ ‬حتى الحكومة المنتخبة والحرية والعدالة وتوزيع الثروة ليس ما تفكر فيه الوفاق،‮ ‬ولن نكذب التاريخ وكل ما نعرفه ونتظاهر أننا نؤمن بشعارات فيما الواقع‮ ‬يضادها والأفعال لا تعكسها‮. ‬ لا تصدقوا تلفزيون البحرين،‮ ‬ونحن لا نصدق نبيل رجب وجماعته،‮ ‬تعتبرون الكل موالياً‮ ‬وغير جدير بالثقة،‮ ‬نعتبركم تسيرون وراء أجندة مذهبية ولا تهمكم مصلحة الوطن وغير جديرين بالثقة،‮ ‬إذاً‮ ‬نحن نتفق على شيء واحد؛ أن الثقة مهزوزة من الطرفين فليس من حق أي‮ ‬طرف أن‮ ‬يضع شروطاً‮ ‬أو‮ ‬يملي‮ ‬رأياً‮ ‬ولا أن‮ ‬يعتبر نفسه في‮ ‬موقع متقدم على‮ ‬غيره،‮ ‬هذا ما‮ ‬يجب أن‮ ‬يدركه الجميع؛ كما تطالبون بمبادرات ثقة وحسن نية‮ ‬يجب أن تقدموها في‮ ‬المقابل
 
أماني خليفة العبسي
صحيفة الوطن - العدد 2028 الخميس 30 يونيو 2011