Friday, June 15, 2012

العقل البشري وإشكالية الوجود

خالد الوحيمد
منذ العصور القديمة والإنسان يتساءل عن وحدة الوجود ، كيف نشأ هذا الكون ؟ ومن نشأ ؟ ومن الصانع؟ وإلى يومنا هذا مُصِّر على ذلك برغم كل الكتب السماوية التي أنزلت عليه ، إضافة لإثبات كافة العلوم لنظرية الوجود.
الإنسان القديم ونعني ألا عقلي وهي الحقبة التي سبقت الأنبياء ، كان يعيش بلا معرفة ، وبلا فكر ، حيث يأنس في الغابات ويطارد الوحوش وينام في الكهوف ، نستطيع أن نصنفه الإنسان البهيمي.
وعندما تولد الفكر في الذهن تميز الإنسان عن سائر المخلوقات ، أصبح يفكر عن الأشياء من حوله كالأرض والنجوم والجبال والشجر ...الخ نستطيع أن نبرهن أنها مجموعة أفكار تكونت لحل المشكلات الأكثر تعقيداً ، وهذا ما يقودنا للفلسفة المادية ،أي معرفة الأشياء حسياً ومنطقياً وعلمياً ، نترك الفلسفة المادية جانباً ولا نريد الخوض فيها، فهي تحتاج استيعاباً كبيراً.
نبدأ بحادثة يعرفها الجميع وهي قصة إبراهيم عليه السلام وهو أحد الأنبياء الذي قاده النضوج العقلي أو الفكري إلى معرفة الله ، وذلك لطرح الأسئلة الأكثر تعقيداً ، عن الوجود ؟ ومن هو ربه ؟ حتى أدرك ذلك حسياً ، واصطفاه الله بدرجة النبوة ، أي بلوغ الكمال، وبرغم كل ذلك تنقصه الطمأنينة في القلب ، حين سؤاله كيفية إحياء الموتى ، وبرهن له الله ذلك معرفياً بمادة ملموسة.
من هنا نستنتج أن العقل البشري الحديث لا حدود له في التفكير ، لقد فاق الحدود وأصبح يسأل عما وراء الطبيعة ( الميتافيزيقية ) اختصرها (هيغل) بهذا المصطلح ، وهو يعد أشهر فيلسوف مثالي.
لكن هناك من يتصدى لحدود العقل الفكري أو المنطقي وهو القلب أي طمأنينته ، كم أسلفنا بحوار إبراهيم مع الله ليطمأن قلبه ويكفيه عن الأسئلة التي تقود صاحبها إلى الإلحاد.
دائماً الله يخاطب الإنسان بضبط فكره من خلال قلبه بقوله: (ألهم قلوباً يعقلون بها) أي ضبط النفس وتعقلها عن التفكير الزائد عن حده وطمأنينه القلب في وزن التفكير في معرفة الحقيقة ووضوحها.
وأيضاً خطاب آخر من الله وهو (لَهُم قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ولَهم أَعينٌ لا يبصِرون بِها وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا) وهذا واضح للجهلاء الذين أشركوا مع الله إلهاً آخر حتى نسوا من هو الخالق.
ومن هنا يدرك الإنسان العاقل أن هناك رباً سيد هذا الملكوت مُقدر كل شيء ، وإن الوجود يسير وفق آلة زمنية دقيقة في الحساب وإن كل شيء مستقر ، ليس الاستقرار نعنيه السكون أو الجمود ، إنما في الحركة كدوران الشمس حول محورها وتتبعها الكواكب حولها بلا فوضى بقانون يحكمها ضد الانفلات ، والحركة دائمة في كل المجرات ولها قوانين ولا زال العلم يبحث.