Friday, June 15, 2012

ما الذي يسعى إليه الأسد عبر مجازره

طارق محمد الناصر
عندما تقرأ في إحدى الصحف عن" المجزرة الجديدة" للنظام السوري، لا ينبغي عليك أن تركن إلى أن ما تقرأه دقيق. عدم الدقة ليس لان الصحيفة تضللك بل لان المجازر تتلاحق لدرجة أن كلمة "الجديدة" أصبحت لا تعبر عن وصف حال المجزرة.
اللافت هو عدم حياء النظام السوري في التنصل من هذه المجازر. فمثلا، أثبت تقرير المراقبين الدوليين أن حوالي نصف ضحايا مجزرة الحولة قضوا نتيجة قصف مدفعي ما يعني حتمية ضلوع قوات الأسد فيها. أما في القبير فقد ذكرت الناطقة باسم بعثة المراقبين"إن المراقبين شاهدوا أبنية مصابة برصاص من العيار الثقيل الذي يستخدم من أسلحة ثقيلة أو من حاملات الجنود"، وهذه، أيضا، أسلحة لا تتوفر إلا لقوات النظام.
ليس ذلك فحسب، بل إن ضحايا المجازر يكونون، حصرا، من السنة ما يرجح بقوة، حتى دون إجراء تحقيق دقيق في ملابساتها، أن يكون الوالغون في الدماء هم من قوات النظام او شبيحته. ورغم انه من المؤسف أن يتحدث المرء عن طائفة الضحايا كدليل على المجرمين إلا ان سلوك النظام السوري لا يدع مجالا لتجنب الحديث عن الطوائف.
فالنظام وصف الثوار، منذ البداية، بأنهم جماعات إرهابية سلفية واتهمهم بحمل السلاح. فعلها بغباء ولم يفطن إلى المأزق الذي أوقع نفسه فيه. نسي بأن طلائع الثائرين لم يكونوا ينادون، أصلا، بسقوطه. كانت هتافاتهم تنادي بالحرية والكرامة وتطالب بإطلاق سراح أبنائهم. قمعهم بوحشية، فكانت النتيجة أن أصبحت شرائح عريضة ومتزايدة من السوريين تتبنى، صراحة، مطلب إسقاطه.
وعندما أصبحت المظاهرات طبقا يوميا على المائدة السورية فعل كل ما بوسعه كي يعسكر المظاهرات سعيا منه في الحصول على مبرر لإطلاق يده لاستخدام الحديد والنار ضدهم. ولما تمكن من دفع الثورة للعسكرة وجد بان الخصم يتفوق عليه بميزة لا يقدر على منافسته عليها. فأفراد الجيش الحر خرجوا من نسيج الشعب ولحمايته، لذا فقد أصبحوا يتمتعون بدعم وحماية الشعب.
سورية، الآن، على مشارف حرب أهلية بتدبير من النظام. وهو يحاول، جاهدا، بمجازره المتتالية العزف على الوتر الطائفي كي يقع الجميع في أتون حرب طائفية كي يضمن، وفق تخطيطه، توحيد الطائفة حوله وربط مصيره بمصيرهم.
من المحتم، إن لم يبادر المجتمع الدولي بالتدخل، أن تتسبب هذه المجازر بانزلاق سورية إلى حرب أهلية شاملة ومفتوحة. وفي الحرب الشاملة يصبح قتل الأبرياء وغير المحاربين وارتكاب المجازر المروعة عملا روتينيا ويغدو المتطرفون، من كلا الجانبين، سادة المشهد.
ويبقى السؤال هو هل ينظر النظام للمجازر كإستراتيجية أم كتكتيك؟ وهل يسعى للحرب الأهلية أم انه يهدد بها؟