Friday, June 15, 2012

مصر والدور القيادي المنشود

احمد عبده ناشر
تشكل مصر للعرب قلعة مهمة، فهي دولة كبرى وموقعها استراتيجي مهم من حيث إنها قلعة مهمة للدفاع عن القضايا العربية وهي السور الذي يعتمد عليه العرب بعد الله في قضية فلسطين، وإن كان الحكام في السابق أبعدوا مصر عن دورها القومي وحجموها ودخلوا في متاهات السلام الضعيف الذي جعل هذا البلد يفقد قوته ومكانته بسبب تحقيق أمجاد ومكاسب شخصية على حساب الأمة.
ودمروا قدرة شعب وأضعفوا دولة احتاجها العرب وبالذات شعب فلسطين المظلوم الذي حُرم من أرضه وأبسط حقوقه ولم يجد من يدافع عنها بعد أن خسر أكبر حليف وهو مصر. وحققت إسرائيل ما تريد، وإسرائيل تأخذ ولا تعطي، والغرب كذلك ليس له حليف إلا مصالحه، أخذوا الكثير من مصر ولم يعطوا شيئاً وباعوا السراب والأوهام لمصر التي واجهت انفجاراً سكانياً وبطالة وسوء خدمات وعليها ديون وأعباء ومشاكل، ولكن من فضل الله بقيت القوات المسلحة ولم تُدمر كالعراق.
نعم الحكم السابق استخدم ذلك في أهواء وأضعف قدرات ومعنويات هذا الجيش الذي يذكرنا بتاريخه وهو لا يحمل فكراً معادياً حزبياً كحال بعض الجيوش التي تحكمها أحزاب، واليوم وقد جاءت الفرصة لإصلاح الماضي والبدء في صفحة مشرقة، فلا نريد أن تضيع هذه الفرصة في مهاترات وصراعات جانبية وتلاسنات وإهدار للطاقة والإمكانيات.
الوقت لا يتسع والظروف خطيرة، لذا لا يمكن لمصر أن تمارس دورها دون تنازل الجميع لمصلحة البلاد، لذا ناشد الكثير لقيام مجلس رئاسي وهو خطوة إيجابية ممتازة، هناك من يريد أن يشغل الناس في سجال وجدال، وأجهزة الإعلام تشجع ذلك وتسعى فيه، ولكننا لسنا في دور تسجيل مواقف وإظهار سجال وجدال لا فائدة منه. الشعب المصري يريد إصلاح وضعه الزراعي والثروة الحيوانية والخدمات الصحية والمياه وكل الخدمات الضرورية من طرق وتعليم، والشباب يريد أن يرى ذاته، يريد إنهاء البطالة وبرامج للعمل واستخدام طاقاته وحماية هويته وذاته. ورجال الأعمال يريدون أن يروا الأمان للحفاظ على استثماراتهم ومحلاتهم ويريدون تسهيلات تشجع على النمو والصناعة، والاحتقان والمسيرات والمظاهرات والاعتصامات تعرقل ذلك، وقد تقود البلاد إلى هاوية خطيرة.
فقد آن الأوان للعقلاء للجلوس مع بعض ومناقشة الأمور بعيداً عن الأضواء، فالتوافق هو الحل ونصيحتي للتيارات الإسلامية ألا تقع في غلط فاحش وتنخدع بالشعارات واستعراض القوة وتصفية حسابات الماضي، وأن يحمدوا الله أن وجدوا فرصة لإصلاح ما سبق. فعليهم نسيان الماضي والتفكير في الأمام والمسامحة والعفو وقوتهم هي السماحة والعفو ونسيان الماضي فجر جروح الماضي والخطب التي كان يقوم بها اليسار في الستينيات وأحمد سعيد وصوت العرب ستجلب عليهم الويل والدمار، عليهم إلجام المتحمسين والتعقل بأن يمدوا أيديهم للآخرين ويطمئنوا جميع الفئات ويقبلوا بالمشاركة مع الآخرين ويظهروا للجميع أنهم ليسوا عشاق سلطة، وأن يتخلقوا بأخلاق العفو التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. والرجل الآن ضعيف ويتركوا أمره إلى القضاء ويبدأوا في إعداد الدولة والاقتصاد وإصلاح ما أفسده الدهر وقوتهم ونجاحهم في إصلاح الأمور التي يشكو منها الشعب ومعاناة وأن يعقدوا على الأرض خطوات وليس كلاما، يبدأون بمد أيديهم للآخرين من الفئات الاقتصادية والسياسية والتعليمية والصحية ويبدأون رسم سياسة دولة حديثة، ويتفاوضون بالحكمة وأن يعترفوا بوجود أطراف ومشاركة جماعية وأن يتنازلوا لمصر وشعب مصر وتاريخ مصر.
هذه مرحلة اختبار وابتلاء أشد من السجون وأشد من غيرها وهي تحد لهم يراهن أعداؤهم على خسارتهم في معركة السلم والسلطة، فهل ينجحون؟ وإذا خرجوا من هذه الأحداث بخطب ملتهبة واستعراض قوة فلن يعودوا وسيحققون لحبيب العادلي وأمثاله ما لم يحلم به مجاناً. الله الله في مصر، الله الله في الأمة الإسلامية.