Friday, June 8, 2012

حرائق في دول الخليج

محمد مبارك جمعة
١٧ سيارة تم حرقها في غضون ٧٢ ساعة، والشرطة تقوم بتحرياتها للقبض على الفاعلين. بالطبع من المستحيل أن تكون حوداث الحرق هذه عارضة، بل هي فعل متعمد، يشير إلى انتقال مستوى التخريب في البحرين من استهداف رجال الأمن وقطع الشوارع إلى التركيز على استهداف الأملاك الخاصة للمواطنين. بمعنى أنه بات من الممكن جداٌّ أن يركن أي شخض سيارته، أمام منزله أو في أي مكان في العاصمة مثلاً، ليعود ويجدها قطعة من الخردة المشتعلة..!
هل هي مصادفة أن تتزامن هذه الحرائق التي تستهدف أملاك المواطنين في البحرين مع الحرائق التي نشبت في عدد من مرافق دولة قطر الشقيقة؟ بداية بمجمع «فيلاجيو» وانتهاء بمبنى قيد الإنشاء يوم أمس الأول؟ أتمنى أن تكون مجرد مصادفة لا علاقة لها أبداً بأي مخطط يستهدف أمن الخليج، أو يمهد لعمليات «نوعية» تضر بالبلاد. لكن في الوقت نفسه يظل الحذر واجب، وبالتأكيد فإن الجهات الأمنية في البحرين وقطر وباقي دول الخليج تملك من المعلومات والأدلة والقرائن ما يكفي لجعل نقاشنا للمسألة ها هنا لا يكتسب أهمية على المستوى الأمني، إلا أنه مهم جداٌّ على المستوى الشعبي.
في البحرين لم تعد حالات الحرق والتعدي على أملاك المواطنين غريبة، بل أجزم بأن الناس قد اعتادت مثل هذه الأعمال لأن المجتمع البحريني عرف العنف والتخريب على يد الجماعات الراديكالية منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي. إلا أننا لا يمكننا بأي حال من الأحوال، سواء نظرنا إلى أعمال الحرق والتخريب في البحرين، أو الحرائق التي نشبت في قطر، أن نقرأ هذا المشهد ببساطة وبمعزل عن التهديدات التي تعرضت لها دول مجلس التعاون إجمالاً على لسان النظام السوري وقيادات حزب الله ومن خلفهما إيران. الرئيس السوري بنفسه نقل عنه أنه سيقوم «بإشعال المنطقة» بسبب الأزمة التي تعانيها بلاده، في محاولة لممارسة سياسة لي ذراع مع دول الخليج. أحد الضيوف «المجانين» الذين استضافتهم إحدى القنوات السورية قبل عدة أشهر، في جلسة «تشبيحية» تحليلية للوضع في الداخل السوري، طلب من إيران مباشرة وعبر التلفزيون العمل على إشعال الوضع في المملكة العربية السعودية وتحريك الخلايا النائمة في دول الخليج.
لسنا وحدنا في الخليج من يعاني الآن من أعمال التخريب، بل حتى تركيا، الجار اللصيق للنظام السوري، تعرضت في الآونة الأخيرة إلى سلسلة من التفجيرات والأعمال الإرهابية التي راح ضحيتها مواطنون أتراك، واكتشفت الاستخبارات التركية لاحقاً أن منفذي تلك العمليات قدموا أو تم دعمهم من سوريا. ومما لا شك فيه أبداً أن ما يحدث في لبنان الآن هو أيضاً من صنيعة النظام السوري وحلفائه.
أجهزة الاستخبارات في العادة لا تتكلم، بل تجمع المعلومات وتلتزم الصمت، وأحياناً تكون على علم تام بطبيعة نشاط معين يجري على أراضيها لكنها تغض الطرف عنه بغرض جمع المزيد من المعلومات والأدلة الدامغة التي تخدم تثبيت القضية بدل تضييعها وخسارتها، والثقة عالية جداٌّ في أن هذا الوضع ينطبق على أجهزة الاستخبارات الخليجية أيضا.