Friday, June 8, 2012

يا أبناء مصر لا تستهينوا بمصر

أنس زاهد
عندما أطلق وزير الخارجية الأسبق وأمين عام الجامعة العربية السابق «عمرو موسى» حملته الانتخابية، كان يحاول إقناع الشارع المصري بقدرته على إنعاش الاقتصاد عبر رؤية تعتمد في مجملها على قدرته على جلب أكبر قدر ممكن من المعونات والهبات والاستثمارات لمصر، انطلاقاً من علاقاته المتميزة إقليميا ودوليا.
ورغم أن موسى أصبح الآن خارج السباق الرئاسي رسمياً، إلا أن طرحه آنف الذكر ما زال يجذب قطاعا من الناس. الخلل في هذا الطرح يكمن في أنه يحتوي على استهانة بمصر وقدراتها، ويعكس في نفس الوقت، عدم إدراك لمقومات الثراء والرخاء المتوفرة في هذا البلد المتميز على مختلف الأصعدة.
مشكلة مصر ليست في قلة الموارد الطبيعية أو حتى في الكثافة السكانية. مصر لديها موارد كثيرة تكفيها وتفيض عن حاجتها، ومصر لا تعاني من مشكلة كثافة سكانية إذا ما قسنا عدد السكان على حجم مساحتها الذي يستوعب على الأقل ضعف عدد السكان الموجود حاليا.
مشكلة مصر تكمن في سوء الإدارة وسوء التخطيط، وهاتان المشكلتان تسبب في وجودهما الفساد الذي تحول من ظاهرة إلى ثقافة ومن ثم إلى مؤسسة قد تكون الأضخم بين كل المؤسسات الفاعلة في حياة الناس.
مصر تمتلك الموارد الطبيعية المتنوعة، وأكثر من ذلك فهي تمتلك أهم وأخطر مورد طبيعي يمكن أن يمتلكه بلد ما: الإنسان. فتش في موقع غوغل عن الخبراء والعلماء المصريين المنتشرين في كل أنحاء العالم، وستعرف أن الهبات وفلسفة (عشانا عليك يا رب) لن تنتشل بلداً عظيماً كمصر، من محنته. ولعل ما فعله الرئيس الأسبق السادات من الاستعانة بصندوق النقد الدولي والاعتماد على المعونة الأمريكية، هو خير دليل على ذلك.
صحيح أن تراجع مستوى التعليم وعدم قدرته على مواكبة تطورات العصر وعجزه عن تلبية احتياجات البلاد، أدى إلى عدم قدرة مؤسسة التعليم على تخريج أجيال مؤهلة وقادرة على انتشال الاقتصاد المصري من محنته، لكن إصلاح التعليم بالإضافة إلى الاستعانة بالأدمغة المصرية المهاجرة، سيضمنان الوصول إلى نهضة اقتصادية حقيقية بعيداً عن المشاريع الريعية كبناء القرى السياحية والمراكز التجارية والفنادق ذات الخمس نجوم، ودون الحاجة إلى الهبات.
لا تستهينوا بمصر.