Friday, June 15, 2012

الموت.. لماذا لم يعد فكرة مخيفة

عضوان الأحمري
في كل أمة يكون للموت هيبة، ويصبح حديث العامة، ويخاف الجميع من الأمراض المعدية أو الفتاكة مثلما كانوا يخافون قديماً من"الطاعون". الآن، أصبح الحديث عن الموت كما لو أن الحديث هو عن سيارة جديدة، أو جهاز إلكتروني جديد، أو حتى رحلة استجمام.
في مجلس العزاء مثلا تجد أن أهل الميت هم الحزينون فعلاً، البقية يعبثون بأجهزة الجوال، بعضهم قد يرسل بعض النكات ويستقبل أخرى، وآخرون قد يرسلون رسائل نصية للأصدقاء ليقضوا وقتاً أجمل بعد مراسم العزاء، أي أن التعزية أصبحت واجباً اجتماعيا، ولا يفكر من يحضر للعزاء بالموت ولا بالخوف منه، بل هو يحضر مناسبة اجتماعية كما لو كان حاضراً لحفل زفاف أحد الأصدقاء.
وفي سورية، حيث المشهد الأكثر دموية، والمجازر شبه اليومية، ونحر النساء والأطفال على يد شبيحة الجزار بشار الأسد، تجد أن السواد الأعظم في الشبكات الاجتماعية يستخدمون هؤلاء الضحايا للمزايدة، فلا تستغرب لو رأيت أحدهم يزايد على بعض المهرجانات السياحية والعروض الموسيقية فيها، لكنه في نفس الوقت يبيح لنفسه الاحتفال بأي مناسبة، ولو كانت بلوغه مليون متابع على "تويتر".
باختصار، لا يليق بفكرة الموت، بل يليق بفكرة عدم الاكتراث له، أصبح الموت ضيفاً عابراً، والتفكير به مجرد تفكير لا يستغرق دقائق معدودة حتى يتحول التفكير لأمر مادي دنيوي بحت، وقد تجد أناساً يتباكون على مجازر السوريين الآن، وبعد دقائق يتابعون بشغف برامج المسابقات الترفيهية على إحدى الشاشات العربية. أي أن الحديث عن الموت والتفكير فيه والخوف منه أصبح مثل الحديث عن أي المطاعم أفضل لك ولعائلتك.