يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1981 السبت 14 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1981 السبت 14 مايو 2011
كيف ينبغي التعامل بين الطائفة السُنية وأنصار ولاية الفقيه من الطائفة الشيعية المدعومين من قبل واشنطن؟ المعادلة الفريدة التي ابتكرها تجمع الوحدة الوطنية عندما تأسس في فبراير الماضي، بوجود ثلاثة أطراف في النظام السياسي البحريني: الطائفة السُنية، والطائفة الشيعية، والعائلة المالكة خلقت درجة كبيرة من التوازن بين مختلف مكونات المجتمع المحلي، بعد أن ظلت المعادلة مقتصرة على طرفين فقط طوال أكثر من 30 عاماً لأسباب متعددة. ففي المرحلة التي سبقت تأسيس تجمع الوحدة الوطنية كان التحالف بين الطائفة السُنية والعائلة المالكة يخوّل الأخيرة الدفاع عن الأولى، والحديث باسمها وحماية مصالحها وتحديد حجم المكتسبات التي يمكن الحصول عليها. إلا أن مرحلة ما بعد تأسيس التجمع أصبح الوضع مختلفاً فرغم استمرار التحالف إلا أن الجديد في المسألة هو زيادة نسبة اعتماد الطائفة السُنية على ذاتها في حماية مصالحها ومكتسباتها، وهو أمر نادر في التاريخ السياسي البحريني، ويذكرنا بالأوضاع السياسية التي شهدتها البحرين في بداية القرن العشرين. الآن بات تجمع الوحدة الوطنية قادراً على جمع مطالب الطائفة السُنية والعمل على تحقيقها بشكل أكثر استقلالية ووضوحاً عن ذي قبل. ومثل هذا النشاط السياسي لا يعني تماماً التأثير سلباً على تحالفه مع العائلة المالكة، أو حتى انتقاصاً لولائه تجاهها باعتبارها صمّام الأمان للمعادلة الثلاثية في حكم الدولة البحرينية تماماً لأن العلاقة بين الطرفين أكبر من اختزالها في تحالف فالمصالح المشتركة والعلاقات التاريخية عميقة للغاية ومن الصعوبة بمكان تجاهلها، وتصل المسألة إلى درجة استمرار الولاء والتحالف حتى إن لم تتحقق مطالب أنصار تجمع الوحدة الوطنية كما كان ذلك واضحاً خلال فترة الأحداث الأخيرة التي سبقت المحاولة الإرهابية لإسقاط نظام الحكم في فبراير الماضي. اللافت في تجمع الوحدة الوطنية هو قدرته السريعة في الحصول على الشرعية السياسية من قبل الطائفة السنية خلال أيام معدودة، بحيث تكون هناك مرجعية سياسية للطائفة لأول مرة تاريخياً. بالإضافة إلى ذلك فإن التجمع استطاع زيادة قوته السياسية بضم حلفاء جدد من مكونات النظام السياسي مثل طائفة البهرة، وهو ما يتيح المجال خلال الفترة المقبلة لإضافة هؤلاء الحلفاء مثل الطائفتين اليهودية والمسيحية. هذه الخطوات خلقت تحدياً كبيراً لأنصار ولاية الفقيه من الطائفة الشيعية وكذلك لواشنطن التي كانت تدعمها وفقاً لرؤيتها باستحداث حلفاء جدد. والسؤال هنا هو كيفية التعامل مع هذين الطرفين؟ الوضع الحالي يستدعي خلق حالة علنية معادلة لنظرية ولاية الفقيه وأنصارها باعتبارها نظرية سياسية تستهدف كيان الدولة البحرينية، بحيث يصل الوضع إلى درجة الاجتثاث. فنظرية ولاية الفقيه نظرية متطرفة تقوم على سلوكيات إرهابية من الدرجة الأولى، ودليل ذلك الممارسات التي شهدتها البحرين وكذلك بعض دول مجلس التعاون الخليجي منذ اندلاع الثورة الإيرانية في طهران عام .1979 أما بالنسبة لواشنطن فينبغي عليها أن تدرك فشل التوجه الاستراتيجي الذي تنتهجه في سياساتها الخارجية منذ بداية السبعينات لإيجاد بدائل عن حلفائها التقليديين، بحيث يكون الخيار بين استمرار التحالف مع الحلفاء التقليديين أو إيجاد بدائل عن التحالف التقليدي مع واشنطن كما هو الحال بالنسبة لخيارات توسيع نطاق منظومة مجلس التعاون الخليجي، أو تكوين تحالفات دولية جديدة مع تركيا والصين وباكستان وغيرها. يتبع هذا الطرح المزيد من التحليل على موقف الإدارة الأمريكية من أحداث البحرين، وموقفها من الطائفة السُنية في مرحلة ما بعد أزمة فبراير، وإمكانية حدوث تغيير استراتيجي في السياسة الخارجية الأمريكية خلال الفترة المقبلة، وهو ما سنناقشه غداً.