Friday, June 15, 2012

إيران تقترب من امتلاك السلاح النووي رغم فتوى الإمام

هدى الحسيني
من مفاعل «بارشين» إلى الحصول على «البلوتونيوم» تتجه إيران وبسرعة للتوصل إلى إنتاج الأسلحة النووية. ففي «بارشين» أجرت إيران عملية «محاكاة» لتفجير قنبلة نووية. وأظهرت صور الستلايت في 25 من الشهر الماضي أنه تم هدم مبنيين في المكان ولم يبق سوى آثار الجرافات التي أزالت المبنيين. منذ الكشف عن هذه الصور عمدت إيران إلى نفي كل هذا، وآخر ذلك كان يوم الاثنين الماضي حيث صرح وزير الدفاع الإيراني الجنرال أحمد وحيدي بأن «المزاعم القائلة بأن إيران تحاول محو أدلة من قاعدة بارشين العسكرية غير صحيحة وغير حكيمة». يلي هذا الأمر عملية التنظيف السابقة في الموقع نفسه في شهر أبريل (نيسان) الماضي، ويتسق هذا مع عمليات «التعقيم» التي أقدم عليها النظام في «لاويزان شيان» عام 2004، حيث كانت تجرى أبحاث نووية سرية في مركز البحوث الفيزيائية.
وأدت هذه الأنشطة إلى شبهات كثيرة حول الأنشطة العسكرية النووية التي كانت تجرى، إضافة إلى مسألة انكشافها، كما أسفرت عن لمحة من الضغوط الدولية التي تمارس على إيران في ما يتعلق بموقع «بارشين».
من جهة أخرى، هناك حدود للمدى الذي يستطيع الإيرانيون منع وصول المفتشين الدوليين إليه، بغض النظر عن التصريحات التي يدلون بها. آخر ادعاءاتهم تقول إن المفتشين الدوليين هم «جواسيس غربيون»، في حين أن مسألة «بارشين» هي في صلب النزاع الحالي، إلا أنه برزت على السطح جوانب تثير القلق تتعلق بسباق إيران للحصول على قدرات عسكرية نووية. وتتفاقم هذه القضايا مع عودة إيران إلى استراتيجيتها الطويلة الأمد المعروفة بالمماطلة وتجنب المواجهة ومحاولة استغلال الخلافات في الموقف لدى اللاعبين الدوليين، والاستفادة من المحادثات حول النووي لديها حتى تستنفدهم.
على مدى الأشهر الأخيرة، انتهك النظام الإيراني وبشكل مباشر كل المطالب الدولية بتثبيت جهاز طرد مركزي جديد في منشأة «فوردو» القائمة تحت الأرض بالقرب من مدينة قم. هذا سمح لإيران بإنتاج اليورانيوم المخصب حتى مستوى 20 في المائة، بشكل أسرع من أي وقت مضى. ففي شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2011، كان لدى إيران القدرة على إنتاج ما يقرب من 50 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى 20 في المائة في مدينة قم. لكن، بعد بضعة أشهر، في مايو (أيار) 2012، تضاعف هذا الرقم ثلاث مرات إلى 150 كغم في مدينة قم وحدها. كما أن إيران تنتج اليورانيوم المخصب في مفاعل «ناتانز».
علاوة على ذلك، وبدلا من تجميد هذا المستوى العالي من التخصيب، كما هو مطلوب منها دوليا، وأن توقف كل الأنشطة في قم – الموقع الذي حاولت إيران إبقاءه سرا عن كل العالم – فإن النظام الإيراني لا يسرع فقط في تخصيب اليورانيوم لكنه يعمل على بناء منشأة طرد غاز مركزي للتخصيب، إضافة إلى تلك العاملة حاليا في مدينة قم وفي «ناتانز». واحتمال إقامة محطة ثالثة للتخصيب تمت مناقشته في تقرير صدر مؤخرا عن معهد العلوم والأمن الدولي (الرابع من يونيو/ حزيران، 2012). على هذا النحو، إذا نجحت إيران في محاولتها هذه، ستكون لديها ثلاث محطات تعمل لتخصيب اليورانيوم.
