Friday, June 8, 2012

خمسة يونيو الماضي والمستقبل

حسن توفيق
قوى أجنبية عديدة أخذت تفكر.. لقد استطاعت مصر أن تبني لها أسطولا بحريا ضخما، وهذا ما يتعارض بالطبع مع أطماع تلك القوى.. ما العمل؟ احتشدت أساطيل تلك القوى مجتمعة، وانقضت - بكل غدر ومكر - على الأسطول المصري فحطمته تماما.
هذا ما جرى للأسطول الذي بناه المصريون في عهد محمد علي باشا يوم 20 أكتوبر عام 1827م.. في معركة نفارين البحرية.
قوى أجنبية أخرى أخذت تفكر.. لقد استطاعت مصر أن تلم شمل العروبة من أقصاها إلى أقصاها، وساندت كل حركات التحرر الوطني التي هبت ضد المستعمرين الأجانب في الجزائر والعراق واليمن وفي كل قطر يصبو للتحرر من أغلال المحتل الأجنبي.. ما العمل؟. انقضت الطائرات الصهيونية – الأمريكية ومعها كل القوى الأجنبية - بصورة أو بأخرى - على مطارات مصر في توقيت واحد، وكان أن حطمت الطائرات المصرية تماما.
هذا ما حدث يوم 5 يونيو عام 1967م.
بعد 20 أكتوبر 1827 لم تستسلم الإرادة المصرية فكان أن نهضت من كبوتها وبدأت تتألق.. وبعد 5 يونيو 1967م لم تنكسر الإرادة المصرية... انكسر الجيش حقا.. لكن الإرادة لم تنكسر، وكان أن بدأت حرب الاستنزاف المجيدة التي توجت بعد ذلك بما كان الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر يعد العدة له.. عبور أكتوبر العظيم الذي تكاتفت في سبيل إنجازه كل القوى العربية.. الثورة والثروة.. الجيش والنفط.
توهم البعض منا أن حرب أكتوبر 1973 هي آخر الحروب بيننا وبين الكيان الصهيوني. لكن هذا الكيان العنصري جعل التوهم مجرد فقاعة سرعان ما تلاشت عندما قام بغزو لبنان والوصول بقواته إلى أول عاصمة عربية بعد "القدس" عاصمة فلسطين، وكان ذلك يوم 6 يونيو 1982.
المتوهمون منا تصوروا أن أكتوبر آخر الحروب. ولما كان الكيان الصهيوني يريد أن ينسينا أننا انتصرنا عليه.. فإنه اختار أن يذكرنا بيوم 5 يونيو 1967 حينما اندفع إلى لبنان يوم 6 يونيو 1982.
والآن.. ما العمل؟
هذا سؤال موجه لنا وحدنا نحن العرب.. لأن العدو وكل القوى الأجنبية التي تتربص بنا تدرك جيدا ما تعمله وهي لا تفكر بمنطق الأهواء السريعة. وإنما تبني فكرها بناء متناسقا وتقيم بناءها وفق جدول زمني دقيق.. أما نحن.. فكلنا نعلم كيف نعمل؟
والآن.. ما العمل؟
نستطيع أن نؤرق القوى الأجنبية.. بالعمل على أن يكون لنا فكر متسق لا ينقلب مع عواصف الأهواء، ولندرك أن ما نقوله من أن مصيرنا واحد هو حقيقة وليس شعارا.. وبعدها فلننطلق بكل ثقة على طريق المستقبل، لكن ما أقوله الآن يبدو لي – وبكل أسف - مجرد حلم سرعان ما يتوارى!