Friday, June 8, 2012

الإسلام السياسي الإيراني

إسحاق يعقوب الشيخ
وتراهم خارج السلطة السياسية يشكلون مشكلة، وداخل السلطة السياسية يشكلون مشكلتين!! إنهم رجال الدين الذين دفعتهم أطماعهم الذاتية وطموحاتهم المادية والفكرية في تفعيل الدين بالسياسة.. وتفعيل السياسة بالدين.. إلى درجة التماهي حتى لا يمكن التفريق بين الروح العبادية المرتبطة بعبادة الله والروح المادية المرتبطة بأهواء السياسة.. وتطلعاتها الميكافيلية في تبرير دناءات الوسائل الروحية والمادية من أجل الوصول الى الاهداف السياسية، فالاسلاموية الدينية تشكل المطية «الجرباء» التي يمتطيها رجل الدين «الاجرب» ويدفع بها خبط عشواء في ميدان السياسة. انهم يفسدون دين الخالق بسياسة المخلوق.. ويجعلون من الخالق في السياسة مخلوقاً.. ومن المخلوق في السياسة خالقاً في خلط ماء الدين النقي الصافي بماء السياسة العكر الآسن: كبر مقتاً عند الله احالة الخالق الى مخلوق والمخلوق الى خالق في عالم فتيا الحياة والسياسة على حد سواء! وكأن أوطاننا العربية بين سندان رجال الدين خارج السلطة السياسية ومطرقة رجال الدين داخل السلطة السياسية! ولنا في اوضاعنا العربية ما يجعلنا ان نعيش مأساة هذا الاسلام السياسي أكان على رأس السلطة السياسية أم خارج السلطة السياسية في بذل الوسائل من اجل انتزاع السلطة السياسية والهيمنة على مقدرات الوطن المادية والفكرية، وتصفية وسائل وأجهزة الدولة المدنية والذهاب بها الى وسائل وأجهزة الدولة الدينية، ويلعب الاسلام السياسي الايراني دوراً طائفياً في المنطقة أكان في لبنان عبر «حزب الله» أم في الخليج والجزيرة العربية وتشكل الاقليات الشيعية في المنطقة قواعد سياسية للاسلام السياسي الايراني، حيث تأخذ المذهبية العقائدية الدينية التاريخية حوافز ذاتية عقائدية مذهبية في تفعيل مظلومية الحيثيات السياسية المذهبية الطائفية في المنطقة ودفع حراكها المذهبي الطائفي السياسي في زعزعة الاوضاع الاجتماعية والسياسية في انظمة دول الخليج والجزيرة العربية.. ويتشكل الاسلام السياسي الايراني في مواقفه وكأنه المدافع الوحيد عن المظلومية الشيعية وراعي حقوقها في الوقوف بجانبها والدفاع عن قضيتها ودعمها بالمال والعتاد والسلاح والتدريب، ناهيك عن تسخير ميديا الفضائيات في الدفاع عن المظلومية الشيعية في المنطقة!! ان للاسلام السياسي الايراني في المنطقة مواقع اجتماعية وسياسية وثقافية ودينية -شئنا أم أبينا- تتشكل في تباين درجات مظلومية المواطنة بين ابناء الشعب الواحدة، وهو ما يشكل نافذة موضوعية وذاتية تتيح للاسلام السياسي الايراني العبور منها الى اعماق مجتمعات دول الخليج والجزيرة العربية وإثارة الفتنة الطائفية وزعزعة الاوضاع الاجتماعية والسياسية! صحيح ان الثقة في المجتمعات العربية غير محكومة بحسن النوايا بين الاقليات الطائفية والمذهبية.. إلا ان تفعيل الثقة على قاعدة من العقلانية والموضوعية للخروج من عنق الزجاحة واقع تقتضيه الحكمة الوطنية من الطرفين طرف الحاكم والمحكوم على حد سواء وتفعيل وتفاعل جميع القوى الوطنية والديمقراطية أكان في مملكة البحرين أم على صعيد الخليج والجزيرة العربية، في تكريس ثقافة الحوار وقبول الرأي الآخر ونبذ روح الاقصائية الطائفية والسياسية.. وليس من الوطنية ولا العدل والانصاف قذف الطائفة الشيعية بقضّها وقضيضها بولائها للاسلام السياسي الطائفي الايراني.. وهو ما تدفع وتزيّن له وتدّعيه وتفاخر به وتموله جهات المخابرات الايرانية الفاعلة في المنطقة في زرع الفتنة الطائفية وغرس الجواسيس والمرتزقة بين ابناء الشعب الواحد.. وقد ألقت قوات الامن الكويتية على عناصر تجسس ايرانية في الفترة الاخيرة، ودفعت بهم للقضاء لينالوا عقابهم.. كما اوردت صحيفة «واشنطن بوست» ان هناك ادلة جديدة تشير الى وضع خطة محاولات من «حزب الله» اللبناني وعملاء يعملون لمصلحة ايران في القيام بتنفيذ اغتيالات دبلوماسية في سبع دول منها العربية السعودية.. وكانت المخابرات الايرانية -كما هو معلوم- قد قامت بمحاولة فاشلة في اغتيال السفير السعودي عادل الجبير في واشنطن.. ومحاولات اغتيالات دبلوماسية في الهند وتركيا وتايلند وباكستان وجورجيا، وقد اتهمت نيودلهي وبانكوك طهران بالتورط بتلك المحاولات وفق صحيفة «واشنطن بوست» ولا يمكن سحب مبادرات تأزيم الاوضاع الاجتماعية والسياسية من بين انشطة الاسلام السياسي الايراني في منطقة الخليج والجزيرة العربية الا بإزالة اسباب ومبررات المظلومية الاجتماعية والسياسية وتكريس المساواة في المواطنة وتفعيل الديمقراطية والعلمانية وحقوق الانسان وبناء الدولة المدنية والنأي بالسياسة عن الدين.. الامر الذي يُوصد الابواب بالضبة والمفتاح في وجه الاسلام السياسي الايراني من الخارج وفي وجه الاسلام السياسي الطائفي في الداخل على حد سواء!