من المعروف أن الانتقال من اليورانيوم المخصب بمستوى 20 في المائة إلى مستوى 90 في المائة (النسبة اللازمة لصنع أسلحة دمار شامل) يستغرق وقتا أقل وعملا مكثفا أقل أيضا، من تحقيق التخصيب بمستوى 20 في المائة. لذلك، فإن خطورة هذا التطور بالنسبة إلى الدول التي تعتبر إيران خطرا قائما أو محتملا، ليس مبالغا فيها. الملاحظ أن الذرائع التي تتحجج بها إيران لإقدامها على التخصيب بنسب أعلى مما هو مطلوب للحصول على الطاقة النووية، تثير سخرية الخبراء، مثل تأكيداتها الأخيرة أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هم «عملاء غربيون»، وأنها لهذا لا يمكنها منحهم حق الوصول إلى منشآتها. هي تدعي وعلى سبيل المثال، أنها تحتاج إلى قضبان الوقود النووي لإنتاج النظائر الطبية المشعة، وحسب خبير نووي فإن هذا ليس بالأمر الصحيح «إذ إن إيران تمكنت من أن تجمع 140 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى 20 في المائة، وهي كمية تكفي لتشغيل مفاعل الأبحاث في طهران لسنوات عديدة». ويضيف أن «قولها إنها تحتاج إلى المزيد من اليورانيوم المخصب لاستخدامها في المستقبل في هذا المفاعل أو غيره قول لا يستحق الثقة، لا بل من الواضح أنه صفعة في وجه الجولة المقبلة من المحادثات الدبلوماسية (تعقد في موسكو) وفي وجه الجهود التي يبذلها الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو».
في الواقع، أعدت إيران قاعدة تخصيب إضافية داخل منشأة قم، مع أغلفة فارغة جاهزة، لتثبيت أجهزة الطرد المركزي داخلها، وهذا بمثابة تحد لما يطلبه منها المجتمع الدولي. ويؤكد الخبير النووي أن قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم تتضاعف، وأن المراقبين الذين يلاحقون تصريحات البارزين في النظام الإيراني حول البرنامج النووي على بينة من الأمر، فالسنة الماضية في يونيو، أعلن الدكتور فريدون عباسي أن «الجمهورية الإسلامية سوف تضاعف ثلاث مرات إنتاجها من اليورانيوم المخصب في قم بمستوى 20 في المائة»، وهذا ما حدث بالضبط.
هناك مجال آخر تنتهك فيه إيران كل التزاماتها الدولية وبشكل صارخ، فهي تحاول سرا الحصول على البلوتونيوم، كطريق بديل لإنتاج الأسلحة النووية. ففي أواخر العام الماضي تمكنت «نقابة» من نقابات الجريمة المنظمة في «كومنولث الدول المستقلة» وهي: أذربيجان، أرمينيا، روسيا البيضاء، جورجيا، كازاخستان، قرغيزستان، مولدوفا، روسيا، طاجيكستان، تركمانستان، أوزبكستان وأوكرانيا، من الاتصال سرا بوسيط إيراني لبيعه بلوتونيوم بسعر مليوني دولار للكيلوغرام الواحد. إيران تحتاج إلى ستة كيلوغرامات لصنع قنبلة نووية، على الرغم، كما يقول الخبير النووي، من أنه يمكن صنع قنبلة نووية بكمية أقل.
الوسيط الإيراني شخصية معروفة في مجال انتشار الأسلحة النووية، وله اتصالات جيدة في جميع أنحاء أوروبا الشرقية، وروسيا وتركيا. وحسب المصدر نفسه تم إرسال عينات إلى إيران لإجراء اختبار عليها. الوسيط الإيراني ربما يعمل أو لا يعمل بشكل مباشر مع الدولة الإيرانية، لكن من دون شك فإنه إذا حصل على البلوتونيوم الذي يستخدم عسكريا، فإن هذه المادة ستصل إلى مسؤولين في إيران من رجال دين وسياسة.
للنظام الإيراني تاريخ في استعمال قنوات غير رسمية لاستيراد أسلحة من المواد الانشطارية (اليورانيوم والبلوتونيوم)، من أجل اختصار الوقت والخطوات المعقدة، لو أراد تحقيق ذلك بشكل مستقل. في ظل كل هذه التطورات لم يعد مستغربا إعراب المبعوث الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن خيبة أمله من المحادثات بين الإيرانيين والوكالة الدولية، التي جرت مؤخرا في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات الدبلوماسية. السنوات تمر، وإيران مستمرة في خرقها لالتزاماتها الدولية، مختبئة وراء «فتوى» أصدرها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، بأنه لن يسمح بإنتاج السلاح النووي. لذلك، كما يبدو، فإنها تتحايل على وكالة الطاقة الذرية لجهة عدم تمكين مراقبيها من القيام بعملهم. ومن المثير للسخرية أن الجولة المقبلة من المحادثات ستعقد في موسكو (18 و19) من الشهر الحالي.. موسكو التي ترى أن محورا يربطها بإيران وسوريا وكوريا الشمالية. لذا، ليس واضحا الآن ما إذا كانت إيران على استعداد لمحاولة إيجاد حل حقيقي للأزمة النووية التي طالت، أم لا، مع العلم بأن المجموعة الأوروبية ستفرض حظرا على استيراد النفط الإيراني بدءا من الأول من الشهر المقبل.