Friday, June 15, 2012

ممنوع تقدم العرب

يوسف القبلان
كتاب صادر عام ١٤٠٣ه/١٩٨٣م بعنوان (عروبتنا عام ٢٠٠٠م للدكتور السيد أبوالنجا يتحدث عن مستقبل العرب سنة ٢٠٠٠) منطلقاً من الواقع المعاش مشخصاً بعض المعوقات التي تقف في طريق التقدم مؤملاً التخلص منها في نهاية القرن العشرين.
يقول المؤلف تحت عنوان: (محنة الشهادات عندنا): «وكلما مرت الأيام زادتني يقيناً بأن التنمية مستحيلة مادمنا نعد الإنسان الذي يجيد الكلام عن الشيء، ولا يعرف الشيء نفسه. لقد تركنا التكنولوجيا إلى مجرد السرد والمعادلات، وتركنا العمل إلى النظر، وتركنا التدريب إلى المؤهلات الدراسية. إن استهلاك السلع المعمرة في العالم العربي يسير بنسبة أكبر منه في أي بلد آخر، فإذا توقفت الساعة لخلل يسير احترنا في العثور على من يصلحها فاضطررنا إلى شراء ساعة أخرى». انتهى كلام المؤلف.
نحن الآن في القرن الواحد والعشرين ولا يزال العرب يبدعون في الانشغال بقضايا ثانوية جدلية ليس لها مردود ايجابي يخدم المجتمع بل على العكس هي قضايا قد يخترعها البعض لمجرد الإثارة، والبحث عن الأضواء في زمن أصبح فيه المتلقي يبحث عن المعلومة السريعة، والرأي المثير، والأحكام القاطعة، والثقافة المبسطة. لم يعد للمتلقي وقت للتعمق الثقافي فهو مشغول ليس بالمصانع والمختبرات وإنما بوسائل الاتصالات لكي ينشغل بها عن الانتاج.
في المجتمعات المنتجة ينشغلون بالتطوير في كافة المجالات. ينشغلون بالعلوم، والتجارب، والمختبرات، وانتاج المعرفة، والبحوث التطبيقية، والاكتشافات الطبية وغير الطبية التي تخدم الإنسانية، ثم يأتي في المجتمع العربي من يشغلنا بقضايا هامشية ويحولها إلى قضايا يتحاور فيها الناس ويختلفون إلى درجة الجدل البيزنطي.
لقد أصبحنا مشغولين بأنفسنا لا لكي نبحث عن الجديد والمفيد ولكن لكي نكتشف مصطلحات جديدة، ومسميات، وأوصافاً، وألقاباً نطلقها على الأحداث والأشخاص، والمناسبات، ونطورها، فالهزيمة تتحول إلى نكسة، والعجز يتحول إلى مؤامرة، والمؤامرة مرة تدمرنا، ومرة تأتي على أزهار الربيع!
وهكذا يجد المقصر أو غير القادر في العالم العربي وفي أي مجال أن نظرية المؤامرة جاهزة لحمايته فهو لم ينجز لأنه يتعرض لمؤامرة، ولم يحقق النجاح لأن هناك من يتآمر عليه. وما سبق اسقاط يمارسه السياسي، والإداري، والتربوي، والرياضي الخ.. وهو إسقاط يمارس على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمع. بل ان التعليم وتطويره ونقل المجتمع إلى عصر العلم لا يتحقق بسبب المؤامرة، المؤامرة موجودة، لا يمكن إنكار وجودها بالمطلق، ولكن التقصير موجود وهو ليس بالضرورة ناتجاً عن المؤامرة!!
وإذا كانت المؤامرة موجودة فإن الطرف الثاني (المتآمر عليه) وهو يؤمن بنظرية المؤامرة وعلى قناعة قديمة بالمشروعات التآمرية ويتابع ويدرك مخططاتها منذ عقود من الزمن، وكل ما وقع حدث سياسي، أو اجتماعي جاء رد الفعل بخطاب جاهز يقول: «إنها المؤامرة»، فإذا كان ذلك كذلك فإن (المتآمر عليه) وهو يدرك حقيقة المؤامرة، ويعرف المتآمرين فماذا فعل لايقافهم؟ أليس الرد بلغة العلم والعمل أقوى من لغة الكلام؟
طوال القرن الماضي والخطاب العربي يتحدث عن الوحدة، والتقدم، والانتصار على الاستعمار، والرجعية، ومحاربة الأمية، والفقر، والنهوض بالأمة العربية إلى مصاف الأمم المتقدمة ودخل العرب في القرن (٢١) ولا يزال البحث جارياً عن معوقات التقدم ولأن البحث يحتاج إلى جهد ووقت وجدية وإرادة، فمن الأسهل أن نختزل كافة المعوقات في شيء واحد هو المؤامرة.