Friday, June 8, 2012

التمييز ضد التابعين للخارج لا يعني التمييز ضد الطائفة أيا كانت

فوزية رشيد
لأن غالبية مطلقة من «الفئة الانقلابية» هي من طائفة واحدة بعينها.. فهل المنطق يبيح لنا مجرد التفكير في أن أي جناية أو جريمة أو مخالفة للقانون والدستور يرتكبها هؤلاء، وتواجه بالمحاسبة أو العقوبة القانونية، فان ذلك يعني تمييزا ضد الطائفة التي جاء منها هؤلاء، أو تعتبر خرقا للديمقراطية ولحرية التعبير كما يروّج الانقلابيون في خطاباتهم وعلى منابرهم ونموذجهم الديمقراطية الفوضوية؟ في مثل هذا الكلام شيء كبير من التغابي ومن استغباء العقول، فالجناية جناية والجريمة جريمة ومخالفة القانون أو الدستور لها أيضا عقوبات قانونية مشروعة، والأمر لا صلة له بالطائفة من جهة، مثلما لا صلة له بحرية التعبير أو الديمقراطية، والا أصبح قانون الغاب يحكمنا، ويصبح الاهمالان القانوني والدستوري ضد هؤلاء، اختراقا قانونيا ودستوريا بحد ذاته لحق الغالبية الشعبية من كل المكونات وحرياتها وتمييزا ضدها، فيما المنطق يقول ان يكون التمييز ضد من خالف القانون والدستور وضد من ارتكب الجنايات والجرائم باعتبارات انتهاكات واجبات المواطنة وليست باعتبارات طائفية.
ذات الشيء من وجوب التمييز الوطني ينطبق على من تآمر على وطنه، وعقد تحالفات خارجية، وتلقى دعما ماليا خارجيا، وتدرب مليشياويا في الخارج للقيام بأعمال عنف أو تخريب أو إرهاب، وقام بالولاء في كل ذلك لقوى إقليمية أو دولية طامعة في بلده ولديها مشاريع أو استراتيجيات أو غيرها وطالب بعدها بالحماية الدولية أو التدخل الخارجي، إلى جانب كل القائمة الطويلة من المخالفات القانونية والدستورية في الداخل، التي تحتاج لرصد آثارها المجتمعية والسيكولوجية والتربوية والاقتصادية إلى مجلدات، فكيف يتم اعتبار كل ذلك حرية تعبير؟
هل يدرك هؤلاء الذين لا وصف لهم، وحسب كل من يراقب أعمالهم وسلوكاتهم، غير وصف «الخيانة» بتدرجاتها حتى تصل إلى الخيانة العظمى للوطن؟ أي خروق يقومون بها؟
المسألة هنا وبكل بساطة ومن دون فذلكة أو تعقيد هي:
هناك مواطن صالح وولاؤه الكامل للوطن وحده، ويعمل بشكل حقيقي على تطوير البلد وتنميته، فتنفتح له الأبواب الوطنية تلقائيا، وله الحق في المطالبة بكل الحقوق والامتيازات (من هذا المنطلق الوطني ومنطلق المواطنة الصحيحة) ومن حقه أن يعرض رؤاه ووجهات نظره بما فيها السياسية أو الإصلاحية من دون أن يدعي أن رؤاه كفرد أو كفئة هي رؤى كامل الشعب، أو أنه يمثل الشعب، فذلك عين الديكتاتورية وعين الاستبداد وعين التسلط، وإذا كانت رؤاه أو أطروحاته (تخدم وظيفيا دولة خارجية) فذلك هو عين الخيانة للوطن، وعليه أن يتحمل في ذلك كل الإجراءات العقابية قانونيا ودستوريا ومجتمعيا من دون أن يخلط بينها وبين حرية التعبير أو الحقوق الديمقراطية، بل على الدولة أن تمارس التمييز ضده، لأنه لم يلتزم قانونيا أو دستوريا أيضا، بما يلتزم به الآخرون، وعليها أن تحرمه من حقوق المواطنة الطبيعية، لأنه باختصار تحوّل بذلك من مواطن صالح إلى مواطن طالح، ولاؤه لغير الوطن، ويعمل على نسف وتخريب كامل الحياة البحرينية، ثم ينتظر بكل سذاجة أن يتم التعامل معه على أساس أنه مواطن صالح وديمقراطي والا كان ذلك (تمييزا طائفيا) أو اختراقا لحقوقه الديمقراطية.
التمييز هنا على أساس المواطنة والوطنية ومدى صلاحهما أو فسادهما وليس من حق فرد أو فئة أو طائفة أن تستأثر لنفسها كامل الحرية تحت لافتة الديمقراطية المخادعة والكاذبة والمتلاعب بها لاختراق حقوق وحريات الآخرين ورؤاهم المختلفة وإلا أصبحت ديكتاتورية، وذلك التمييز ضد أمثال هؤلاء تحديدا ما يتم تطبيقه في كل دول العالم من دون استثناء، إلا في البحرين التي ترى «فئة انقلابية» عنيفة أن من حرية التعبير، تغيير النظام لتؤسس هي وحدها نظاما آخر بعينه تريده، وان من حرية التعبير القيام بممارسات العنف والإرهاب لتحقيق ذلك التغيير الثيوقراطي الذي تسعى إليه، فئة كهذه أو جماعة أو قيادات أو جمعيات سياسية كهذه لا حل لها إلا تفعيل بنود القانون والدستور في وجهها، لتلتزم بمسؤولية كل خروقها ضدهما، وضد الديمقراطية.
الغريب أن الدولة المتهمة منذ عقود بالتمييز الطائفي ظلما فيما هي ان ميزت أحيانا على استحياء فإنها تميز كغيرها من الدول بين حقوق المواطنة الصالحة والتقتير في إعطاء تلك الحقوق للمواطنة الطالحة أو الفاسدة، إلا أنه يتضح اليوم كم هي كدولة قد خضعت ولاتزال لابتزاز هؤلاء ولكذبهم، ولخلطهم للأوراق وهم يرفعون ملف التمييز على أساس طائفي في وجه الدولة، فإذا بأحداث فبراير ٢٠١١ تكشف النقيض أمام ذهول المكونات الأخرى، حيث اتضح أن كل الأبواب كانت مفتوحة لهم (للانقلابيين والطالحين)، ولنكتشف معا حجم التوغل والتغلغل الخطرين في كل المراكز ومنها مراكز حساسة، ومن خلالها تمكنوا أثناء الأحداث بمحاولات شل البلاد ومصالح العباد لولا لطف الله، وتطوع آلاف الشرفاء من المواطنين لسد «الثغرات الوظيفية» ونحن في عين الإعصار ورغم ذلك لاتزال هذه الفئة غير الوطنية بل العميلة للخارج تتاجر في ملف «التمييز الطائفي» حتى بعد جلاء الأمور، وحجم الامتيازات المختلفة التي استأثروا بها، وظائف وبعثات وغيرها مثلما هو الابتزاز وخلط الأوراق ساريا المفعول إلى الآن والأغرب أنه لايزال هناك في الدولة من يوليهم الآذان الصاغية، فيما الشرفاء أو أصحاب المواطنة الصالحة يصرخون ليل نهار: يا عجبي، وإلى متى الاستغفال.