Friday, June 8, 2012

لا جدوى من طرح سلاح.. حزب الله.. حالياً حوار ما بعد الأزمة السوريّة غير ما قبلها

روزانا بومنصف
هل الحوار بعد انطلاق الازمة السورية وتطورها هو غيره ما قبلها، بحيث يمكن التعويل على نتائج مختلفة؟
لا احد يعتقد بذلك. اذ يبدو لكثير من المراقبين ان الحوار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان لا يحتمل حتى جدول الاعمال الذي حدده على الاقل والمتعلق بموضوع السلاح. فهناك معطيان اساسيان لا يمكن الحوار اللبناني ان يؤدي الى أي نتيجة في ظل عدم اتضاحهما، بغضّ النظر عن مواقف الافرقاء الداخليين وما اذا كانت تساهم في تزخيم الحوار ام لا. المعطى الاول هو ذلك المتصل بالمفاوضات الغربية للدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران حول سعيها الى حل لملف السلاح النووي. اذ سيكون من الصعب طرح موضوع السلاح في لبنان وارتباطه بـ"حزب الله" على بساط البحث قبل بلورة نتائج الاتصالات والمفاوضات الغربية الايرانية، لان اتفاقا محتملا بين ايران والغرب عموما او بين ايران والولايات المتحدة خصوصا يمكن ان يؤدي بسهولة الى ازالة المبررات وراء ضخ ايران السلاح الى لبنان، او ان يفقد هذا السلاح جدواه. وهذه المسألة هي راهنا على النار بغض النظر عما اذا كانت المفاوضات المتجددة، والتي عقدت جلستان منها احداهما في اسطنبول ثم في بغداد، ستؤدي الى أي نتيجة، كما انها مرتبطة بموضوع الاستهداف الاسرائيلي للمنشآت النووية الايرانية الذي يظل خطرا محتملا من الصعب على ضوئه وضع مناقشة سلاح الحزب على طاولة البحث من ضمن استراتيجية دفاعية او سواها من التسميات. وهذا الامر يعرفه كل طرف من دون أي لبس او غموض.
المعطى الاخر يتعلق بالاتصالات الدولية الجارية حول الوضع السوري والتي تحركت بقوة على اثر مجزرة الحولة وزيارة المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان الى دمشق واعلانه ان خطته لم تنفذ، محذّرا من مخاطر حرب اهلية في سوريا. ويصعب في ظل المفاوضات الدولية ليس على بقاء الرئيس السوري او عدم بقائه حيث إن البحث لا يجري كما ساد  انطباع لدى انطلاق الانتفاضة السورية حول انهيار النظام واستبداله بواحد آخر، بل يجري على مواقع ومصالح ومكاسب، يصعب على الاطراف الاقليميين كايران مثلا التي تدافع عن نفوذها في سوريا وتحصيل مكاسب او على اطراف محليين، مناقشة موضوع السلاح في ظل عدم اتضاح صورة التفاوض الدولي على الوضع السوري. وقد يسفر هذا التفاوض عن مكاسب لا تسمح بالتفريط ببعض امتداداتها في لبنان والعكس صحيح بحيث ان أي تغيير جذري في سوريا قد يعزز اوراق افرقاء بحيث لا يمكنهم من قبول المساومة على ما يطلبونه. فضلا عن ان هذين المعطيين قد يكونان مرتبطين في شكل او في اخر، بحيث ان التفاوض على الوضع السوري بين تيارين دوليين فتجد ايران نفسها في موقع واحد مع روسيا والصين في الموضوع السوري والدفاع عن النظام كما في الموقع نفسه تقريبا حول سلاحها النووي بحيث ان التسوية على هذا الاخير قد يسير في موازاة الحصول على مكاسب او نفوذ في سوريا مستقبلا.
وهناك من يعتقد ان "حزب الله" قد يكون اجرى حسابات في ضوء هذين الملفين بما قاده الى طاولة الحوار مجددا حول عنوان السلاح، لكن هذا المنطق لا يجد مؤيدين كثيرين له بل على العكس من ذلك، نتيجة المواقف الاخيرة لمسؤولي "حزب الله" التي لم يجف حبرها بعد حول التأكيد على عدم امكان المساس بالسلاح. لكن الحزب يسعى الى ان يظهر في موقع المسؤول في الدولة واستعداده للمحافظة على الاستقرار امام الخارج كما امام الداخل من دون ان يعني ذلك تنازله عن مواقفه. وهذا يسري على اقتراح عقد مؤتمر تأسيسي جديد للدولة في لبنان على اساس عقد اجتماعي جديد وفق ما اقترحه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله اخيرا بحيث لا يعتقد انه يمكن ان يكون بوابة عبور الى الحوار بين الافرقاء اللبنانيين. فهناك من يعتبر ان هذه المسألة هي بدورها ملهاة جديدة للاخذ والرد كما كان موضوع البحث في استراتيجية دفاعية قبل عامين بحيث تغرق الطبقة السياسية في نقاش لا جدوى منه حول امور لا مجال لها في الوقت الراهن بأي شكل من الاشكال فيظهر المسؤولون اللبنانيون انشغالا بأمور جدية وجوهرية في حين ان كل المسألة ان هناك محاولة لتخفيف التوتر وتنظيم الخلاف الداخلي في الحد الادنى كما هي حال الاتفاق مثلا على تأمين الغطاء السياسي للجيش اللبناني للدخول الى طرابلس وفك الاشتباكات هناك بما يعني موافقة "حزب الله" الذي يمون على الطرف الموالي لسوريا في مقابل مونة الاطراف الاخرين على خصومه. وثمة من يعتقد ان هذه الرمية المتعلقة بالدعوة الى عقد اجتماعي جديد قد لا تكون موفقة تماما في هذا التوقيت وفي ظل عدم اتضاح الوضع السوري لاعتبارات عدة لكن قد يكون ابرزها ما يتعلق بالطرف المسيحي الحليف للحزب لجهة ظهور الاخير في موقع الساعي الى مكاسب له عبر المثالثة او ما شابه في مقابل تقليص حصة المسيحيين في السلطة في هذا الوقت بالذات.