Tuesday, July 19, 2011

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬المعادلة الثلاثية

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1981 السبت 14 مايو 2011

كيف‮ ‬ينبغي‮ ‬التعامل بين الطائفة السُنية وأنصار ولاية الفقيه من الطائفة الشيعية المدعومين من قبل واشنطن؟ المعادلة الفريدة التي‮ ‬ابتكرها تجمع الوحدة الوطنية عندما تأسس في‮ ‬فبراير الماضي،‮ ‬بوجود ثلاثة أطراف في‮ ‬النظام السياسي‮ ‬البحريني‮: ‬الطائفة السُنية،‮ ‬والطائفة الشيعية،‮ ‬والعائلة المالكة خلقت درجة كبيرة من التوازن بين مختلف مكونات المجتمع المحلي،‮ ‬بعد أن ظلت المعادلة مقتصرة على طرفين فقط طوال أكثر من‮ ‬30‮ ‬عاماً‮ ‬لأسباب متعددة‮. ‬ ففي‮ ‬المرحلة التي‮ ‬سبقت تأسيس تجمع الوحدة الوطنية كان التحالف بين الطائفة السُنية والعائلة المالكة‮ ‬يخوّل الأخيرة الدفاع عن الأولى،‮ ‬والحديث باسمها وحماية مصالحها وتحديد حجم المكتسبات التي‮ ‬يمكن الحصول عليها‮. ‬إلا أن مرحلة ما بعد تأسيس التجمع أصبح الوضع مختلفاً‮ ‬فرغم استمرار التحالف إلا أن الجديد في‮ ‬المسألة هو زيادة نسبة اعتماد الطائفة السُنية على ذاتها في‮ ‬حماية مصالحها ومكتسباتها،‮ ‬وهو أمر نادر في‮ ‬التاريخ السياسي‮ ‬البحريني،‮ ‬ويذكرنا بالأوضاع السياسية التي‮ ‬شهدتها البحرين في‮ ‬بداية القرن العشرين‮.‬ الآن بات تجمع الوحدة الوطنية قادراً‮ ‬على جمع مطالب الطائفة السُنية والعمل على تحقيقها بشكل أكثر استقلالية ووضوحاً‮ ‬عن ذي‮ ‬قبل‮. ‬ومثل هذا النشاط السياسي‮ ‬لا‮ ‬يعني‮ ‬تماماً‮ ‬التأثير سلباً‮ ‬على تحالفه مع العائلة المالكة،‮ ‬أو حتى انتقاصاً‮ ‬لولائه تجاهها باعتبارها صمّام الأمان للمعادلة الثلاثية في‮ ‬حكم الدولة البحرينية تماماً‮ ‬لأن العلاقة بين الطرفين أكبر من اختزالها في‮ ‬تحالف فالمصالح المشتركة والعلاقات التاريخية عميقة للغاية ومن الصعوبة بمكان تجاهلها،‮ ‬وتصل المسألة إلى درجة استمرار الولاء والتحالف حتى إن لم تتحقق مطالب أنصار تجمع الوحدة الوطنية كما كان ذلك واضحاً‮ ‬خلال فترة الأحداث الأخيرة التي‮ ‬سبقت المحاولة الإرهابية لإسقاط نظام الحكم في‮ ‬فبراير الماضي‮.‬ اللافت في‮ ‬تجمع الوحدة الوطنية هو قدرته السريعة في‮ ‬الحصول على الشرعية السياسية من قبل الطائفة السنية خلال أيام معدودة،‮ ‬بحيث تكون هناك مرجعية سياسية للطائفة لأول مرة تاريخياً‮. ‬بالإضافة إلى ذلك فإن التجمع استطاع زيادة قوته السياسية بضم حلفاء جدد من مكونات النظام السياسي‮ ‬مثل طائفة البهرة،‮ ‬وهو ما‮ ‬يتيح المجال خلال الفترة المقبلة لإضافة هؤلاء الحلفاء مثل الطائفتين اليهودية والمسيحية‮. ‬ هذه الخطوات خلقت تحدياً‮ ‬كبيراً‮ ‬لأنصار ولاية الفقيه من الطائفة الشيعية وكذلك لواشنطن التي‮ ‬كانت تدعمها وفقاً‮ ‬لرؤيتها باستحداث حلفاء جدد‮. ‬والسؤال هنا هو كيفية التعامل مع هذين الطرفين؟ الوضع الحالي‮ ‬يستدعي‮ ‬خلق حالة علنية معادلة لنظرية ولاية الفقيه وأنصارها باعتبارها نظرية سياسية تستهدف كيان الدولة البحرينية،‮ ‬بحيث‮ ‬يصل الوضع إلى درجة الاجتثاث‮. ‬فنظرية ولاية الفقيه نظرية متطرفة تقوم على سلوكيات إرهابية من الدرجة الأولى،‮ ‬ودليل ذلك الممارسات التي‮ ‬شهدتها البحرين وكذلك بعض دول مجلس التعاون الخليجي‮ ‬منذ اندلاع الثورة الإيرانية في‮ ‬طهران عام‮ ‬‭.‬1979‮ ‬ أما بالنسبة لواشنطن فينبغي‮ ‬عليها أن تدرك فشل التوجه الاستراتيجي‮ ‬الذي‮ ‬تنتهجه في‮ ‬سياساتها الخارجية منذ بداية السبعينات لإيجاد بدائل عن حلفائها التقليديين،‮ ‬بحيث‮ ‬يكون الخيار بين استمرار التحالف مع الحلفاء التقليديين أو إيجاد بدائل عن التحالف التقليدي‮ ‬مع واشنطن كما هو الحال بالنسبة لخيارات توسيع نطاق منظومة مجلس التعاون الخليجي،‮ ‬أو تكوين تحالفات دولية جديدة مع تركيا والصين وباكستان وغيرها‮.‬ يتبع هذا الطرح المزيد من التحليل على موقف الإدارة الأمريكية من أحداث البحرين،‮ ‬وموقفها من الطائفة السُنية في‮ ‬مرحلة ما بعد أزمة فبراير،‮ ‬وإمكانية حدوث تغيير استراتيجي‮ ‬في‮ ‬السياسة الخارجية الأمريكية خلال الفترة المقبلة،‮ ‬وهو ما سنناقشه‮ ‬غداً‮.‬