Friday, June 15, 2012

بعض الدول تختار أعداءها

شريفة الشملان
هل تختار الدول أعداءها ؟ سؤال قد يبدو غريبا لأبدأ به مقالي اليوم ، ولكن لابد من طرحه قبل أن أصل لموضوعي الأصلي .
الجواب قد يبدو بذاته عبارة عن أسئلة تحمل أجوبة وقد لا تحمل ، هناك دول تعرف كيف تختار أعداءها وتعرف أيضا لماذا تختار هؤلاء بذاتهم ، وكل دولة لها مسبباتها لاختيار عدو أو أعداء دون غيرهم ..
هذه الأسباب تختلف حسب حجم الدول وقوتها وموقعها ،، والدول إنتاج بشري ، يسيّسها عقل كما العقل البشري ، تختلف إمكانات هذه العقول حسب معطيات كثيرة ، منها قوة الدولة ، تاريخها ، وتراكمات هذا التاريخ ،. قوتها العلمية والبشرية ، بعدها وقربها من أعدائها .. كما تتنوع أسباب اختيار الأعداء وكيفية العبث بهم ، وتفتيت قوتهم بطرق مباشرة أحيانا وغير المباشرة في أحايين كثيرة ..
من أسباب البحث عن عدو أسباب اقتصادية وهذه معروفة منذ القدم ، وعبر الغزوات التي تشنها الدول على بعضها البعض ، لتجريد الدول العدوة من محاصيلها واختطاف مواردها..
ومع تطور الزمن وتطور الأدوات كان هناك أكثر من نهب محاصيل وحرق حقول بل العمل على امتصاص الموارد ، بعداوة ليست واضحة المعالم ، بل مغلفة بالود تارة، والمحافظة على كيان الدولة المستهدفة ، كربطها بمعاهدات طويلة الأمد لاستغلال مواردها الطبيعية ، أو بتوريد الأسلحة ، أو العمل على المحافظة على أمنها الداخلي .. والشواهد كثيرة في عصرنا الحالي .
إن استقرار الدول التي توضع بخانة الأعداء وإن أظهرت غيره ، يعني ذلك بعد فترة تطول وتقصر الاستغناء عن الدولة الكبرى وخدماتها ، لذا لابد من تفتيت هذا الاستقرار ، بطرق كثيرة ، وأهمها استنزاف الطاقة البشرية ، عبر بوابات عدة ، الطائفية والعرق أوسع أبوابها ، وهو تجهيز للدول لتكون لقمة سهلة البلع ، كما تدفع اللقمة بالماء .. والشواهد أيضا كثيرة ..
من العوامل التي تجعل الدول خاصة الكبرى تتفنن باختيار الأعداء حتى بطرق غير إنسانية ولا شريفة ، هو التنمية الداخلية للدولة ، وخاصة في حالات الركود الاقتصادي ، وهو رمي كما يقال عصفورين بحجر (ولو أنني لا أحبذ هذا الاستعمال فالعصافير لاترمى) أولًا صرف وجهة نظر الشعب عن الأزمة من جهة ، وإيجاد موارد من جهة أخرى تعود عليه بالمال.. والشاهد هنا حرب أمريكا على العراق ، حيث استثمرت الشركات الأمريكية الكثير في هذه الحرب ، استفادت من مشروع سرقة ما سمي بشركات إعمار العراق ..
الدول الذكية غالبا لا تخلق أعداء قريبين منها ، خاصة على الجوار ، لنا مثلا في دول أوروبا ، ومحاولة دول الآسيان في آسيا ، الخروج من مأزق كوريا الشمالية ، بحيث بقيت الحالة لا حربا ولا سلما ، لكنها لاتعيق حركة النمو والازدها في بلدان الآسيان..
دم المسلمين لم يجف بعد من حرب تحرير أفغانستان من السوفيات ، رغم أن دخول السوفيات كان دخولا رسميا ، بطلب من حاكم أفغانستان آن ذاك ، المهم تفتت الاتحاد السوفياتي ، واجتمع حلف الأطلسي ليحتفل بالنصر المبين والذي بني على جماجم المسلمين ، وخرج سكرتيره ليعلن أن العدو الآن (المسلمون!!).. هي لم تكن زلة لسان كما تم الاعتذار عنها في حينه ، لكنها الحقيقة التي سجلها الحلف في سجلاته .. وكان الصيد جاهزا ..المسلمون الموجودون في أفغانستان ، منهكة قواهم يسترجعون الأنفاس ويقيمون الأفراح بالانتصار المسروق ، حتى جاءت الضربات، وهنا لابد من تذكر! كلمة عنترة بن شداد حين سئل عن انتصاراته ، فقال: (إنني آتي أضعف القوم فأضربه، فينخلع قلب أشجعهم ، فأثني به).. وصارت مطاردة القاعدة المطاردة الكبرى في وقتنا الحالي..