يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1975 الأحد 8 مايو 2011
صحيفة الوطن - العدد 1975 الأحد 8 مايو 2011
تورط جمعية الوفاق في أحداث فبراير الماضية التي دعت إلى إسقاط النظام وإنهاء الحكم السُني للبحرين معروف جداً للجميع، ولكن كيف نفسّر أسباب لجوء أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان إلى حكومة بغداد برئاسة نوري المالكي؟ كما تحدثنا سابقاً فإن وفد الوفاق الذي زار بغداد قبيل انتخابات 2010 التقى العديد من الشخصيات الدينية والسياسية في العراق، ومن هذه الشخصيات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي طلب من الجمعية الاستفادة من تجربة حزب الدعوة العراقي الحاكم في ظل تشابه التحديات بين العراق والبحرين. وهذا الموقف من رئيس الوزراء العراقي يكشف لنا كيف ينظر حزب الدعوة العراقي الحاكم تجاه سُنة البحرين، وضرورة استبدال حكمهم وحكم العائلة الخليفية المالكة، فمن الواضح أن التحديات التي تحدث عنها المالكي هي استمرار الحكم السُني وضرورة العمل على تغييره عبر الاستفادة من التجربة العراقية لتغيير النظام والتي تمت بشكل مزدوج عبر العمل من الداخل والخارج. لذلك كانت واشنطن داعمة لحكم المالكي وحزب الدعوة في العراق من أجل تعزيز الترابط بين منظومة ثلاثية من طهران مروراً ببغداد وصولاً إلى البحرين التي يفترض أن تكون مدخلاً لتغيير الأنظمة السياسية الخليجية وتغيير الحلفاء السُنة التقليديين في المنطقة لصالح النفوذ الشيعي الداعم لولاية الفقيه. واللافت أن الوفاق استفادت كثيراً من تجربة حزب الدعوة العراقي لضرب سُنة البحرين بمطالباتها في أحداث فبراير ـ مارس بإسقاط النظام السياسي. فعلى سبيل المثال قام حزب الدعوة في العراق خلال حكم البعث وأيام الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر بتنظيم مسيرة ''سلمية'' تتحدى الحكومة العراقية عام 1977 من النجف إلى كربلاء وهو ما أطلق عليها الحزب آنذاك (انتفاضة صفر الجريئة). مثل هذه الحادثة تذكرنا بالتحدي الذي قام به أنصار ولاية الفقيه من تيار حزب الدعوة في البحرين (الوفاق + شباب 14 فبراير) من مسيرات تتحدى الدولة البحرينية بالتوجه إلى مجلس الوزراء أو الديوان الملكي بالرفاع أو حتى إلى قصر الصافرية. ومازالت الأعمال الإرهابية التي قام بها حزب الدعوة الحاكم في بغداد في الذاكرة الخليجية من تفجير السفارة العراقية في بيروت عام ,1981 وتفجير وزارة التخطيط العراقية عام ,1982 وتفجير السفارة الأمريكية في الكويت عام ,1983 ومحاولة اغتيال أمير الكويت الراحل عام ,1985 وتفجير فندق الميريديان بالكويت عام ,1987 وخطف الطائرات مثال الجابرية وكاظمة في الثمانينات بالتنسيق مع حزب الله اللبناني. بحرينياً نتذكر المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قام بها أنصار ولاية الفقيه بدعم من إيران وحزب الدعوة عام .1981 واشنطن لم تكن تهتم لمثل هذه الأنشطة بقدر اهتمامها بتعزيز نفوذها في منطقة الخليج العربي عبر زيادة نفوذ أنصار ولاية الفقيه في بغداد والبحرين. ولم يكن في دائرة اهتمامها بشكل رئيس موقف سُنة البحرين من هذه الأحداث لأنها كانت تسعى لإيجاد حلفاء جدد، والتخلص من الحلفاء التقليديين. ولنتحدث هنا عن مسألة هامة للغاية، ففي الثمانينات قام حزب الدعوة العراقي المؤمن بولاية الفقيه بسلسلة من العمليات الإرهابية كما عرضناها قبل قليل في منطقة الخليج، ولكن واشنطن لم تطلق حملة لمكافحة حزب الدعوة كما فعلت عندما شهدت المنطقة عمليات إرهابية مماثلة في السعودية وبعض دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أطلقت حينها حملة لمكافحة الإرهاب الذي قام به تنظيم القاعدة. والخلاصة أن واشنطن غضت الطرف عما يمكن تسميته بالإرهاب الشيعي، مقابل مكافحتها للإرهاب السني، والنتيجة في النهاية معروفة. السؤال الذي سنحاول الإجابة عليه غداً، هو ما تأثير خسارة الإسلاميين السُنة في انتخابات 2010 على علاقة سُنة البحرين بواشنطن في ظل مساعي الأخيرة لإيجاد حلفاء جدد؟